مخاوف الفتيات من الزواج



طارق محمد حجاج
2012 / 7 / 1


تتجلى صور ونتائج التخوف من الزواج في العنوسة والتأخر في الزواج، فهي علاقة طردية، فزيادة الفئة المتخوفة من الزواج تؤدي إلى زيادة ظاهرة العنوسة والتأخر في الزواج.
غالبا ما تنتشر هذه الظاهرة بين المتعلمين والمثقفين أكثر من أولائك الذين لم يكملوا تعليمهم الجامعي، لذلك فهي ظاهرة لها ما يبررها نظرا للمستوى التعليمي والثقافي للشريحة المتضررة والتي يعد أفرادها جوهر المشكلة.
خطورة هذه الظاهرة تكمن في أهمية الزواج والحاجة الماسة إليه، فلا أحد يمكن أن ينكر حجم المساحة الفكرية التي تشغلها العلاقات العاطفية في الدماغ البشرية، ولا أبالغ حين القول بأن للعلاقات العاطفية نصيب الأسد في تفكير الإنسان وتحديدا قبل الزواج، فهذا التفكير والسعي الدءوب لتلبية هذه الغريزة، ينهك العقل والجسد، ويصرف النظر عن الكثير من الأمور الهامة التي لا بد من البحث والتركيز والتفكير فيها.
إن اعتبار الزواج نصف الدين له ما يبرره ويدعمه، فهو يصون الإنسان ويصون فرجه ويحافظ عليه من الكثير من الخطايا ويجنبه الفاحشة قدر المستطاع.
ولنضع أيدينا على جذور ولب المشكلة يجب أن نبحث في أسبابها عند الفتيات تحديدا، لأن ظاهرة التخوف من الزواج تنتشر وتستفحل عند الإناث أكثر من الذكور، وهنا يجب أن ننوه أن الدافع للخوف من الزواج هو دافع تحمل المسؤولية، فالشخص الذي يعي بطبيعة المرحلة لابد أن يشعر بالمسئولية، إلا أن المشكلة لا تكمن في مجرد الخوف وإنما في درجة وحدود هذا الخوف، ولمعرفة إذا ما كان هذا الخوف سلبي أم ايجابي، يجب أن تسأل نفسك هذا السؤال: هل يحول أو يعوق هذا الخوف بينك وبين الزواج أم لا ؟ فإذا ما تبين أنه حاجز يحول بينك وبين الزواج فهذا خوف سلبي وهو عين وجوهر المشكلة محل البحث.
وسوف نتعرض الآن لأسباب مخاوف البنات من الزواج، والتي سنوردها في البنود الآتية:
1- الخوف من فقدان الحرية الشخصية والانخراط في العبودية والتحكم والسيطرة الزوجية.
2- المخاوف الجنسية: فهناك فتيات يتخوفن من الاتصال والقيام بعلاقة زوجية، ومنهن من يسيطر عليهن هاجس الخوف من فقدان العذرية قبل الزواج، لأنها تخشى أن تكون قد فقدت عذريتها لسبب حقيقي حصل معها في الماضي، أو دون سبب لمجرد هواجس وتوهمات في نفسها.
3- عدم الرغبة في ترك بيت الأهل والانتقال إلى بيت الزوجية الجديد.
4- ربما تنتظر أو تبحث الفتاة عن رجل ذو مواصفات معينة، أو رجل كامل الأوصاف وبالطبع هذا مستحيل.
5- عدم الرغبة في الزواج التقليدي فتستمر في البحث عن الحب في حين أن المجتمع والعادات والتقاليد لا تسمح بذلك.
6- هناك فتيات يؤمن بأن الرجال جميعهم خائنون!!!.
7- التجارب السابقة، خوض الفتاة علاقة فاشلة تسببت لها بجرح مازال يؤثر على نفسيتها، أو كانت على علاقة جميلة سواء من طرف واحد أو من طرفين وتخشى أن يأتي أحد يفسد عليها طعم ولذة هذه الذكريات الجميلة، فهي لا تتصور وجود شخص أخر في قلبها يمكن أن تحبه ويحبها كما كان عشيقها السابق.
8- الكلام الذي تسمعه من صديقاتها والقصص السلبية التي تسمعها أو تراها عن زوجين، أو من قصة مريرة عاشتها بين والديها .
9- الانفتاح بشكل خاطئ على الثقافة الغربية، بمعنى أن الفتاة تريد ألا يتحكم زوجها بأوقات خروجها وعودتها ونوعية ملابسها وحشمتها، فتكون له ند الند، وتطالب بأن يكون لها علاقة دائمة بزملاء العمل وزملاء الدراسة من الشباب.
