الحجاب في الكاظمية



كاترين ميخائيل
2012 / 9 / 5


انتشرت في الشوارع لافتات تحمل تحذيرًا للنساء السافرات والرجال غير الملتزمين بالمظهر الخارجي المحتشم من دخول المدينة، وتلوّح بمحاسبة من لم يلتزم بالقرار. كما ظهر من طالب بسجن من يخرق القرار، أو فرض غرامات مالية عليه الصحف العراقية .
كانت الكاظمية تسمح بتجوّل النساء السافرات والمتبرّجات في أرجائها، والتبضع في أسواقها، لكن تمنعهنّ من الدخول إلى الصحن الكاظمي إلا بعد ارتداء العباءة والتخلي عن التبرّج.
أتى قرار الحكومة المركزية والمحلية لمدينة الكاظمية منع دخول النساء السافرات إلى كل أرجاء المدينة تلبيةً لطلب أحد القادة الأمنيين، الذي زار المدينة لحضور مجلس عزاء فيها، وصادف أثناء تجواله امرأةً غير محجّبة ما أثار حفيظته فطلب منع دخول غير المحجبات إلى عموم مدينة الكاظمية وأسواقها فورًا ولم يكتفِ بهذا المنع، بل طالب باستحداث مديرية خاصة للشرطة، أطلق عليها اسم "شرطة الآداب"، مهمتها متابعة المظاهر التي لا تتناسب مع الضوابط الاسلامية، في الرجال والنساء على السواء، أكان ذلك في الحجاب أم الملبس أم حتى طريقة تشذيب الشعر. الصباح الجديد العدد 2369 في -30-9-1
انتهاكا جديدا من سلسلة الانتهاكات المتواصلة بحق نساء العراق، اللواتي كن الضحية الاولى في الظروف التي شهدها وما زال يشهدها العراق لسنين طويلة، الامر يعد بمثابة اعاقة لتطور المجتمع وعودة بالعراقيين الى القرون الوسطى .
حريتي الشخصية والدستور العراقي
يتعارض هذا القرار مع الدستور العراقي الذي يضمن في مادته الثانية كامل الحقوق الدينية لجميع الأفراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية كالمسيحيين والأزديين والصابئة المندائيين.
المادة 17 من مسودة الدستور التي تنص : لكل فرد الحق في الخصوصية الشخصية بما لا يتنافى مع حقوق الاخرين والاداب العامة .
القرار يمثل تجاوزا على حرية وحقوق الانسان وخلق عزلة بين افراد المجتمع، هذا جزءا من الأكراه والتهديد.
اذا كان للحجاب اصول اجتماعية نكون قد خالفنا القانون . اذا اجبرنا المراة على لبس الحجاب نكون قد جنينا على حريتها الشخصية . ومن ثم خالفنا الدستور الذي صوتت عليه المراة العراقية عندما وقفت بطوابير تتحدى الارهاب العالمي . هل هكذا تكون مكافئتها ؟
في المادة 35 فقرة واضحة جدا تقول تكفل الدولة حماية الفرد من الاكراه الفكري والسياسي والديني , ولا يجوز الاحتجاز على هذا الاساس . اذا كان للحجاب اصول دينية اذن هذه الفقرة تنفي الاكراه الديني. إذن اللافتة أعلاه توضح هذا بمثابة اكراه وتهديد ديني لكل إمراة عراقية دون إستثناء .
المادة 44 من الدستور تشير لجميع الافراد الحق في التمتع بكل الحقوق الواردة في المعاهدات والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الانسان التي صادق عليها العراق , والتي لاتتنافى مع مبادئ واحكام هذا الدستور .
اسأل الحكومات المحلية التي تجبر النساء على لبس الحجاب ،هل دخل أحدهم دورة ترشدهم إلى ماهية الاتفاقيات الدولية وكيف يجب الالتزام بها اذا وقع العراق عليها ؟ ام هم في غنى عن فهم القانون العراقي والعالمي لانهم يملكون ثقافة عالية فوق القوانين والاصول العالمية !

