المرأة في نظري



فوزي بن يونس بن حديد
2012 / 8 / 30


المرأة قبل كل شيء هي إنسان كالرجل، تختلف عنه بيولوجيا وفسيولوجيا وبسيكولوجيا، لا أعتبرها نصف المجتمع كما يقال ويشاع بل هي المجتمع كله إذا فهمت رسالتها وأدت الأمانة التي على عاتقها كما يجب تجاه نفسها أولا وزجها وأطفالها ثانيا وتجاه مجتمعها ثالثا، فهي في نظري تؤسس لمجتمع جديد وتنشئ الأجيال وتقوم بدور رائد في الحياة وإلا لما خلقها الله عز وجل.
وهي في نظري أيضا لم تأخذ حقها كاملا إلا في العصر الذهبي المحمدي، فقد كانت في الجاهلية يعتبرونها وسيلة للاستمتاع يطلبها الرجل ويجدها في أي وقت، لا تهمه رغباتها ولا نفسيتها، المهم عنده أن يلبي رغبته الجنسية فحسب ولا ينظر إلى فكرها وعقلها وإنسانيتها بالدرجة الأولى، فقد عمي بصره وفقد عقله واتبع هواه وشهوته، ولكن بشهادة الموافق والمخالف وحتى العلماني نفسه أن المرأة عموما تشرفت بإنسانيتها وشرفها وكرامتها في العهد الإسلامي الأول وفي العصور الذهبية وأقصد بها تلك العصور التي فقه فيها الرجل حقيقة المرأة ولامس قلبها وعقلها فوقف عند حدّه وعرف قدره، وما له وما عليه ولم يعتد على حرمات المرأة أيا كان توجهها..
فالإسلام هو الدين والتشريع الوحيد الذي جمّل المرأة وكرمها وشرفها وأخرجها من العبودية والرق، فبعد أن كانت جارية وأمَة أصبحت في الإسلام سيدة وامرأة محترمة لها حقوقها في الميراث وفي الحياة وحرية التعبير وفي العمل واتخاذ القرار والتاريخ شاهد على ذلك ومليء بالأمثلة الناصعة والواضحة لمن أراد أن يقرأ التاريخ ويلمس إبداع المرأة في صدر الإسلام أيام محمد صلى الله عليه وسلم ولا أخفيكم أن من يجهل ذلك فقد عميت عينه عن الحقيقة.
فلا مجال إذا في أن نطعن في الإسلام وأن نجعل أنفسنا فوقه ونجعل أنفسنا ندافع عن المرأة كمخلوق ضعيف لا يمارس حقه في الحياة وأنه يجب أن نوجد له يوما تاريخيا في العام لنحتفل به وبعده ترجع حليمة إلى عادتها القديمة.
ولكن الذي حصل أن المسلمين استهوتهم فكرة العبودية من جديد لا سيما الأغنياء منهم فنكصوا رؤوسهم من جديد، فجعلوا المرأة تحت أقدامهم لضعفها الشديد وعدم استطاعتها الدفاع عن نفسها، ولعنجهية الرجل وسلطته المتعجرفة وحبه الأعمى للشهوة العارمة فقد جنى على المرأة باعتبارها الحلقة الأضعف وصار يصدر قوانين مجحفة بحق المرأة وصار لكل بلد قوانين أحيانا تكون شاذة كمنع السعودية المرأة من امتلاك سيارة خاصة بدعوى أنها قد تتعرض في الطريق للاختطاف والاغتصاب، وإلزام المرأة السعودية بلبس النقاب خوفا من الفتنة ولكنهم لم يسلموا من فتنة العيون، وقوانين أخرى تلزم المرأة بقاءها في البيت وإن كان ذلك أسلم لها إلا أن قانون الإلزام فيه من الإجحاف ما يستدعي التدخل فعلا وبشكل عاجل، وفي دول أخرى توجد قوانين ترغم المرأة على العمل في مساحات خطيرة لتوفير لقمة العيش مما يعرضها للاغتصاب وانتهاك حريتها وهذا ما يحدث تحديدا في غابات إفريقيا وفي القرن الإفريقي، وأخرى تحكّم عاداتها وتقاليدها البالية لتجبر من خلالها المرأة على الالتزام وعدم الحياد عنها قيد أنملة ومن حادت عن ذلك الطريق عدّت باغية أو سافرة أو عاهرة، أيصل الجهل بهذه الأمة إلى هذا الحدّ؟
ومنهم من يفرض قوانين في بلده وعندما يسافر إلى الخارج يشتري من يشاء من النساء بماله الوفير ولا تهمه كم وإنما يريد أن يشبع نهمه ويقضي شهوته، فكثر البغاء وعمّ الاغتصاب وانتشرت الفوضى، وأصبحت المرأة في همّ كبير تناشد المجتمع العالمي للتدخل لإنقاذها من أنياب الرجل، وإن تدخلت فإنها تتدخل على استحياء.
المرأة مخلوق جميل، تحتاج إلى من يفهمها، تحتاج إلى من يفهم عقلها ويحترم فكرها ولكنها في الوقت نفسه لا تنزل نفسها إلى مهاوي الردى فتبيح نفسها لمن في قلبه مرض وتساهم في دمار المجتمع عوض أن تدفع بالأمة نحو الرقي والازدهار.