حوار مع الظل



إيناس فارس
2012 / 10 / 10

في جوف الليل تجلس تلك المرأة على حافة المستقبل متكئة على حائط الذكريات امام مرآة الحقيقة،تنظر لنفسها ملياً، هي لا تعرف تلك السيدة التى تعكسها المرآة....وحوارٌ يبدأ...
أنا: اراك عبوسة حزينة؟من انت!!!!
الظل: ههههههههه، الا تعرفيني! انا انت وانت انا......
أنا: لكنني لا اشبهك، لا اعرفك...انا لا احمل معول بيدي
الظل: أنا مختبئة بين ثنايا روحك، صنعني مجتمعك ، نحتني وشكلني بمعجون الأديان،فطرني على احكام واعراف وقوانين بائدة...وضعني بين قضبان وهمية ...وزرعني على ارضٍ ترابها خوف وزهرها خجول....
أنا: بارتباك ...ولماذا قبلت بذلك؟
الظل:في مجتمع تاريخه وأد النساء،في مجتمع تربى على اني ناقصة عقل ودين، في مجتمع لا يرى المرأة سوى وعاء لتفريغ طاقاته الجنسية، وماكينة تفريغ الاطفال" والذكور تحديدا"، لا تملكين حق الرفض او القبول....خلقت زهرة برية نقية ...لكنهم ما ان اهدتني الطبيعة انوثة كاملة تتجدد كل شهر ...حتى اقفلوا على جسدي وعقلي كل الابواب....وجرعوني الوصايا المائة.....لا تخرجي...لاتفكري....لا تتحدثي....لا تقرأي....لا تكتبي....لا تجلسي هكذا.....لا تلعبي مع الصبيان...لا تتحسي جسدك...لا تقفي عارية ولو مع نفسك....لا تحبي نفسك...وفي عمرٍ آخر بعد المليون الوصية....وقفوا على بابي في يوم زفافي يطلبون ميثاق الشرف....وشكروا وحمدوا واثنوا على ان الله اكملها معهم بالستر....وخرج المحارب المغاور من حصان طراودة بعد تلك الفتوحات رافعاً راية بيضاء لطخها بدمائي النقية....ولا تنتهي الوصايا....وكيف واذا اصبح لك وصيٌ ووليٌ لامرك...ونعمتك...برضاه تعيشين...وبسخطه تحت اقدامه تموتين....وتصبح الوصايا....لا تعصي وليك...لا ترفضي له طلب....لا تمنعي نفسك عنه فتلعنك الملائكة سبعين مليون الف لعنة.....لا تجادليه...لا تتكاسلي في طلباته....لا تنسي ان من تصلين له بعد الله هو وليك"زوجك".....
أنا: يا الهي...نعم يشغلني ظلم وطغيان المجتمع الذي اعيش فيه....لكنني لم اتخيل انه بالبشاعة هذه....وكيف انتي بداخلي وتعلمين ما لا اعلم؟
الظل: انت تعلمين هذه افكارك ورفضك...لكنك خائفه...ومصرة على ان تبقيني وحيدة احارب بداخلك.....ناديتك كثيرا قبل ان يشيب الشعر ويتجعد الوجه...ويتعب القلب....لكنك كنت خائفة....ترعبك فكرة المواجهة...والوقوف بوجه هكذا مجتمع...
صمت رهيب ونظرات متبادلة.....أنا حزينة على الظل....والظل ناقمة غاضبة على أنا.....
وتقول أنا....لم تخبريني لماذا تحملين معول؟ولماذا يداك مدميتان
الظل: احفر منذ اعوام في نفسك ....احاول ان أصل الى جذور مأساتك وخوفك ووهنك...لاقتلعها..... الحفر ادمى يداي وجسدي....ولكنني سعيدة لاني اغسل روحك بدماء الحرية....الم تشعري بالحفر.....الم تسمعي صوت الآمي وانا احفر...الم تشتمي رائحة دماء....
أنا: بخوف ورعب وصوت خافت ....أحيانا...لكنني كنت لا اعير الموضوع انتباه...فانا اخاف من قبيليتي وولي نعمتي وامري....
الظل: اما سئمت من نفسك !!!! يا حسرتي
صمتت أنا ورفعت ظهرها عن حائط الذكريات....وقالت اريد ان اكون انا التي في احلامي....اريد ان اكون حرة طليقة.....ارفض خنوعي وضعفي.....ارفض خوفي ...وصمتي....اريد ان اتحرر من هذه القيود....ساعديني يا نفسي....
الظل"النفس": ها وقد اعترفت انك انا وانا انت...عملت طويلا لاحررك من قيودك الدفينة..ولكنك كنت خائفة..والان كي تتحرري لا بد ان تحملي المعول عني قليلا وتكسري هذه المرآة وتحطمي اسوار سجنك لتتحرري من سجانك..
أنا : حسنا...
النفس: انتبهي ستدمى يداك...وقبيلتك وولي نعمتك...سيعلقون لك مشنقة...
رفعت أنا رأسها للسماء وقالت : لا بأس ان لحريتي في بلادي ثمن يجب ان ادفعه...فأنا استحقها.. ومدت يدها تناولت المعول وكسرت المرآة........