هذه اللافته تعني الحد من حركة المرأة والاعتداء على حريتها الشخصية، وتعارض الدستور الذي ضمن حرية التنقل في كافة أنحاء العراق دون إستثناء ودون شروط في الملبس .
كان الاجدر كتابة لافته تمنع الدعارة العلنية التي يروج لها رجال دين متشددين بأسم زواج المتعة والمسيار والزواجات الوقتية التي تسيئ الى المرأة والرجل وتهدم الالاف البيوت والروابط الزوجية المتينة التي تعود عليها العراقيون منذ القدم للحفاظ على علاقاتنا العائلية المتينة . هل فكر هؤلاء الذكور بمنع تزويج الفتاة وهي بعمر الطفولة علما ان القانون العراقي قرر الزواج بعمر الرشد. هل فكر هؤلاء الذكور بدراسة موضوع دراسة الطفلات الصغيرات وحرمانهن من الدراسة وهن بعمر الطفولة البريئة هل فكر كاتبي اليافطة في الكاظمية دعم تعليم المراة العراقية والتعليم لكل مخلوق بشري هي رسالة دينية في كل الكتب السماوية لكونه يمكن المرأة قراءة رسالتها الدينية.
أنا شخصيا زرت الاماكن المقدسة في النجف وزرت السيد السيستاني وكنت لابسة حجاب وعباءة سوداء ولدي صور تشهد على ذلك وبإعتزاز أحتفظ بهذه الصور لم تفرض علي من أحد لكن أحترم المكان المقدس لاية ديانة كان . مع والدتي وأختي أنصار زرت جامع الاموي والسيدة زينب ونحن نرتدي العباءة السوداء وكنا فرحين جدا بهذه الزيارة . لبسنا العباءة إحتراما للاديان الاخرى ما الضرر من ذلك لكن يفرض علي ان البس العباءة لارضاء أناس متخلفين لايفقهون شيئا عن الدستور وعن المعاهدات الدولية ويطالبني ان ارجع الى القرون الوسطى أرفض هذا تماما .
لذا لايحتاج ان نجعل النساء تكره الكاظمية سواء من الديانات المسلمة او الديانات الاخرى بفرض شروط تعجيزية على لباسهن.

لم اطالب ان تدخل النساء السافرات الى داخل الجوامع ومراقد الائمة ابدا ولكن ليس من المعقول ان يمنع دخولهن الى مدينة كاملة .الكاظمية ليست مكانا مقدسا فحسب، بل هي مدينة تجارية، فيها العديد من مراكز التسوق والمراكز الخدمية، التي يرتادها جميع العراقيين، بمختلف اديانهم وطوائفهم ولم يحدث أن تجاوز احدهم أو انتهك حرمة وقدسية هذه الأماكن المقدسة . هذا القرار يؤدي إلى قطع أرزاق المحال التجارية وتحجيم الدخل الذي يدخل الى هذه المدينة .
أين حقوق المرأة غير المسلمة المسيحية والصابئية واليزيدية ، إن كان لا بد أن تدخل المدينة، لتغطي وجهها وراسها في هذه الحرارة المرتفعة؟
أين الحريات ؟

يتعارض هذا القرار مع الدستور العراقي الذي يضمن في مادته الثانية كامل الحقوق الدينية لجميع الأفراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية كالمسيحيين والأزديين والصابئة المندائيين
الكاظمية مدينة يزورها الناس من كل العالم، من داخل بغداد ومن خارجها، من مختلف الأديان والمذاهب، وهذا القرار سيقمع الحرية المتاحة للجميع، يتحدثون بالدين كأنهم أوصياء على البشر، ويتحدثون بلسان أهالي الكاظمية في اللافتات التي علقت في أرجاء المدينة كانهم أوصياء على الشعب العراقي. الكاظمية تشتهر بتجارة الذهب ولا بد أن تمرّ النساء على محلات الصاغةلا أعتقد أن المحجبات وحدهن الحق بشراء الذهب.
أطالب لتعود الحياة الطبيعية للمدينة والالتزام باحترام الحقوق والحريات التي ضمنها الدستور والتي من أهمها سمات التعايش وبناء مجتمعات متحضرة ترتقي باحترام حقوق الإنسان دون أكراه أو تهديد.
بداية أيلول 2012