انغير بوبكر المنسق الوطني للعصبة الامازغية لحقوق الانسان في حوار مع جريدة المنعطف المغربية ليومي الخميس والجمعة 16 و17 غشت 2012 حول حقوق المراة في ظل الحكومة الملتحية بالمغرب



انغير بوبكر
2012 / 8 / 17


ـ من حكم موقعكم ماهي تصوراتكم فيما يخص آفاق المرأة المغربية في ظل الحكومة الحالية المحافظة في تاريخ المغرب؟
لا شك بان العارفين والمتتبعين للخط الايديولوجي والسياسي والدعوي للعدالة والتنمية الحزب المشكل لاغلبية الاغلبية في التحالف الحكومي الحالي ، يشعرون بالتهديد الحقيقي الذي تشكله هذه الحكومة على حقوق المراة ولمكتسبات المراة المغربية الذي حققتها في اطار النضالات التي خاضتها كل القوى النسائية والقوى الديموقراطية بصفة عامة في المغرب منذ الاستقلال السياسي لبلادنا ، فاستطاعت الحركة النسائية المغربية فرض مجموعة من التنازلات الجزئية على العقلية الذكورية المغربية التي سيطرت على كل مفاصل السياسة والاقتصاد المغربي ، واستطاعت ان تفرض على العقلية الرجعية الظلامية بالمغرب تنازلات مؤلمة بالنسبة لها ، لكن التشكيلة الحكومية الحالية اجهزت على الموقع السياسي للمرأة وارجعتها الى نقطة البداية حيث بتعيين امراة واحدة في التشكيلة الحكومية الحالية تكون الاحزاب المشكلة للحكومة قد خانت نضالات الحركة النسائية وتنكرت لكل وعودها الانتخابية والسياسية التي تدعي من خلالها حرصها على حقوق المراة وعلى سعيها لتتبوا المراة المغربية المكانة التي تليق بها ، لكن الواقع السياسي والممارسة السياسية لهذه الحكومة تبين ان المراة قد ظلمت من حقوقها السياسية وانها مطالبة بالنضال المستميت من اجل ان لا تشكل الحكومة الحالية كارثة حقوقية على حقوق المرأة ، لان الخط الايديولوجي الظلامي لهذه الحكومة معادي للمراة وحقوقها رغم الخطاب السياسي المعلن، الممارسة العملية لهذه الحكومة الملتحية اثبتت حقيقتين اثنتين ، الحقيقة الاولى ان الحكومة الحالية طالما تشدقت مكوناتها بالاهتمام بقضايا المراة ولكن الواقع هو ان ذلك الادعاء لا يصمد امام الممارسة العملية السياسية التي تؤكد العكس.
الحقيقة الثانية هي ان الحكومة الحالية تحارب اي نزوع حداثي و فلسفة المناصفة التي اقرها الفصل 19 من الدستور الحالي وبالتالي فهي في جوهرها حكومة معادية للمراة وكل اشكال تحررها ومساوتها الكاملة وكرامتها المصونة.
ـ هل ترجحون من أن تكون ثمة احتمالات من وقوع تراجعات فيما يخص نضالات الحركة النسائية الديمقراطية؟
العملية الديموقراطية عملية متواصلة تنبني على التراكم وعلاقات الصراع الاجتماعي وحقوق المراة وحقوق الانسان بصفة عامة مكسب من المكاسب التي حققتها الحركة الديموقراطية التقدمية المغربية في صراعه الاجتماعي والسياسي ضد قوى الاستغلال والرجعية وامستغلين للدين وغيرها من القوى التي شكلت عثرة تقدم امام بلادنا فالمكاسب الحقوقية التي حققتها الحركة النسائية المغربية في بلادنا كانت ثمرة نضالات القوى التقدمية في بلادنا مسنودة بالتحولات الكونية التي شجعت المراة في المحافل الدولية والتراكمات التي حققتها الديموقراطية وقوى حقوق الانسان في العالم اذا التناغم والانسجام الديموقراطي الذي تحقق في العلاقة بين نضال الحركة الديموقراطية التقدمية المغربية و الانفتاح الكوني على الديموقراطية وحقوق الانسان ساهم بشكل كبير في احقاق مجموعة من الحقوق الانسانية الاساسية للمراة المغربية ، لكن موجات الاسلام السياسي التي باتت تجتاح بلداننا بفعل انعدام الديموقراطية والحريات و النتائج الكارثية للعولمة المتوحشة والازمات المالية والاقتصادية التي تجتاح العالم كل هذه التراجعات بابعادها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ستؤثر على اوضاع المراة وعلى حقوقها في العالم والمغرب ليسا استثناء ا من ذلك ، فصعود قوى الاسلام السياسي بالمغرب ووصول حزب العدالة والتنمية الى سدة رئاسة الحكومة ممكن ان يؤثر سلبا على دينامية وسرعة تطور المطالب الحقوقية للمراة المغربية نظرا لمعاداة الحزب الاسلامي هذا لكل المواثيق الدولية لحقوق الالنسان بدعوى تناقضها مع الشريعة الاسلامية رغم ان خطابه السياسي المباشر ينبني على التقية السياسية .
