المرأة الفلسطينية و المشاركة السياسية



ريهام عودة
2012 / 9 / 22

تعتبر المشاركة السياسية للمرأة عنصرا هام في بناء الوطن و في تطوير آليات الحكم الصالح كمفهوم بات قيد التداول في المحافل الدولية و في بلدان دول العالم المتقدمة .
و تطالب العديد من المنظمات الدولية حكومات دول العالم الثالث بتمكين المرأة سياسيا و منحها دور سياسي رائد يصل الي أعلى المراتب القيادية في الدولة حيث طالبت الأمم المتحدة العديد من الدول العربية باحترام حقوق المرأة و ناشدتهم بضرورة الغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة حيث وقعت نحو 20 دولة عربية على أهم الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق المرأة و هي اتفاقية سيداو التي صدرت من قبل الأمم المتحدة في عام 1979 من أجل القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
أما بالنسبة لوضع المرأة الفلسطينية وعلاقتها بالمشاركة السياسية فتعتبر المرأة الفلسطينية بالنسبة لمعظم شعوب الوطن العربي بمثابة المرأة الحديدية المناضلة و المرأة الصامدة التي مازالت مستمرة في العطاء بالرغم من المعاناة و الضغوطات التي تعاني منها بسب الاحتلال و الأوضاع السياسية و الاقتصادية السيئة في فلسطين والتي تحد من نسبة الفرص المتاحة لتنمية ودعم المرأة الفلسطينية في العديد من المجالات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية.
ولكن بالرغم من كل تلك الظروف السيئة و المحبطة التي تعاني منها المرأة الفلسطينية فقد برزت في الساحة السياسية الفلسطينية عدة شخصيات نسائية شهيرة ،استطعن المساهمة بكل فعالية و تميز في الحياة السياسية وفي المشاركة بعملية اتخاذ القرارات الوطنية على أعلى المستويات القيادية الوطنية حيث ظهرت الدكتورة حنان عشراوي كقيادية سياسية بارزة أثناء مفاوضات الشرق الأوسط وهي عضو في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وكانت أيضاً وزيرة سابقة في السلطة الفلسطينية بالإضافة الي ذلك برزت السيدة سميحة خليل في الساحة السياسية الفلسطينية أثناء فترة الانتخابات الفلسطينية حيث كانت أول امرأة فلسطينية ترشح نفسها للانتخابات الرئاسية لعام 1996،و هي كانت بذلك تنافس الرئيس الراحل ياسر عرفات.
و من الجدير بالذكر أن السلطة الفلسطينية برئاسة السيد الرئيس محمود عباس قد صادقت في عام 2009 على اتفاقية سيداو لمكافحة كافة أشكال التمييز ضد المرأة و التي كان من أهم موادها في مجال حقوق المرأة السياسية هما المادتان رقم 7 و 8 و التي تنصان على ما يلي:
المادة 7:
تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة للبلد،وبوجه خاص تكفل للمرأة،على قدم المساواة مع الرجل الحق في
أ. التصويت في جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة والأهلية للانتخاب لجميع الهيئات التي ينتخب أعضاؤها بالاقتراع العام.
ب. المشاركة في صياغة سياسة الحكومة وفي تنفيذ هذه السياسة،وفي شغل الوظائف العامة على جميع المستويات الحكومية.
ج. المشاركة في أية منظمات وجمعيات غير حكومية تهتم بالحياة العامة والسياسية للبلد.
المادة 8:
تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة لتكفل للمرأة،على قدم المساواة مع الرجل،ودون أى تمييز فرصة تمثيل حكوماتها على المستوى الدولي والاشتراك في أعمال المنظمات الدولية.
تلك كانت أهم البنود النظرية في الاتفاقية السابقة أما من الناحية التطبيقية و العملية لتلك الاتفاقية فنستطيع القول أن المرأة الفلسطينية ترأست بالفعل العديد من الوزارات الفلسطينية الهامة مثل وزارة التربية و التعليم العالي ووزارة الشئون الاجتماعية ووزارة الثقافة ووزارة السياحة و الآثار وقد شاركت أيضاً المرأة الفلسطينية في العديد من المؤتمرات الدولية وعملت ببعض البعثات الدبلوماسية الفلسطينية بالخارج حيث على سبيل المثال تم تعيين السيدة ليلي شهيد كمندوبة لفلسطين في الاتحاد الأوربي وتم تعيين نساء أخريات في مناصب أخرى ضمن عمل السلك الدبلوماسي الفلسطيني ووزارة الشئون الخارجية.
لكن يبقى هنا سؤال هام و هو هل هناك مشاركة حقيقية للمرأة الفلسطينية في الحياة السياسية ؟ أم أن تلك المشاركة تقتصر فقط على النخبة و على النساء المنتسبات الي الأحزاب السياسية الحاكمة ، حيث لاحظ العديد من المراقبين و المهتمين في مجال حقوق المرأة بفلسطين أن المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية محدودة و نسبية و هي مجرد مشاركة رمزية تقتصر على فئة معينة من النساء اللواتي تدعمهن الأحزاب السياسية.
و يستمر التساؤل أيضاً في هذا الصدد حول احتمالية تشجيع المواطنة الفلسطينية العادية للمشاركة في العملية السياسية الديمقراطية بحيث لا يتم اختصار دورها السياسي فقط بمجرد المشاركة في المسيرات الجماهيرية التي تنظمها الأحزاب السياسية حيث أن جل ما تقوم به المرأة هو مجرد رفع علم لحزب سياسي معين مرددةً شعارات سياسية غير مدركة لمعانيها الأساسية و ذلك لأن بعض الأحزاب السياسية تنظر لمشاركة المرأة في فعالياتها كمجرد رقم يضاف من أجل زيادة أعداد المؤيدين لها في المظاهرات و المسيرات الجماهيرية.
وأخيرا أتمنى أن يتم تفعيل دور المرأة الفلسطينية بشكل ايجابي و فعال في الحياة السياسية الديمقراطية من أجل تعزيز مبدأ المواطنة بشقيها الحقوق و الواجبات مما يؤدي الي زيادة الانتماء و الانحياز لمصلحة الوطن ككل بدلا من استغلال دور المرأة السياسي لتحقيق مصالح و أهداف حزبية بحيث يتم اعتبار مشاركة المرأة السياسية مجرد صورة شكلية تزين المؤتمرات والفعاليات السياسية بينما تكمن مشاركة المرأة الحقيقة في المشاركة بعملية اتخاذ القرارات السياسية و في تعزيز مكانتها في المجتمع و اتاحة الفرص المناسبة لها من أجل المساهمة بفعالية في كافة مجالات العمل السياسي وعلى كافة المستويات المحلية والوطنية و الدولية .