الفتاة / المرأة بين قفص العائلة والزوج



يوسف ميرة
2012 / 11 / 10

لطالما عانت المرأة المغربية/العربية من ظلم الأفكار الذكورية التي كانت ومازالت تغيب حقوقها في أبسط الأمور، والتي أنتجتها مجتمعات قبلية عبر مجموعة من التقاليد والعادات، ورغم تحرر المرأة من مجموعة من القيود في زمننا الراهن، إلا أن هذا لم يكن نتيجة لاختيار ذاتي عبر اقتناع المجتمع العربي الذكوري بهذا التحرر، والتحرر في نظري الذي لا ينتج عن اقتناعات أصحابه، لا يصير سوى خطابات تمرر في الأفق عبر الصحف والإذاعات والجمعيات...
ولعل ما يفسر ذلك، استمرارية بعض التمثلات والسلوكات المقيدة لحرية المرأة، والممارسة تحت ذريعة مجموعة من المسميات المفاهيم المنبثقة من داخل المجتمعات القبيلية كمفهوم "الشرف" مثلا، حيث نجد أن المرأة تصبح من داخل هذا المفهوم سجينة لقفصين، الأول يخصص لفترة ماقبل الزواج والثاني لما بعده، وهذا في حالة كان هناك زواج أما في غيابه فتبقى عبئا على نفسها وعلى المجتمع.
- قبل الزواج (القفص العائلي):
تولد الفتاة/المرأة طفل صغير لا يعرف ما يريد ولا كيف يحصل على ما يريد، وعندما يصل هذا الطفل إلى حقيقة كونه فتاة/امرأة لها حقوق طبيعية، كسجد له رغبات عاطفية وبيولوجية، وحقوق إنسانية في إطار علاقات اجتماعية؛ يصطدم بكون أنه ولد في مجتمع ذكوري يحرم هذه الحقوق، ويجعل منها آليات سلطوية تضمن له حق التدخل.
فالفتاة المغربية/العربية تتعرض منذ صغرها للوصاية من جميع فئات أسرتها، وحتى أصغر الأطفال، لأنها بالنسبة لهم تحمل شرفهم الممثل في "البكرة"، وهكذا فلا يحق لها أن تملأ فراغا عاطفيا أو رغبة بيولوجية أوتتصرف بإرادتها أو تتخذ قرارا دون موافقة العائلة، وهي بالتالي تكون قد سلمت جسدها لعائلتها بإرادتها أو من دون إرادة، وهذه الحالة لن تنتهي إلا مع الزواج، ولهذا يصبح الزواج عقدة المرأة في هذا المجتمع.
ـ بعد الزواج "قفص الزوج":
الزواج هو بمتابة حفظ "الشرف" عند هذه المجتمعات، وهو كذلك النتيجة المقر لمدى فعالية وصاية العائلة؛ هل استطاعت أن تحافظ على شرفها عبر الحفاظ عن "البكرة"، أم أن الفتاة تمردت عن هذه الوصاية وسلمت نفسها لرغبتها؟
ففي الحالة الأولى تلقى رضى الأسرة والزوج، وتستمر الاحتفالات والأهازيج للتعبير عن ذلك، حيث نجد في الأعراس المغربية مثلا مسألة "التزيان"؛ عبر الرقص بسروال العروس المليء بدم البكرة، وترديد أهازيج تحمل عبارات تؤكد بأنهم نجحوا في حراسة شرفهم الذي كانت تحمله ابنتهم، لتنتقل بذلك من قفص العائلة إلى قفص الزوج الآمر والناهي والمعيل... حيث لا يمكنها مواجهة المجتمع من دونه.
أما في الحالة الثانية تصبح :
ـ منبوذة من طرف كل العائلة لأنها أضاعت شرفهم وحطت من قيمتهم داخل المجتمع،
ـ منبوذة من طرف الراغب في الزواج بها لأنه لا يحب أن يتزوج بامرأة سلمت لرغبتها مع غيره قبل أن تعرفه، مع العلم أنه مارس مع الكثير من غيرها قبل أن يعرفها،
ـ منبوذة من طرف نفسها فلا تجد سبيلا آخر غير اختيار "الذعارة" وبيع جسدها الذي تسبب لها في هذا الوضع.