المرأة العربية معاقة وليست ملكة



جهاد علاونه
2012 / 11 / 12

يقال:إذا أخذ اللهُ ما أوهب أسقط ما أوجب, وبناء على هذه المقولة لماذا لا نعتبر المرأة العربية الممنوعة من العمل ومن مخالطة الرجال بأنها كالذي أخذ الله منه عقله وأسقط عنه ما أوجبه؟ ومن يقول بأن المرأة العربية المسلمة في بيتها ملكة هو كمن يقول بأنها معوقة ولتجميل صورة المتسبب بإعاقتها يلجأ إلى فكرةٍ أكثر شفافية وهي أنه جعل منها ملكة تجلس في البيت وكل شيء يأتيها إلى جنبها وهذا بحد ذاته جرم مشهود يسعى إلى خنق المرأة واعتبارها غير مؤهلة للحراك السياسي والاجتماعي والثقافي,وأيضا إذا حُرمت المرأة من العمل ومن قيادة السيارة فإنها من الطبيعي أنها ستبقى تجلس في البيت ليس كملكة كما يقولون وإنما كمعوقة وحتى المعوقون يقودون السيارات في الدول المتقدمة حضاريا,وأغلبية النساء في الدول العربية يجلسن في البيت وهذا معناه أنهن معوقات بدنيا وعقليا.

انتشرت ظاهرة نزول المرأة للعمل أول ما بدأت بسبب انتشار ظاهرة المصانع خلف خطوط الإنتاج نظرا لأن العمل -خلف الآلات الميكانيكية- لا يتطلب بذل المجهود العضلي، فكل شيء أصبح يصنع بكبسة زر أو بوصفة سحرية من مشغل الماكنة وكأنك تقول(افتح يا سمسم), وبدأت النساء بالقدرة على الإنتاج وتضاعف أعداد النساء العاملات في المصانع وبدأت النساء بذلك يطالبن بحقوقهن المدنية هن والرجال جنبا إلى جنب فظهر نظام تحديد ساعات العمل وإجازة الأمومة وانتشرت ثقافة حقوق الإنسان ومعاملته بإنسانية مما أدى إلى ظهور النقابات المهنية وتحديد ساعات العمل وحق العامل في إجازة أسبوعية في نهاية كل أسبوع ومن ثم إجازة سنوية وإجازة مرضية وظهر نظام الضمان الاجتماعي والتقاعد عن العمل,وأصبحت المصانع وكأنها أحزاب سياسية فيها الكثير من التجمعات التي تتحدث في كل شيء مثل:الدين والجنس والسياسة,وبدأ مظهر المرأة العقلي يتحسن عليها وتحولت من مخلوق معاق بدنيا يجلس في البيت إلى مخلوق آخر منتج وأيضا تحول الرجل من رجل معاق يجلس نصف السنة بلا عمل إلى رجلٍ معافى صحيا يعمل طوال أيام السنة بلا توقف.

