حان الوقت لإنتفاضة المرأة العربية



دارين هانسن
2012 / 11 / 9

منذ انطلاق الثورات العربية قامت المرأة جنباَ إلى جنب مع الرجل في التظاهر والانتفاض ومواجهة رجال الشرطة والأمن والأسلحة. تركت كل شيء وركضت كما أخيها الرجل من أجل الدفاع عن الحرية. كانت المتظاهرة والمعتقلة والمسعفة والجريحة والشهيدة والمغتصبة. وكانت السياسية والناشطة. وكما ابتدأ كل شيء عبر موقع التواصل الإجتماعي الفيس بوك فقد ابتدأت هناك أيضاً دعوة إلى انتفاضة المرأة في العالم العربي، والتي كان من الأفضل لو سميت انتفاضة المرأة في العالم ولكن ليس هذا موضوعي الأن.
على جدار صفحة انتفاضة المرأة في العالم العربي تسارع عدد المعجبون والداعمون بشكل لافت للنظر يدعو للتفاؤل في ظل وصول الإسلاميين إلى السلطة في بعض الدول التي عاشت تلك الثورات وفي ظل الخوف من وصولهم في تلك الدول التي مازالت تعيشها كما سوريا. حيث عبر هؤلاء المعجبون عن رأيهم في مسألة لماذا على المرأة في العالم العربي أن تنتفض وتثور من خلال صور شخصية لهم يحملون ورقة تشرح تلك الأسباب. حيث تنوعت الأسباب وتعددت لتعبر عن الواقع المرير والبائس التي تعيشه المرأة العربية، فمن الخوف على مستقبل الأولاد الفتيات إلى حرية الحق في العمل إلى حق الإحترام والتعبير، إلى تغيير نظرة المجتمع عن كونها ألة للجنس والإنجاب وأعمال المنزل وحسب، وبين تلك الأراء والصور ما يعبر عن الحق في حرية اختيار اللباس من دون الخوف من رقيب أو حسيب أو الشارع أو كل ذكور القبيلة. بعض المؤيدين للصفحة فتيات أجبرن على ارتداء الحجاب من دون أن يكن لهن القرار في الإعتراض أو التعبير أو المقاومة، وما إن قامت الثورات العربية والتي كسرت كل المحرمات وتحدت المقدسات والتي تتمثل بالرئيس وموظفي الدولة حتى شعرن تلك النسوة بالفرج والنصر والقدرة على الوقوف في وجه الظلم. فقمن بخلع الحجاب كتعبير عن الرغبة في العيش الحر الكريم وكرمز للحرية التي انتفض العالم العربي من أجلها. لكنهن لم يوفقن وتعددت الأراء والمواقف والفتاوي التي تحرم فعلتهن وتحلل ذبحهن كغسل للعار الذي لحق بالعائلة. هذا الموقف ليس بجديد على تلك العقول المشبعة بالتخلف، لكن المفاجئ هنا هو ردة فعل الفيس بوك على تلك الصفحة.حيث في البداية سمحت إدارة الفيس بوك بإنشاء الصفحة ونشر الصور والأراء المتعددة ، لكن ما إن قامت الناشظة السورية الشابة دانا بقدونس بنشر صورتها والتي تعبر عن رأيها وحقها في المشاركة ودعم انتفاضة المرأة حتى تم حذف الصورة من قبل إدارة الفيس بوك. لربما يعتقد البعض بأنها كانت عارية تماما في الصورة أو أنها في السرير أو على الشاطئ تستمع بدفء برشلونة عارية الصدر أو ، لكن في الحقيقة الصورة التي نشرتها دانا في الفيس هي صورة جواز سفرها حيث كانت محجبة، والأخرى لها الأن من دون حجاب. من دون حجاب لكنها ترتدي ملابس وتظهر بما يليق بالعادات، لا عيب في الصورة ولا خدش للحياء الإجتماعي والتخلف الذي نتقوقع به، ومع ذلك ورغم أن الصورة عادية بكل المقاييس ولا شيء يشوبها، إلا أنها أشعلت بعض العقول الميتة في العالم العربي فأنتفضت ضد دانا وبدأت بالحملات المضادة للصفحة ولدانا شخصياً. والأغرب من ذلك هو أن الموضوع أو الإضطهاد لم يقتصر فقط على ردة فعل الفيس بوك أو بعض السلفيين المتدينين أو الإسلاميين المتطرفين، لكنه تعد ذلك بكثير ووصل الأمر إلى حد أن بعض الكاتبات العرب قد حقرن وللاسف أقولها وصغرن وعيبن ما قامت به الفاتنة دانا,حيث نشر مقال حول الموضوع في موقع هنا أمستردام والذي عرض بعض الأراء وردود الفعل على صورة دانا. من بين تلك الأراء كانت جورجيت علم والتي رأت بصورة دانا مجرد مسألة شخصية من الممكن أن تؤدي إلى تحويل الأنظار أو الإهتمام عن الثورة، وهذا ما أيدتها به الكاتبة خولة الحديدي والتي اعتبرت أن انتفاضة المرأة العربية في أساسها قصة تثير الإستغراب!!!!!!!!
