الفكر الأنثوي والكتابة من الرحم.



نافزعلوان
2012 / 10 / 21

بسم الله الرحمن الرحيم

الفكر الأنثوي والكتابة من الرحم.

بطبيعتها المرأة عاطفية وتتصرف حسب ما تمليها عليها مشاعرها وأحاسيسها. وعلي الرغم من تركيز نقاد الفكر الأنثوي علي هذه النقطة بالذات إلا أن هناك شيئاً ما في تكوين الأنثي تجعل عاطفتها وأحاسيسها قادرة علي أن تكتشف وأن تحس بأشياء يعجز الذكور عن محاكاة الإناث في تلك المقدرة. تخون تلك العاطفة والأحاسيس المرأة في مواقع معينة تكاد تجزم علي أن المرأة تكره تلك الخيانة وتود لو أن هناك ما تستطيع القيام به للتخلص من نقاط ومواقع الضعف هذه.

مارجريت تاتشر كانت في إجتماع هام خلال حرب جزر الفولكلاند ضد الأرجنتين علي أثر إغراق الأرجنتين قطعة بحرية هامة ومتطورة للبحرية البريطانية وكان الحديث مهماً وخطيراً حيث أن الأرجنتين تخطط لعملية إنزال موسعة علي شواطئ الجزر وإذا بأحد المساعدين يدخل غرفة الإجتماع ويهمس في أذن مارجريت تاتشر فإذا بها تغادر الإجتماع بدون حتي أن تعتذر أو تبرر سبب مغادرتها وتركت الأمر لمساعدها لكي يشرح لطاقم الوزراء والقادة العسكريين الذين كانوا مجتمعين معها والذين كانت الدهشة تبدوا علي وجوههم والإستغراب من مغادرة رئيسة الوزراء لهذا الإجتماع الخطير. كان حرج مساعد السيدة تاتشر في شرح أسباب مغادرة السيدة تاتشر للإجتماع يبدو واضحاً من خلال تلعثمه وهو يقول أن إبن السيدة تاتشر مفقود في الصحراء وهو يشارك في أحد راليات السيارات في أفريقيا.

كانت مغادرة السيدة تاتشر المفاجئة لذلك الإجتماع هي السبب في سقوطها في الإنتخابات علي الرغم من تعاطف الملايين من النساء والأمهات البريطانيات مع قرارها بمغادرة الإجتماع من شدة لهفتها علي وليدها.

كان الرأي العام البريطاني منقسماً علي قرارها ذلك ولكن كان متفقاً علي أن لو كان هناك رجلاً مكان تاتشر أو لو كانت تاتشر رجلاً لما غادرت ذلك الإجتماع. وبما أن النساء أقدر من الرجال علي مواجهة نقاط ضعفهن والإعتراف بها فلقد إعترفت السيدة تاتشر أن كان بودها أن لم تغادر ذلك الإجتماع ولكنها، حسب تعبيرها كإمرأة وكأم، لم تستطع إلي ذلك سبيلاً.

لا نستطيع التأكيد علي أن نقاط ضعف المرأة هذه كانت وستكون أحد أسباب تقهقر المرأة في جميع المجالات ولكن من المؤكد أنها عوامل ساهمت ولسنين عديدة في الوقوف في طريق نجاح المرأة الكامل. أضف إلي ذلك علم الذكور المسبق بنقاط الضعف هذه وإستخدامها ضد المرأة لسنين طويلة مما أدي إلي تراجع دور المرأة في المجتمع بالشكل الذي هو عليه الآن. حتي في الدول المتطورة لا تزال المرأة الأقل دخلاً ولا تحتل المناصب العامة أو الحكومية بالكم الذي يتناسب مع الدرجات العلمية أو حتي الخبرات المهنية التي تمتلكها العديد من النساء في الغرب أو في الدول المتقدمة عموماً.

هناك معوقات طبيعية لا حول ولا قوة للمرأة في التغلب عليها أو التخلص منها كالحمل والولادة ومراحل الحضانة والتي لا بد منها من أجل كمال العامل النفسي والجسماني للمرأة وللجنين وهذا الأمر بالنسبة للمرأة هو رغبة لا إرادية تتفوق علي جميع الرغبات التي يعرفها الذكور وهي رغبة لا يعرفها سوي الإناث في هذا العالم ونجد أن لها إسم علمي وتفسير علمي وهي رغبة الأمومة والسبب في عدم إمكانية الذكور معرفة معني هذه الرغبة هو أن الذكور لا يوجد لديهم رغبة الأبوة كما توجد رغبة الأمومة عند الإناث.

من هنا نجد أن ثقافة ونمو المرأة الإجتماعي محاصر ومحارب من قبل أشياء خارجة عن إرادتها ولم يقم المجتمع بخلق أدوات أو وسائل لمساعدة المرأة أن تتغلب علي هذه المعيقات والتي هي في الحقيقة من أبسط الحقوق الإنسانية للمرأة أن يقوم المجتمع بخلق تلك الميكنة لأن المعوقات التي تمر بها المرأة هي العامل الوحيد لإستمرارية الحياة وخلق المجتمعات وعلي الرغم من أن لا حياة ولا وجود بدونها إلا وأنها لا تزال في معاناة أزلية لا يخجل الذكور أن يطلقوا عليها أشياء وأسماء كـ قدر المرأة ومشيئة الخالق والعديد من المسميات التي لا تمت للعقل ولا للخالق بصلة.