لا توجد لدينا حقوق للعمال وللمرأة مثل تلك المتوفرة في أوروبا اليوم والسبب وراء ذلك واضح جدا وهو أننا لا نملك لا مصانع ولا مؤسسات حكم مدنية,وقبل أن نطالب بحقوقنا علينا أولا أن نجد عملا ومن ثم نطالب بحقوقنا فطالما لا توجد مصانع طالما أن المرأة جالسة بلا عمل وطالما هي جالسة بلا عمل طالما كانت مخلوقٌ معوق وفاقد الشيء لا يعطيه, فما فائدة المطالبة مثلا في السعودية بحق المرأة بقيادة السيارة طالما لا تخرج هنالك لا المرأة ولا الرجل للعمل في المصانع أمام خطوط الإنتاج وخلفها,إن المصنع هو الذي حرر العبيد في أمريكيا والمرأة في أوروبا نظرا لحاجة المصانع لليد العاملة! وتبقى المرأة العربية جالسة في البيت مثل المعوقين مع احترامي الكبير للمعاقين فحتى المعاقون في الدول المتحضرة يعملون في مختلف المجالات، إننا على الأغلب ما زلنا نحن والنساء خصوصا نجلس في البيت مثل المعاقين خلقيا وعقليا لا نعمل ولا نخرج للمصانع والأدهى والأمر من كل ذلك أن يأتيك فقيه ديني ليقول لك بأن المرأة ملكة على زوجها وعلى أولادها في بيتها في حين أن الحقيقة تقول غير ذلك فالمرأة سواء أكانت ملكة أو عبده فهي قبل كل شيء معاقة تجلس في البيت ولا تخرج منه وهي بهذا لا تختلف عن دولة الرجل المريض ولا تختلفُ أيضا عن المعاقين عقليا وفكريا فالمعاق هو الشخص الوحيد الذي يجلس في البيت دون عمل والذي أخذ اللهُ منه عقله أسقط عنه فرائضه, ونحن على كل الصُعد عبارة عن معاقين ليس من المسموح لنا بفعل الظروف من أن نشارك في الحياة السياسية والاجتماعية من خلال التفاعل مع الحراك السياسي والاجتماعي والثقافي إننا بكل المقاييس معاقون,وأنا كاتب هذه السطور أول معاق عربيا لأنني ممنوع من المشاركة السياسية والاجتماعية وتفضل بذلك الدولة أن تعطيني راتبا شهريا مثل العجزة والمساكين والدراويش بسيط جدا لكي لا أخرج من بيتي للمشاركة في العمل وفي الحراك الثقافي والسياسي والاجتماعي, حتى الذين يكتبون ويشاركون في الحراك فهم معاقون لأنه من غير المسموح لهم أن يكتبوا في الدين والجنس والسياسة وبالتالي إذا حُرم الكاتب من الكتابة في هذه الأمور الثلاثة فإنه سينظر إلى نفسه على أساس أنه معاق فكريا واجتماعيا وسياسيا ودينيا, إننا تحولنا منذ زمن بعيد إلى مجموعة معاقين,وليس لدينا منظمات ومؤسسات مجتمع مدنية وذلك لأنه لا يوجد لدينا مصانع عملاقة أو غير عملاقة إلا ما ندر نُدرة الزئبق الأحمر،فعن طريق المصانع تنتشر ظاهرة العمل وتنتشر مؤسسات المجتمع المدني التي تنبثق عن ظاهرة المطالبة بالحقوق المهنية,والدول العربية أصلا لا تريد بناء المصانع وتفضل الاستيراد والتكنولوجيا المعلبة على ذلك خشية أن تنتشر المصانع وتظهر النقابات التي تتحول تلك النقابات بسرعة إلى أحزاب سياسية وتخشى أيضا من ظاهرة نزول المرأة للعمل ذلك أن المرأة من خلال العمل تصبح امرأة متمكنة ولديها قدرة في أن تفتح وحدها بيتا بمعزلٍ عن الرجل,مما يؤدي إلى تمرد المرأة على الرجل وعلى بيت الطاعة الزوجية,فهذه ثقافة قديمة دينية تريد الدولة أن تحافظ عليها وتريد منع كل الناس من المشاركة في الحراك الثقافي والسياسي والاجتماعي وحرية المرأة وتمكينها هي من ضمن أولويات التنمية الشاملة التي تريد الدول العربية منع وجودها.

..إن هذا المطلب مثلا في قيادة السيارة أو في حق المرأة بخلع الرجل من مكانه كما تخلع أنت المسمار من الخشبة أصلا غير مجدي طالما المرأة لا تعمل وغير متمكنة وتجلس في البيت مثل العميان والعرجان والخرسان,حتى أولئك ذوي الاحتياجات الخاصة لدى الدولة المدنية المتحضرة الكثير من الوظائف التي يستطيعون العمل بها وتناسب وضعهم البيولوجي, والذي يجعلها متمكنة هو الذي يجعلها أيضا غير معاقة والذي لا يريد تمكين المرأة نجده هو الذي يريد منها أن تبقى معاقة في البيت مثل(اللحية بالحائط) يجب أن نجد المصانع تفتح ذراعيها للمرأة فأين هي المصانع؟ فالتي تريد الحرية يجب عليها أن تطلبها بعد أن تعمل,وفي الدول العربية لا توجد لدينا مصانع لذلك لا توجد لدينا حقوق للمرأة تضمن مساواتها مع الرجل فالمرأة والرجل كلاهما لا يعملان في المصانع وحين نخلق المصانع ونشيد منها الأكبر والأضخم والأفضل والأحسن تظهر عندها لدينا قوانين تضمن حرية المرأة وحرية قيادتها للسيارة لتصل بها إلى موقع العمل لتصبح بعد ذلك غير معاقة,ومن الملاحظ أيضا أن أغلبية الدول العربية تخلو تماما من سكك الحديد وذلك للحد من سرعة انتشار المواطن ومشاركة الجماهير في كل شيء, فمثلا لا يجوز أن نرمي بوجبة من اللحم الطازج إلى إنسان ليس لديه أسنان ولا يجوز أن نعطي الحلق(الأقراط) إلى امرأة ليس لها آذان,كما لا يجوز أن نقدم أساور من ذهب أو فضة لامرأة يداها مقطوعتان, فما فائدة المطالبة بالحرية في مجتمع ما يقرب من 90% منهم معوقون خلقيا, فنحن المواطن لدينا شبه معوق لأنه أصلا لا يعمل والمرأة معوقة وتقعد في البيت تنتظر أن يأتيها معوق آخر ليطلب يدها للزواج, إن جملة أن المرأة ملكة في بيتها جملة في الأصل تعني أنها معوقة ذلك أن المعوق في الدول المتحضرة هو الوحيد الذي لا يعمل ولا يخرج من البيت ويجلس كما تجلس الملوك بانتظار من يخدمه دون أن يخدم نفسه بنفسه.