.

ـ أي آفاق يفتحها الدستور الجديد أمام المرأة المغربية لضمان حقوقها السياسية؟
وإذا كانت التقييمات بخصوص الدستور الجديد قد اختلفت حسب توجهات أصحابها الفكرية والسياسية وحسب طبيعة المصالح التي يدافع عنها كل من موقعه، فيمكن القول أن الحيز الذي خصص لحقوق المرأة قد شكل خطوة نوعية جعلت أغلب مكونات الحركة النسائية تتفاعل معها بشكل إيجابي. مبررها في ذلك هو التقدم الحاصل بالمقارنة مع دستور 1996 والفصول التي نصت بوضوح على ضرورة تمتيع النساء على قدم المساواة مع الرجال بكافة الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والتنصيص من جهة أخرى على إقامة مجلس أعلى للمناصفة سيتم توضيح مهامه واختصاصاته في قانون تنظيمي ستتم مناقشته وتبنيه في القادم من الأيام رغم كل هذا الزخم الدستوري الهام ورغم ان الارادة السياسية لاعلى مستويات البلاد متوفرة الا ان الحكومة الحالية ما تزال تعيش بعقلية ذكورية متحجرة ولعل التعيينات الاخيرة في صفوف العمال والولاة تبين الاقصاء المزودج الذي لقته المراة من هذه الحكومة
. فرغم ان حقوق المرأة جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان، بحيث تم التنصيص على المساواة التامة بين الرجل و المرأة في كافة الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و السياسية و المدنية كما هو مبين في الفصل 19 من الدستور المغربي الجديد ، لكن رغم ذلك مازالت المرأة المغربية تعاني من الحيف في مختلف المجالات مما يفرغ المكاسب الجزئية المحققة من مضمونها، فما حققته المرأة المغربية منذ الاستقلال إلى اليوم يبدو أمرا عظيما، وما بقي يبدو أعظم، لذا فالأمر موكول للأسرة والمدرسة والإعلام والدولة بشكل كبير لتحطيم الثقافة الذكورية السائدة التي تسكن العقلية المغربية، كي يعم الرضى والانتشاء كل الشرائح النسائية بدون استثناء، حيث يتم فرض قوانين جديدة تناهض كل أشكال الميز ضد المرأة وفي نفس الآن خلق عقلية مجتمعية نقية تتخلص من كل شوائبها وتنصت بعمق للقيم الكونية المتعارف عليها دوليا
الحكومة الحالية مطالبة بطبيعة الحال مع ضغط الشارع الديموقراطي بتطبيق سليم للدستور وبتفعيل مقتضيات المناصفة في كل مناحي الحياة العامة والدستور المغربي الجديد يفتح افاقا جديدا لتحرر المراة ورقيها لكن على الاحزاب الديموقراطية وتنظيمات المجتمع المدني الحداثية ان تنسق جهودها وتضغط في اتجاه تفعيل الدستور وتطبيق الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان المتعلقة بالنساء والفتيات والعمل على تجريم عمل الفتيات الصغار وعلى التطبيق السليم لاتفاقية سيداو .
