أحببتها ..ولازلت..



توفيق الحاج
2005 / 3 / 15

" إلى اللغز الجميل..في وجودي
بمناسبة عيده اليومي "

توفيق الحاج


استحثتني بعض النسوة اللائى أحترمهن كثيرا على الكتابة احتفالا بيوم الثامن من آذار فخذلتهن للأسف لسببين:
أولهما:ان الكتابة لحظة عشق بين الهام عار وصفحة بيضاء لاتتم بضغطة زر أو بفرمان أو حسب أجندة تقارير لصحفي محترف .
ثانيا:إيماني القديم الجديد بأن المرأة التي تتوزع بين صور أمي الحميمة وهمسات فتاة أحلامي وزوابع زوجتي وسرحان زميلتي وبسمات العابرات في الشارع والسيارة والمصعد أجل وأكبر من أن تتقزم وتختصر في يوم برونزي واحتفالية يتلاشى صداها في صباح اليوم التالي.

أحببت المرأة أول ما أحببت في ملامح أمي وصبرها الماسي على شظف العيش مع أب لا يفك الخط، ولم يقل لها يوما كلمة احبك كما قالها شكري سرحان لناديا لطفي في فيلم رومانسي ورغم ذلك كان الحب بينهما هادئا بسيطا عميقا في قمة البلاغة..!!
وأحببت المرأة مرة أخرى عندما شاهدت "سعاد حسني " وأنا في العاشرة من عمري ..أحببت فيها جمالها ورقتها وتمنيت أن أصادف في شبابي نسخة منها وكم كان الله كريما معي بشكل لا يتصوره أحد..!!ولكن الأحلام كعادتها تبخرت بعد قصة حب عنيفة وغير واقعية..

وأحببت المرأة مرة ثالثة عندما تعرفت الى زوجتي صدفة ..شدني اليها وجهها الملائكي وصوتها الشفاف وانسيابيتها المعبرة..واستغرب.. اين ذهب كل هذا..؟!!
هل جرفته سيول الهموم من كثرة العيال والديون والأوجاع..؟!!
ربما.. لكنني ورغم موجات الصراخ والضغوط لا أطيق ان أمكث في البيت دقيقة واحدة بدونها ولا أتذوق طعما لكوب الشاي من يد غير يدها ولازلت "بعد 28 سنة جواز" أطيعها غالبا –دون النظر الى سكاكين المطبخ وأكياس النايلون-..!! وأزجرها نادرا بكل الديمقراطية والرفق.. وأحبها على طريقة أبى البليغة الهادئة، ويكفي ان نسترق من بين ضجيج أطفالنا نظرات ذات معنى عندما تفاجئنا أغنية محلاة بعسل الذاكرة للست أو لعبد الحليم .

وأحببت المرأة للمرة الرابعة عندما قرأت قصيدة لصديقتي الشاعرة وهي تعبر عن مشاعرها الصريحة نحو حبيب رحل ورحلت معه كل أحلامها ..كان قلبها وعقلها يعزفان معا سوناتا تنتزع من كل محب التصفيق والدموع والاحترام.

أما الآن فاني أحب المرأة في كل لحظة تصافح فيها عيناي وجها صافيا بريئا ..مكسوا خفرا وحياء خاليا من الأصباغ والأقنعة ..أحبها ناجحة.. جريئة..ذكية..أحبها إعجابا وتقديرا لقدرة الخالق وفن صنعه..وإيمانا بان هذا الكائن الجميل الذي يقاسمنا عناء الكون لم يخلق عبثا وانما من أجل ان نسكن اليه ويسكن الينا ولا اعلم كيف ستمضى الحياة بدونه ولودقيقة واحدة.

إن المرأة في رأيي وبدون مجاملة قصيدة رائعة تحمل المعاني والدلالات العميقة والمتناقضة والمشعة والفريدة والغامضة وتحتاج إلى قارئ متأن وصبور يقرأ المرة تلو المرة ليكتشف كم هو جميل الغوص تحت السطور.
وفي رأيي أن كل امرأة على وجه الأرض لديها جمالها الخاص إما في الجسد أو الروح أو العقل ومن المهم أن يكون الرجل قادرا على التأمل والتقدير قبل أن تتملكه شهوة البحث عن لذة عابرة ..!!
إن الذي يحترم المرأة وحقها في حياة حرة كريمة ..يحترم وجوده وقيمه ، ومن يظلمها ويضطهدها إنما يتنكر لأبسط مقومات التحضر والإنسانية .لقد أثبتت بديهيات الحياة أن المرأة ريحانة الرجل وأن الرجل سيفها ولا معنى لوجود أحدهما دون الآخر

فقط.. إن كان لي من عتاب وأنا من أشد المؤمنين بوجود المرأة واحترامها فهو ذلك التطرف والشذوذ الذي يبدو أحيانا في كتابات نسوية متشنجة تجعل المرأة في حالة تحد و مواجهة دائمة مع الرجل كأنها ولدت لتعاني دونية أبدية أمام الذكورة ولذا نرى بعض نساء مسترجلات تخلين باختيارهن عما حباهن به الله من آيات وصفات يلهث خلفها الرجال.
كلي أمل أن تكون كلماتي هذه لمسة صادقة من الإعزاز والتقدير لكل امرأة تحترم عقلها وشريكها ودورها.
وفي النهاية لم أجد ما أقدمه تعبيرا عن مشاعري كرجل نحو أي امرأة سوي مقطعا من شعري يفوح بالعرفان والدلالة

لو

لو لم يكن في الكون امرأة
لكانت الحياة قطعة الصفيح
أو رتابة الفراغ في بلاهة العلب
لكنها حكمة الوجود………
أن يركن الرجال
إلى اللغز الذي يفيض
بالثلج………
واللهب……!!