10- أساس الكثير من الأخطاء أن الفتاة تضع نفسها على قدم المساواة مع الرجل وهذا ينتج عنه العديد من المشاكل بالغة الصعوبة، لأن نظرة المجتمع للشاب وتصرفاته تختلف كليا عن نظرة المجتمع للفتاة وتصرفاتها، فمن العجب أن نجد الكثير من الفتيات يقلدن الشباب في التأخر في الزواج وكأنها بدت موضة العصر، وتناست أنها كلما تأخرت عن الزواج قلت فرصها وحظوظها في الزواج - وهذا لا يعني الاندفاع للزواج دون تفكير- وتناست أن الشاب في أي وقت يمكن له أن يتزوج، عكس الفتاة التي وإن كان بإمكانها الرفض لكن ليس بإمكانها أن تطلب يد شاب للزواج.
11- (أنا مش خدامة) خوف الفتيات من أن تصبح خدامة في عش الزوجية!!! فهي تظن أنها لو قامت بالأعمال المنزلية في بيتها الخاص فهي في هذه الحالة خدامة عند زوجها، لذلك تفضل العيش كفتاة مدللة في بيت الأسرة، لأنها ببساطة لا تطبخ ولا تدخل المطبخ أصلا، فبعض الأمهات يردن أن تتعلم بناتهن الأمور المنزلية بعدما تذهب إلى بيت زوجها، فهي ما زالت حتى اللحظة تطلب من أمها أن تقدم لها الشاي والقهوة وتغسل لها ملابسها، فهل الأم في هذه الحالة خدامة عندك؟؟؟!!!. فطاعة الزوج موجودة في القرآن وحتى في الإنجيل، حيث جاء في الإنجيل " يا أيتها النساء أخضعن لأزواجكن كما للرب".
12- أن كانت الفتاة تعمل ولها راتب شهري جيد أو مرتفع، ففي هذه الحالة تظن أن كل شخص يتقدم لها يتقدم طمعا في راتبها الشهري، ولو سألتها قبل أن تٌوظف عن جمالها ستدعي أنها ملكة جمال، ولكن بعد أن تتوظف تفقد الثقة في مؤهلاتها الجسدية والفكرية، ويسيطر عليها هاجس أن المتقدم جاء طامعا في أموالها، وكذلك الحال إن كانت من عائلة غنية أو والدها ذو منصب، فتبدأ في رفض كل من يتقدم لها ظنا في طمعهم بأموالها.
13- الخوف من الانفصال، فالطلاق يحطم الآمال المستقبلية عند الفتاة ويكسر خاطرها ويسبب لها جرح عميق، فلقب مطلقة يصعب على الفتاة التعايش معه في مجتمع يعاقبها لمجرد أنها مطلقة.
14- الفتاة تعتبر نفسها قبل الزواج كالوردة الجميلة ذو الرائحة العطرة والمنظر الخلاب في البستان، فكل المارة يختلسون النظر إليها للاستمتاع بجمالها، ولكل منهم الحق في التقدم ليأخذها لنفسه شخصيا، لكن ذلك لا يتم إلا بموافقتها وقبولها. فهي سعيدة بهذا الاهتمام الكبير بها، أما إذا ما تزوجت، بمعنى جاء شخص وطلبها فوافقت فقطفها وأخذها إلى بيته، فبذلك لن تبقى محل اهتمام الجميع، ولن يكون لأي أحد الحق في التقدم لطلبها مرة أخرى، فهي تخاف أن يهملها صاحبها "زوجها" فتذبل وتتساقط أوراقها، فتصبح جسد بلا روح.
15- عدم قبول شباب البلدة أو الدولة التي تعيش فيها، وذلك لعدم رضاها عن أسلوب عيشهم وطريقة تصرفاتهم والعادات والتقاليد التي تسيطر على أفكارهم وتصرفاتهم، فتعزف عن الزواج ظنا منها بعدم القدرة على الزواج والعيش مع أحد من بلدتها كشريك حياة وعدم مقدرتها للزواج من خارج بلدتها.

هذه هي الأسباب التي أتوقع أن تسيطر عل كل فتاة لديها مخاوف من الزواج، وإن كان جمع الأسئلة وتكهنها واستنتاجها بهذه السهولة، فإن البحث عن الحلول ليست بهذه الكيفية، نظرا لاختلاف العقول البشرية وطريقة إقناعهم، ولن أدعي بقدرتي على إيجاد الحلول أو إقناع الناس، لذلك سوف أترك لكم التفكير والتحليل لمحاولة معالجة هذه الإشكاليات، ولنحاول أن نترك كل واحد منا ليعالج إشكالاته بنفسه.
[email protected]