رفقا بالزوجات



فوزي بن يونس بن حديد
2012 / 6 / 24


مرضت زوجتي فلم أجد بُدًّا من أن أتزعم شؤون البيت لا سيما وأن أطفالي صغار، أجسامهم لا تتحمل عبء البيت، ذلك العمل الذي يبدو ثقيلا على الرجل لأنه لم يتعود أو يعود نفسه عليه، تبرّمت في البداية وربما غضبت لأنه ليس لديّ وقت لأقف في المطبخ أو لأفتح غسالة الملابس أو أمسك بمكنسة لأنظّف البيت، كنت أتمنى أن أجد من يساعدني على تحمّل المسؤولية التي فاجأتني ودون سابق إنذار مع العلم أني لا أحبّذ وجود عاملة في البيوت لأن ضررها أكبر من نفعها.
وبعد عزيمة قوية تغلبت على وساوس الشيطان ونظرت إلى نفسي وإلى من حولي فوجدت أن الأمر يستحق التدخل الفوري وتذكرت قول الرسول صلى الله عليه وسلم :"خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي" وعندما سئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عما كان يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته أجابت: كان يخصف نعاله ويخيط ثوبه وينظف بيته. فقلت في نفسي بعدها ماذا أنت فاعل؟ والرسول صلى الله عليه وسلم قد فعل ذلك وعائشة معافية سليمة فبالك وهي مريضة!
تملكتني الشجاعة الكافية لأقضي على كل وسواس وأشمر عن ساعدي رغم أنه ليست المرة الأولى ولكنها كانت المرحلة الأصعب فقمت ما كانت تقوم به في البيت وأحسست أن المرأة تجاهد وتكابد فما إن غسلت الأواني حتى أدركت قمة المعاناة التي تتحملها المرأة كل يوم في البيت، وأستغرب من المرأة العاملة كيف توفق بين الأمرين وهما أمرّان وشعرت أن من حقها أن ترفع شعار التحدي أمام الرجل المتصلب الذي لا يعي ما تفعله المرأة وما تتحمله.
من حقها أن تشتكي إلى ربها من زوجها إذا كان يدير ظهره إليها ولا يعينها على تحمل أعباء الحياة ولكن بعض الرجال لا يبالون بما يرون ولا يفعلون أدنى ما يمكن أن يعينوا به زوجاتهم، من حقها أن ترفع دعوى ضد الرجل العنيد الذي لا يعبأ بالمسؤولية المشتركة التي أمر بها الإسلام وحث عليها، من حقها أن تعلن أن الرجل أناني يعتقد باطلا أن من واجب المرأة توفير الراحة الكاملة في البيت دون مراعاة لحالتها النفسية أو الصحية أو الاجتماعية، فالمهم عنده أن يتمتع بالحياة الناعمة من غير خلل أو ملل بدعوى القوامة التي جاءت في قوله تعالى:"الرجال قوامون على النساء" رغم أن القوامة هنا لا تعني التسلط أو القهر وإنما تعني الإشراف العام على الأسرة.
إن الحياة بين الزوجين شراكة في كل شيء، في تنظيف البيت وتحضير الأكل والعمل خارج المنزل وتربية الأولاد، وحينما تتحقق هذه الأهداف تنقشع سحابات الخلافات لأن المرأة في أصلها حسّاسة عندما ترى زوجها معها في البيت يعاملها كشريك لا كعاملة منزل يكبر في عينها، وتزداد محبته، وعندما لا تسمع منه إلا أُفًّا، ولا ترى منه إلا عبوسا ولا تستلم منه درهما تشعر أنها تعيش كوابيس الحياة أمامها فلا الزوج يعين ولا الأبناء يساعدون، كل شيء أمامها ظلمة وعتمة فتسعى إلى استحداث المشكلات وتعبّر عن مأساتها بين الحين والآخر، فيتوتّر الزوج وينزعج من تصرفاتها فيطلب الطلاق كحل لهذه الأزمة، ويسعى إلى البحث عن أخرى ولكنه لا يعلم أن بنات حواء سيان لا فرق بين واحدة وأخرى إلا ما قدّمتَ لها من وجبات تعبر عن صدقك وحبك لها.
إذا أردت أن تعيش تجربة في الحياة فعليك أن تعلم أن الحياة عقد شراكة بين الزوجين، ولكن في حدود المعقول الذي لا يخل بمروءة الرجل ولا يعزّز سلطة المرأة.
دعوة للرجال بأن يرفقوا بالقوارير وبالنواعم فإنهن خلقن رياحين وكلنا يشتهي شم الرياحين، فلا تتركوهن يذبلن أمام أعينكم بل ساعدوهن وكونوا شركاء وخير معين لهن تسعدون دنيا وأخرى.