ما أظلمهم , ينسبون للأم كل خطيئة



ثائرة شرف الدين
2005 / 2 / 24

كنت قد شاهدت بالصدفة في إحدى القنوات الفضائية السعودية , برنامجا ضمن حملة التضامن ضد الإرهاب التي تتعرض له السعودية , كما تتعرض له الكثير من دول العالم وعلى رأسها العراق , مما جذبني أن أتابع إحدى الحوار بالبرنامج وكان لقاءا هاتفيا مع الأستاذة أميرة الحسينان , تحدثت السيدة ضد الإرهاب , لكن الغريب بالأمر أن مقدم البرنامج , يطرح رأيا غريبا حيث يعتقد ه أن تدليل الأبناء سببا في أيجاد الإرهاب , ويحمل المرأة السعودية نتائج تدليل أبنائها !!!
غريب هذا المنطق, وهذا التحليل الذي لا يخطر على خاطر فرويد لو قدر له أن يأتي ليدرس ما نحن به من مشاكل نفسية, وقهر اجتماعي وسلطوي على الشباب والشابات , والغريب بأن الأستاذة أميرة - كما هو مكتوب على الشاشة- لم تنف ما قاله المقدم بل أكدت على أن التربية تفسد الجيل وبأنهم يقومون بتوعية المرأة للحد من الإرهاب , وكأنها تتحدث عن أخلاق عامة وشيء ليس من الخطر بأن يهدد المجتمع كله ويسحقه سحقا أن لم يوقف وتوقف شروره بأساليب شتى , ومراجعات لأغلب القيم السائدة بالمجتمع الإسلامي, والتي أكل الدهر عليها وشرب والتي عانت منها قبل مئات الأعوام شعوبا تحضرت وتطورت وهنأت بعد أن تخلت عنها .
ما هذا المنطق الأعوج ؟
وهل المرأة تبقى دائما الشماعة لأخطاء أية سلطة ؟ وهل هي أيضا مسؤولة عن تدمير المجتمع الذي يراد تدميره من قبل رجال شذوا عن السوية , بسبب الكبت والقهر النفسي الذي ينتشر بالبلدان الإسلامية ويكبر لينتج كل ما هو مدمر للبنى الأساسية للمجتمعات , ومدمرا لكل أمل بالنهوض نحو التقدم واللحاق بالحضارة العالمية ؟
هل تبقى المرأة هي الخطيئة والخاطئة دائما ؟
ولم لم يفكروا أن نقاب المرأة مثلا هو إحدى الوسائل التي يمكن معها تنفيذ عمليات الإرهابيين , فمن أدرانا أن جميع المنقبات نساء ؟ ولماذا لم نفكر أن الإرهابيين قد يستعملوا النقاب للدخول بمتفجراتهم لاماكن تجمعات الناس والأماكن الهامة ؟
حتما سوف يحتج رجال الدين على تفتيش المرأة المنقبة إن حصل , لكنهم يخالفون شرع الله بوجود النقاب أصلا , ولم يفتوا أن النقاب ليس من الإسلام بشيء , وإن فعلوا ذلك فبشكل خجل وهادئ وكأنه لم يكن ولم يغير شيء مطلقا , إنما هم يلهجون ليل نهار في الجوامع من أجل أن يخبئوا المرأة عن الأنظار ويبعدنها عن العمل والسلطة وكل ما يجعل لها قيمة إنسانية للمساهمة ببناء مجتمعاتنا
لمَ لم يفكروا بإيجاد مؤسسات للشباب والشابات ليحتكوا ببعضهم وليكن للحياة فهما آخر, وطعما أجمل وأكثر إنسانية كما أراده الله حيث خلق المرأة والرجل للسير معا بطريق الحياة والبناء, وهنا استشهد بمقولة فرويد حول الكبت والحرمان اللذان يولدان العداء والحقد للآخر بعد الكبر خاصة في سني المراهقة.
لم نرى الشباب الانتحاريين يكرهون الحياة ؟ هل لأنهم مدللون ؟
هل أن مفهوم الدلال هو أن يملك الإنسان المال فقط؟ وما فائدة المال إن كان المرء سجين تقاليد وأعراف قاتلة تجعل المال لا لذة له؟
أي دلال للأبناء في السعودية وهم لا يستطيعون رؤية امرأة إلا بليلة الزواج , حتى صار الكثير منهم يخشى تلك الليلة وكأنه سيدخل عالما غريبا عن الكرة الأرضية , عالم يجهله تماما ويخشى أن يفشل بالتعامل معه إذ هو لا يعرفه إلا من خلال الصور في المجلات واشرطة الفيديو والتلفزيونات ,؟ وهل غريزة حب الامتلاك هو الغريزة الوحيدة التي خلقها الله بالإنسان؟
لم نسمع بحياتنا أن مدللا انتحر بسبب الدلال , إنما نعلم أن الدلال يفسد الأخلاق , وكلمة الفساد نسبية من مجتمع لأخرى , فما يعتبره المجتمع السعودي أو الإيراني فسادا كأن تسير المرأة سافرة بلا حجاب , لا تعتبره المجتمعات الإسلامية الأخرى فسادا , رغم أن العديد من الأشخاص يعتقدون أن الفساد هو التمرد على الأعراف والتقاليد القديمة , ولا يسموا الاحتيال والرضا بوجود فقراء بالسعودية مثلا فسادا رغم أنها دولة نفطية غنية , ولا يسموا الأغنياء الذين يجمعون المال باسم توزيعها على الفقراء ليستحوذوا على نصفها فسادا , بل يسمونهم محسنين وأحباب الله
أي ظلام نسبح به نحن أبناء المجتمعات العربية والإسلامية ؟
وأي إصرار لدى حكوماتنا ورجال الإعلام عندنا ورجال الدين والمتنفذين بالحكومات على الإصرار على إبقائنا بظلمتنا نعمه ليستفيدوا هم؟