أشياء لا نحتاجها



تماي كريمة
2012 / 8 / 8

كانت مستغربة،مشتتة رغم خبرتها و ضلاعتها في الميدان توشك أن تستفسرني لكنها تتردد،تقول ممازحة :ما كل هذه الفوضى التي أحدتتها ؟ فلا أجيب ،كنت أتضرع- الى ما لست أدري- أن تقوم بعملها في صمت دون كثرة التعليقات ،أعرف ما تفكر فيه تتساءل هل أنا مختلة أم مختلة ،أي تجربة عصيبة قادتني الى ما أنا عليه ؟ لم تصمت كانت عنيدة : :تذكرينني بفيلم امريكي ،كانت البطلة ترغب في الانضمام الى المارينز و تحدت كل العقبات و تفوقت على زملاءها الرجال ،في المشهد كانت واقفة امام المرآة تقص شعرها حتى الحلق ...دون ان تذكر اسم الفيلم عرفت عماذا كانت تتحدث ، مست في ذاكرتي مشهدا دفينا لا انساه ابدا مهما نسيت اسم الفيلم و ممثليه ، و اخبرتها بشغف شديد عن مدى اعجابي بالمشهد و بقوته ،و انطفأ شغفي بعدما ادركت تباعد وجهتي نظرنا فهي كانت ترمي الى ان هذا المشهد مقزز و يخالف الطبيعة التي تتميز بها الأنثى، رغم انها نطقت جملة "تفوقت على زملاءها الرجال " بابتسامة و فخر ،قلت لها :لقد تفوقت عليهم بالجد و المثابرة في نفس الظروف و بنفس الامكانيات ،لا بالحيلة و الخديعة و المكر ،كما في ألف ليلة و غيرها من الروايات (قلتها بمغص)مثلا حيث يتم ابراز شرطية انتصار المرأة و تفوقها بمدى خداعها و مكرها أو لنقل بفتنتها و ضربها من الظهر لا بالمواجهة المباشرة ...قاطعتني :ياااه الف ليلة و ليلة تلك القصة الرائعة ،كانت تحكيها لنا منها والدتي ما سمعته عنها من ابيها...
مع من اتحدث؟؟ ربما بدا لها مدى اختلافنا او انه لم يبد لها شيء ،قالت :اذن انت من طلبة المارينز او ما شابه ؟ ام تتطلعين الى ذلك ؟أتطلع هو الاختيار الأقرب ،اعلم اني لم اشبع فضولها ، لكنها هزت رأسها في ما يشبه الاتفاق او الاستيعاب و ذهبت الى جانب زميلتها تسألها شيئا .اردت ان أصم على أن أسمع الأحاديث التي كانت تدور من حولي بتلك اللكنة المستدرجة المزعجة و العبارات المحفوظة المتكررة و كأن العقل البشري اصبح عاجزا عن ابتكار عبارات جديدة،آخر الصيحات ،التذمر من خالة في غير محلها أو حاجب زاد بشعرة واحدة عن المطلوب ،الرغبة في اخفاء هذا و ابراز ذاك،دراسة مناسبة هذا اللون لذاك و هذا الشكل ...انها عمليات اعادة التصنيع ليوافق الجسم البشري للمعايير ،لكن من الذي يضع هذه المعايير أصلا؟وعدت اسأل نفسي و ألومها، لم لا اصرخ في وجه كل الجالسات هنا و اخبرهن رأيي ؟
عادت الي و لست ادري اهي تلك التي كانت هنا ام واحدة اخرى من زميلاتها فهن كلهن متشابهات و كانهن صنعن من قالب واحد ،بل و كان كل من هنا صنعن من قالب واحد في الصيف يسكب عليهن الوانا و عطورا صيفية و الشتاء تكون شتوية و هو على هواه يتخير القالب كاملا ليضعهن فيه على هواه،ولكن من يكون هو؟
عادت اذن و سالتها على غير عادتي عن عادات الزائرات،و متوسط ما تنفقه الواحدة منهن هنا و عجبت لاجاباتها الرهيبة ،فادركت ان صانع القوالب له هدف اقتصادي محض لا أقل و لا أكثر ... قالت لي لقد أنهيت،يا خسارة يقولون ان الشعر نصف جمال المرأة،يقولون أيضا امرأة تقص شعرها يعني أنها مقبلة على التغيير ،كان في كلامها وجهة نظر ،فأنا حقا مقبلة على التغيير ... استرسلت :المهم اياك و العبث بالمقص مجددا ،فهذا من تخصصي
شعرت بالخزي و العار لدخولي هذا الوكر فأنا لا انتمي اليه، لم أعبث بالمقص لأني أردت ان ابدو على نحو معين ،يناسب و لا يناسب شكل و جهي و استدارة لست ادري ماذا ،بل فقط أنا تعبت ،تعبت من كتلة الفرو تلك على رأسي ،ما جدواها ؟ و ما فائدتها ؟تتطلب وقتا خاصا للعناية بها في حين يمكن التخلص منها و تخصيص وقتها لشيء أهم هكذا ببساطة أخدت المقص لأتخلص منها أليست هكذا تجري الأمور؟...