رسالة إلى البدوي الحديث



مها الجويني
2012 / 6 / 29

أكتب اليك يا من صنفت نفسك بالبديل وقلت أنك لقضية تحرري :" قائد و نصير" يا من تقتصر مواقفك في التهليل و الصراخ بمقولات انجلز و روزا لكسمبورغ ، يامن جعلتني جزءا من الصراع الطبقي و نسيت الجانب الانساني فيا . أراك لم تغادر الحانات بعد ، و لازلت في كل ليلة تناقش خلاف تروتسكي و ستالين لتعرف مع أضواء الفجر من منهم كان أحق و أصوب .
رفيقي ، شكرا لرفع شعار "أن تكون إمرأة هو فن" (انجلز) لعقود و عقود و لم تغير تلك العبارة و لم تغير موقفك رغم تغير الازمان و ظهور علوم و اليات جديدة لتحليل المجتمع لازلت ترفع شعارات " روزا لكسمبورغ و كلارا زتكين . رفيقي كل 8 مارس تطربني خطاباتك حول مشاركة المرأة في العمل النقابي و إستشهادك ببطولات عاملات الاتحاد السوفياتي و النقابات الفرنسية و تثبت إنتصارك لنا. أسمعك و في نفس الوقت لا أرى أي إمرأة عضوة في المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل مهد ناهيك عن غياب دورها كزعيمة وكصاحبة قرار .
رفيقي العزيز ، الشاعر الفصيح يا من تفتح إجتماعاتك بقصيدة بلدي و حبيبتي( أحمد فؤاد نجم) و غيرها من القصائد النسوية و الخطب السياسية الجميلة التي تروي نضالات قيادات نسائية عرفتها الحركة الطلابية كفاطمة البحري" و نجوى الرزقي .
رفيقي ما أجملك و أنت تنادي بتحرري من براثين البرجوازية و تدعوني لمحاربة الرجعية و الرأسمالية من خلال الانضواء تحت راية الاتحاد العام لطلبة تونس و الذي ومنذ تأسيسه في 1954 لم يعرف أي عضوة في مكتبه التنفيذي و لا ترأسته أية طالبة. رفيقي اليساري الذي يقسم بدم الشهيدة فوق الطاولة و يقول ان المجتمع جردالمرأة من كل شيء و يطالبها بأن تثور على هذه التقاليد البالية و تحرر يقسم في النقاشات الجانبية بشرف حبيبته التي لم تعرف رجلا غيره . رفيقي لما تتناقض ؟ لما تنادي فوق المنابر باسم المرآة و خلف الأضواء تعود إلى بداوتك التي جعلتك ترفض الزواج من احدى رفيقاتك التي كانت تقضي معك اللحظات الجميلة و تسهر معك وتمنحك الغالي و النفيس . رفيقي لا تغضب لقد سميت الاشياء بمسمياتها و كنت صريحة . مثلك أنت...
أنت الذي تمنع أختك من التدخين و ممارسة العمل النقابي و قد تعنفها لو عادت متأخرة . و في المقابل تشجع رفيقاتك على السهر و تدعوهن لشرب الخمر و تقاسم السجائر معنهن و تختم جلستك بقول : الجنس فن من فنون الحياة " ثم أسمعك تنعت احداهن بالعاهرة .بالمرأة السهلة أو بالقح... و أرى زوجتك محجبة و محافظة . أيها التقدمي لماذا تنسى كل دعاوى التحرر اذا تعلق الامر بحياتك الخاصة ؟ و لما لاتذكر نضالات رفيقاتك عندما تتقاسم مع رفاقك مراكز القرار في نقاشاتكم الداخلية التي تغيب فيها النساء ؟
رفيقي دمت مناضلا ضد الرجعية الدينية التي تجعل من المرأة ألة للإنجاب و كائن نصف بشري ، دمت مناضلا يجعل من كياني جزءا من الصراع الطبقي ، عزيزي المفكر ألم تسمع يوما بمصطلح الجندر ؟ النوع الاجتماعي ؟ تلك الدراسات التي تحلل التمييز بين الجنسين من جميع النواحي : الاقتصادية و الاجتماعية و الانتروبولوجية و الثقافية ... أيها الزعيم بأي حق تتحدث باسمي و تختزل جميع مشاكلي في قضية الطبقية ؟
رفيقي متى ستشفى من أمراضك و تقتل الاب البدوي الذي يسكن دواخلك ؟ كن شجاعا و صارح نفسك و صارحني إنني انتظر إستفاقتك و صحوتك . لتزع عنك جلباب المعارض السلبي و الفارس الخطيب . لتبني معي هذا الوطن الجميل .