رأيكن يثير الإشمئزاز والإستغراب وليست الصورة أو القضية التي طرحتها دانا وتحملت بشجاعة وقوة قلب وبإيمان عميق بضرورة طرح الموضوع. صورة دانا نعم لها ولوجهها وشعرها الجميل، ولكن السؤال الذي يطرح هنا كم دانا تعاني في الشرق، كم فتاة تموت وتقتل وتهمش وتنفى لنفس السبب؟ كم فتاة تتعرض لنفس القهر الإجتماعي الذي عاشته دانا. نعم جورجيت الحجاب هو حجاب العقل كما ذكرت نوال السعداوي وليس قطعة قماش، لكن أتدرين حجم المعاناة التي تعيشها الألاف والألاف من النساء في الشرق بسبب تلك القطعة؟ لو كنت على علم بذلك لرأيت بأن المسألة ليست شخصية كما تصورينها، ولكنها قضية عامة وجزء أساسي لا يتجزأ من حرية المرأة وحقها في التعبير وحق الإختيار. كما أن خولة وجورجيت بنفس المقال قد اتفقن على أن الوقت ليس مناسب الأن لإنتفاضة المرأة!!!! إذاً متى الوقت المناسب في رأيكن؟ حين تذبح الفتيات في الشوارع بدل السر من أجل قضية شرف! حين يفرض عليك ارتداء العباءة والنقاب لأنك عورة! خين تضعين شهادة الهندسة أو الطب على حائط التواليت في منزلك لأن العادات تحرم اختلاطك بالرجال! حين يعود بنا الزمن إلى وأد المولود إذا كان فتاة؟ حين يجهز كفن ابنتك بزي عروس وهي في السابعة من أجل حفظ شرف العائلة! أم ماذا؟ نعم الإنتفاضة وقتها الأن وليس لاحقأ لأن الكثير من الفتيات قد وضعن للتو شهادات الطب والصيدلة والمحاماة والهندسة في التواليت لأن المجتمع حرمهن من الإختلاط بالرجال. ودانا قد أضاءت النور على جزء من الظلام الذي طوقت به قدرات المرأة العربية، تحملت التحدي لوحدها والمواجهة لوحدها فالعظمة لك دانا. لكن الملفت للنظر هو عدد المؤيدين الذي يرتفع ويزداد كل يوم لنصرة دانا وتأييد دانا على الرغم من المحاولات البائسة لإسكات صوت الحق، إلا أن وقتكم تأخر وتحررت المرأة العربية من القيود التي كبلت بها. حان الوقت لتلك النساء الفرحات بواقعهن المستسلمات الضعيفات أن يكتسبن القوة من دانا ومثيلاتها اللواتي بإرادتهن يتحول الموت إلى حياة والظلام إلى نور وتتحرر المرأة من جهل المجتمع مع تزايد أعدادهن. بوركت خطواتك دانا.