ـ ماهي مهمة الأحزاب اليسارية التقدمية الآن في الدود عن مكانة ومصير المرأة المغربية اليوم أكثر من أي وقت مضى؟
الاحزاب السياسية المغربية اعني الديموقراطية واليسارية منها مطالبة باليقظة السياسية في هذه المرحلة السياسية الدقيقة التي تتميز بسيطرة القوى الاسلامية على المرافق الحيوية وعلى السياسات العمومية ببلادنا فاليسار الديموقراطي المغربي مطالب اولا بالبحث عن برنامج حد ادنى بين مكوناته وصياغة برامج نضالية مشتركة والتنسيق بين فعالياته وبين المجتمع المدني من اجل بناء جبهة نضالية موحدة تناضل من اجل الحفاظ على المكتسبات ثم التصدي لكل الاشكال الارتكاسية في السياسة المغربية ، الاحزاب اليسارية المغربية مدعوة لوضع تناقضاتها الثانوية جانبا والارتكاز على التناقض الرئيسي الذي هو مواجهة قوى الاستغلال والرجعية وبناء مغرب حداثي تقدمي ينصف المراة والرجل و يبني سياسة تضامنية مبنية على المساواة بين الجنسين و تعبر بذلك عن روح الديموقراطية الحقيقية التي ناضل من اجلها احرار وشرفاء العالم واعطوا في سبيل تحقيقها الكثير من التضحيات
ـ في نظركم هل الحركة النسائية اليوم مطالبة بتغيير أسلوبها و استراتيجية عملها النضالي؟
الحركة النسائية المغربية اليوم مطالبة اولا بتحديث خطابها النظري ومراجعة الياتها التنظيمية ، معنى ذلك ان المراجعة النظرية تعني ان النضال من اجل حقوق المراة يجب ان يكون نضالا من اجل الديموقراطية بمفهومها الشامل والذي لا يقبل التجزئ اي الابتعاد عن المقاربة النسوانية في تدبير حقوق المراة ، والنضال النسائي يجب ان يكون نضاليا قاعديا ينطلق من الحاجيات الاساسية والملموسة للمراة المغربية بصفة خاصة والشعب المغربي بصفة عامة بمعنى ادق الحركة النسائية المغربية عليها الخروج من البوثقة النخبوية المتجردة عن الواقع لتلامس اليومي المعيش وان ينحو خطابها منحى شعبي ديموقراطي اما ما يتعلق بالشق التنظيمني فالحركة النسائية مدعوة للقيام بنقد ذاتي تنظيمي حيث ان البيروقراطية التنظيمية ما تزال تنخر هياكلها وان بعض الجمعيات النسائية الحقوقية ما تزال تعيش بثقافة تنظيمية مكرسة للاستبداد والاديموقراطية : مواجهة الارتداد الحقوقي ببلادنا لا يمكن ان يكون باليات يغمرها الصدأ وتنبعث منها النتانة والاقصاء ، الديموقراطية لا تبنى الا بسواعد الديموقراطيين وعلى اليسار المغربي ان يتجاوز الثقافة التنظيمية السبعينية الستالينية وان ينخرط بالديموقراطية التمثيلية الشعبية اذا اراد مكان في تاريخ بلدنا
ـ في منظوركم ماهي الواجهة أو الجبهة التي يتوجب على الحركة النسائية عموما طرقها أو خوض النضال فيها؟
في نظري المتواضع الحركة النسائية المغربية مدعوة للانخراط في كل الاشكال النضالية التنسيقية وفي كل الشبكات الاجتماعية التنموية والحقوقية والمناهضة للعولمة المتوحشة بمعنى ان الحركة النسائية كما قلنا سلفا نضالها يجب ان يكون بشكل عرضاني يخترق كل النضالات المجتمعية الاخرى اي ان لا يكون نضاليا نخبويا معزولا منزويا في زاويا ايديولوجية ضيقة ، النضال النسائي يجب ان يكون نضاليا على الارض وفي الواقع ضد التهميش والاقصاء الاجتماعي وضد الدعارة وضد كل اشكال الاستيلاب الجنسي والاقتصادي ، لذلك الحركة النسائية مطالبة بالتواجد في ساحات الحركة النقابية والسياسية والحقوقية والجمعوية ولكن ذلك لا يجب ان يعني تهميش الابعاد التربوية والتعليمية للمراة المغربية فمؤشرات التنمية البشرية والتي لا تزال للاسف بلادنا بعيدة في سلم ترتيبها الدولي ترتكز على تمدرس الفتاة وخاصة القروية وعلى ولوج النساء للخدمات الصحية الضرورية وبالتالي تحقيق الاهداف الانمائية للالفية وربح مواقع اضافية في سلم التنمية البشرية يستدعي من الحركة النسائية ان ترافع من اجل سياسات عمومية فعالة وفاعلة ومبرمجة وفق مقاربة النوع الاجتماعي .