حركات مساواة المرأة وحركات تحرير المرأة تخلو من الحلول. من المهم أن تطالب بحقوقك ولكن من الأهم أن تعطي الوسيلة والحلول لخلق تلك الحقوق وإيصالها إلي مستحقيها۔ وبالطبع فإن أشد أعداء المرأة هي المرأة ذاتها، المرأة التي تؤمن بأشياء قد لا تؤمن بها إمرأة أخري وكما نلاحظ التنوع حتي في حركات مساواة المرأة وتحررها نلاحظ أيضاً أن المعتقدات والأهداف هي التي ترسم طريق تلك الحركات وتحدد أهدافها. هناك من يعزي ذلك إلي كبت المرأة في بعض مناطق العالم وعدم قدرتها عن التعبير عن مطالبها بحرية تامة وللأسف يكون جل التركيز علي الحرية الجنسية وما إلي ذلك من أبواب الحريات الجسدية والتي يحسب الكثيرين أن هذا هو المغزي من جميع تلك المطالب. الجهل هنا هو السبب في عدم معرفة أن تكوين المرأة سيكولوجياً وعضوياً يجعل الموضوع الجنسي بالذات في آخر القائمة بالنسبة لجنس الأنثي. الأنثي بطبيعتها ليست مخلوقاً شهوانياً بالفطرة كالذكر مثلاً والنساء علي الرغم من الوصف التقليدي لهن علي أنهن مخلوق يهتم بجماله الخارجي وهو الذي خلق تلك الصورة العامة الجاهلة والتي عنوانها أن المرأة أو الأنثي هي مخلوقة للجنس فقط وممارسة العشق والحب إلا أن هذا خطأ فادح أدي إلي تدمير الصورة العامة للمرأة وأدي كذلك إلي خلق أجيال من النساء إعتقدت بصحة هذا الأمر في مخالفة صارخة لطبيعتهن وأحاسيسهن.

في دراسة شملت عدداً من النساء اللآتي يمارسن الدعارة، كمهنة وحرفة، أثبتت تلك الدراسة أن خمسة بالماءة من أولائك النساء يستمتعن بتلك العلاقة الجنسية والخمسة وتسعون بالماءة الباقية يكون الأمر بالنسبة لهن هو عملية عضوية بل ولدي الكثير منهن من يفكرن بأمور مختلفة أثناء أدائهن لتلك المهنة وممارستهن لتلك العملية الجنسية.

كذلك هو الأمر بالنسبة للعديد من النساء المتزوجات واللاتي يمارسن الجنس مع أزواجهن وهن في الحقيقة غير راغبات في هذا الأمر ورغم ذلك يمارسنه لإرضاء الزوج أو لإرضاء فرض ديني كما هو معتقد لدي الكثيرات من السيدات المسلمات.


ولإثبات تلك النتائج وللخروج بنتائج أكثر دقة وذلك لتفادي الحرج والخجل الذي يعتري مجموعة النساء اللآتي ساهمن في تلك الدراسة والذي قد يكون سبباً في إعطائهن إجابات قد لا تكون حقيقية مائة بالمائة، قامت تلك الدراسة بزرع قطعة إليكترونية صغيرة جداً في عدد لا بأس به من المشاركات في تلك الدراسة وأثبتت النتائج بشكل لا يقبل المناقشة أن إجابات النساء عن أن هناك حالة كاملة من الإنفصال الذهني بين ما يمارسنه وبين ما يدور في أدمغتهن أثناء ممارستهن للبغاء. نستخلص من تلك الدراسة هو أن من يدعون أن مطالب المرأة للحريات هي لأسباب جنسية بحتة هو أمر يخالفه عقل وتكوين المرأة.

وطالما بقي هذا الإرتباط في عقول من يحاربون حركات تحرر المرأة ستبقي المرأة رهينة وحبيسة تلك المعتقدات والحل هو في المصارحة والوضوح في الحوار ولا يجوز أن تكون المطالب لا تحمل ثقافة من ورائها كما أن لا يجوز أن تكون المعارضة هي فقط من أجل المعارضة ولا يوجد دليل علمي يثبتها أو يدحضها.

ولا تزال مثقفاتنا العرب وأديباتنا العرب لا يفتأن ولا ينفككن عن المساهمة في هذا الفكر، سواء بقصد أو بغير قصد، يسهمن فيه عن طريق إقران أحوالهن الفكرية بالنسوية و بنجسهن والتركيز علي الأنثي من منطلق ومفهوم منطقة الرحم. يصعب أن تجد هذه الأيام مقال او دراسة لكاتبة أو باحثة من دون أن تجدهن يحشرن هذا الأمر في ذلك المقال أو ذلك البحث وذلك بناء علي الإعتقاد أن التركيز والتصميم علي إشهار الهوية الأنثوية في الفكر الأنثوي فيه تعزيز لمواقف المرأة وإشهار للمرأة التي تقف وراء المقال أو الدراسة وهذا في حد ذاته جريمة ترتكبه المرأة في حق نفسها وفي حق بنات جنسها علي أساس أن بدون هذا قد يتم تمرير فكر هذا المقال أو الدراسة علي أنه فكر رجل وليس فكر إمرأة وفي هذا إهانة للجميع وتكريس متعمد لتوسيع الفجوة بين عقل الرجل وفكر المرأة ..


نافزعلوان لوس أنجليس