أمي ... أميرتي



أسامة رائد
2012 / 10 / 8

كنت في الخامسة من عمري –لا تزال ذكريات تلك الأيام تتراءى لي كحلم جميل- وكانت أمي تأخذني إلى الحضانة برفقة صديقي مصطفى وأمه ثم يذهبان إلى عملهما. كنا طفلين مرحين وكانتا سيدتين جميلتين وأنيقتين رغم كل الصعوبات التي يواجهانها في العمل والمنزل لكن بالتأكيد كانت أمي أجمل بأناقتها ورشاقتها وشعرها الاسود الطويل المنسدل وعطرها الدافئ فهي في عيني أجمل نساء الكون .... آه كم أحب عطر أمي. كنت ولا زلت بعد كل هذه السنين أحس بالطمئنينة لمجرد النوم في حضنها وشم عطرها ... بل وأحب سرقة وسادتها لأني أحب أن أشم عطرها أثناء نومي ... وقبله وبعده.
كان أبي جندياً في البصرة وكنا ببغداد ولم أكن أراه طول الوقت. وفي ذات يوم جاءت رسالة منه مع هدايا لي ولأمي. فرحت جداً بها وكنت أبحث فيها فوجدت فيها أقمشة جميلة وناعمة كنت فرحاً لرؤيتها . قلت لأمي: ما أجملها هل ستصنعين منها ثوباً
قالت بحنانها اللا متناهي: يا حبيبي هذه شالات لتغطية الشعر.
لم أفهم قصدها حينها و بعد أيام قلائل خرجنا في الصباح كالعادة ولكن أمي لم تكن بمظهرها المعتاد. لم يكن شعرها الجميل ينسدل خلفها ولم ترتدِ ملابسها الأنيقة. كانت ترتدي ثوباً فضفاضاً طويلاً وكانت تغطي شعرها بالأقمشة ألتي أحببتها ذات يوم. كانت أم مصطفى كعادتها في أناقتها ومظهرها الجميل. لم أفهم ماذا حصل. لماذا حصل هذا التغيير؟ أمي أين جمالك وأناقتك؟ لماذا فعلتِ هذا بنفسكِ؟
أسئلة دارت ببالي لكني لم أتفوه بها ... كنت أحسد مصطفى كثيراً لأن أمه صارت الآن أجمل من أمي. بقيت أمي الأكثر حناناً ولطفاً ومحبةً. ولا أزال أحب عطرها كعادتي ... لكني أحس بأن هناك شيئاً ناقصاً ... قل رونقها وقل بهاؤها وطلتها .... صرت أقلب في ألبوم الصور لأرى صور أمي الجميلة حين كانت في المعهد مع أبي وفي سفراتهما الجميلة وحفل زفافهما ... لطالما قالت لي أمي بأن أميرة تنتظرني ترتدي ثوبا كثوبها الابيض في عرسها ولطالما قلت لها بأني أتمنى أن تكون الأميرة بمثل جمالك ... كنت أشاهد صورها وهي تقبلني وتحملني وتضمني عندما كانت بزهوها المعهود قبل أن تغطي شعرها وفي داخلي حنين خفي لتلك الأيام .... ولا زال حتى هذا اليوم
أحبك يا أمي ..... وأريد أميرة بمثل جمالك وبهاءك وأناقتك ..... وأعدك بأني سأرسل لها الكثير جداً من الهدايا ... لكن لن أرسل لها هدية كالتي أرسلها لك أبي.