مجتمع الذكورة الصارخة



ليلي عادل
2005 / 2 / 8

ما أستفز في داخلي رغبة الكتابة بعد انقطاع سبّبه وضع صحي سيئ, و نفسية يائسة ..لقائي بإحدى السيدات من المعارف في أحد أسواق بغداد حين أخبرتني أنها قد خطبت لأبنها الذي كان برفقتها و هما بصحبة أم العروس يختارون ملابس الخطوبة للعروس… باركت لها و لأبنها و مضيت و سؤال يلح في داخلي …أين العروس إذا" ؟؟ أين صاحبة الشأن ؟؟هل هؤلاء الناس مدركون اننا في العام 2005 , لن أقول حرية و حقوق و كلام ضجرنا من كثر ما رددنا ..سأقول ما الضير في خروج الفتاة المسكينة برفقتهم لتختار بنفسها لنفسها ما سترتديه ليلة خطوبتها ! لهذا الحد وصل المحو في المجتمع , الذي حرم هذه الفتاة من أبسط الحقوق و أتفهها ؟.. إذا" كيف ستحصل على الحقوق الأهم و الأكبر ..كيف ستتحمل مسؤولية زوج و من ثم عائلة و تربية أطفال من لم يسمح لها حتى ان تبدي رأي في ما ترتدي !!
ربما البعض سيقول ان المسألة تافهة و لا تستحق بحثها , لكني أقول ان الحدث كان بالنسبة لي كالكارثة لأنه كشف لي مدى التراجع الذي يصيب المجتمع , ففي مجتمع الستينات و ما قبلها كان الأب البسيط يقول لأبنته لا تكوني كأمك و لا تتشبهي بها بل انظري الى معلمتك و قلدي جارتنا الأستاذة و أطمحي للأفضل …أما اليوم فالأب يرتدي دشداشة يعود تصميمها الى قرون , ويجبر ابنته ان تتشبه بجدته هو ,و ترتدي زي أكل عليه الدهر و شرب وتكتفي بشهادة المراحل المتدنية و تفكر بالزوج الموعود …فصرنا نرى البوشي الذي يغطي الوجه بأكمله و صار شكل بعض النساء عبارة عن قطعة سوداء متحركة كأنهن قد خرجن من مسلسل يصور الحقب الغابرة …
زي يمثل صورة حقيقية للمحو الكامل الذي عانت منه و تعانيه اليوم بقوة المرأة العراقية في مجتمع الذكورة الصارخة , وما المنظمات النسوية الكثيرة و أصواتها التي تطالب بمجتمع مدني يحقق طموحات المرأة و يكرس وجودها و يمنحها حق المشاركة و إبداء الرأي , إلا زيف و وهم , مجرد صورة هشة تختفي خلفها الرجعية و الصورة الحقيقية لانسحاب المرأة القسري و إذا ما وجدت فهي خانعة خاضعة عورة مغطاة لا تنفع و لا تضر, هذه هي صورة المرأة اليوم في عراق الحرية و الديمقراطية لكن …للرجال فقط .