باختصار شديد الحركة النسائية المغربية مطالبة للانخراط في اوراش تعميم تمدرس الفتاة وفي تحقيق مشاريع انمائية مدرة للدخل لفائدة النساء القرويات والترافع من اجل سياسة صحية تحقق مؤشرات انمائية مهمة ، وكذلك النضال من اجل المساوة في المناصب العمومية بطبيعة الحال بمنطق المناصفة والاستحقاق هذا على الصعيد النضال الوطني اما عالميا فالحركة النسائية المغربية مطالبة بالانخراط في الديناميات الدولية المطالبة بعالم افضل للنساء ومطالبة بالمشاركة الفعالة والمؤثرة في كل الجهود والمحافل الدولية التي تستهدف الضغط على الحكومات من اجل ادماج مقاربة النوع الاجتماعي وتحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين في كل مناحي الحياة في البرامج الحكومية الوطنية والاليات الاممية اليوم تعتبر فعالة ومناسبة للضغط على الحكومات لتسريع عملية ادماج النساء في كل السياسات العمومية .

ـ ماذا عن المرأة الأمازيغية في الصحراء وإكراهات إنصافها؟
المراة الامازيغية في الصحراء تعاني معاناة مزدوجة فهي من جهة مقصية من دائرة الانتاج بفعل سيطرة النزعة الابوية الرجولية المستند على مرجعية الموروث العرفي القبلي الصحراوي ومن جهة اخرى تعاني من غياب التمدرس وضعف النسيج الاقتصادي زيادة على ان المراة الامازيغية عانت وتعاني من اشكالية تعريب الادارة والمؤسسات التعليمية بصفة خاصة لذلك كانت فريسة للامية والتعنيف الرمزي و الاقتصادي والسياسي
لكن المراة الامازيغية في الصحراء اليوم تعيش تحولات قيمية مهمة مرتبطة بالتحولات العميقة التي يعيشها تفكك المجتمع القبلي الصحراوي وبات الفقر المدقع الذي تعرف المنطقة بفعل المناخ والسياسات الاقتصادية المتعاقبة فرضت على المراة القطع التدريجي مع وضيفتها التقليدية اي تربية الابناء والعمل المنزلي وبدات المراة تدخل شيئا فشيئا غمار التعليم والفن والمهن الحرة وذلك يعد بدور مستقبلي للمراة الامازيغية الصحراوية في ظل تحول المجتمع الامازيغي الصحراوي ، تحول فرضته العولمة ومتطلبات الحياة الجديدة ولرفع الحيف على المراة الامازيغية الصحراوية لابد من تقريب المؤسسات التعليمية ومحاربة الهدر المدرسي و اعتماد سياسات حكومية تفرض المناصفة في تحمل المسؤوليات واعتماد تمييز ايجابي لها الى ان تزل البنيات الفكرية التقليدية التي كانت ولا تزال وستظل معرقلا لعملية تسريع اندماج المراة في كل مناحي الحياة العامة ان تفكك المجتمع القبلي مسالة وقت فقط ولكن ذلك سيكون على حساب اجيال من النساء المهمشات اليوم وعلى حساب طاقات كان بالامكان الاستفادة منها ولكن كما قال الفيلسوف ابن رشد يوما الواقع لا يرتفع .