أن تثق فيمن لا يثق بنفسه .. وهمٌ آخر في الأراضي المحتلة



سونيا ابراهيم
2012 / 12 / 12

أكثر شعور مؤلم هو ألا تستطيع الاعتماد على غيرك ؛ فمثلاً المواطنة الفلسطينية التي تعيش في الأراضي المحتلة لا تستطيع الاعتماد على / أو الشعور بالثقة تجاه ممثلات / ممثلين الشعب الفلسطيني ، الذين يحومون حول العملية السياسية و هم يبذلون أقصى جهودهم على إقصاء نتائج هذه العملية السياسية في وطن أصبح أكثر من ممزق !

لا تستطيع المواطنة الفلسطينية الاعتماد على ضمائر الإداريين في المؤسسات الحكومة ، مثل المستشفيات ، أو المدارس ، أو باقي المؤسسات الحكومية .. الأسوأ من ذلك الفساد الذي يتمتع بحصانته رجال الأمن و الشرطة ( بكلا شاطريها ) في ظل هذه الحكومات المدجنة تحت الاحتلال !

بإكراه المواطنة الفلسطينية على تقبل المعاملة السيئة ، بل الاستغلال و القمع و الرضوخ في هذا الواقع يصبح الحلم هو الهجرة خارج الوطن .. أما بالتعامل مع أفراد مفترض أنهم مهمون في المجتمع تشعر المواطنة الفلسطينية و كأن هذه المدينة - غزة أو حتى باقي المدن الفلسطينية الواقعة تحت ظلم الاحتلال ما هي إلا رماد
لمخلفات عفا عليها الزمان!

في المدن الفلسطينية التي تعاني الاحتلال ، و التي تقاوم فيها المرأة بصلابتها ، و تمسكها بعائلتها كل يوم ، يصبح التحدي الأكبر هو أن تعيش مع نسخ متكررة لشخصية ( سي – السيد ) و إن كانت هذه الشخصية تحتاج لنوع من التصنع ، و التعنت الذكوري فإن الرجل الفلسطيني بشكل خاص ، و الشرقي بشكل عام ، سوسيولوجيا ، و سيكولوجيا و حتى عقائدياً هو الأكثر عنفاً ، و همجية .. اذن لا بد أن يعترف الرجل الفلسطيني بأن الدور السلبي ، التي تلعبه السلطات تحت الاحتلال ، و عنصرية الاحتلال الصهيوني ترك أثراً خطيراً على علاقته بنفسه ، و بالمجتمع من حوله .

الرجل الفلسطيني الذي تحمل تعصب العائلة / القبيلة ، و الذي تعاملت معه الحكومات بكل قمع و استهتار لحقوقه كإنسان .. يزداد في الرضوخ يوماً بعد يوم لهذا الظلم المحاط به ، و هو يمثل دور الشخصية السلبية التي تنتظر موعد الانتصار مع العدو إما بتبعيته للأحزاب السياسية التي لا تمثله ، أو بخضوعه لفكر المجتمع المنكوب ؛ فنجد حتى أكثر الرجال تقدمية في عمله و فكره يتعامل بذكورية ، و رجعية مع زوجته ، و أبنائه في المنزل !

أما نوعية الفكر التي أصبحت مسيطرة على الرجل الفلسطيني في غزة – على سبيل المثال فهي امتداداً مخيفاً للتطرف و الهمجية القبلية ، التي نتجت عن فشل ممثلين / ممثلات الشعب الفلسطيني بتوصيل رسالة الشعب الفلسطيني للعالم بالطريقة الإنسانية التي تليق بعمق هذه القضية تاريخيا على مدى سنين طويلة من ظلم و عنصرية من احتلال .

الأسوأ من ذلك انه الرجل الفلسطيني بشكل خاص ، و العربي بشكل عام من الصعب عليه أن يعترف بحاجته للتغيير بعد كل هذه النكبات ، و الويلات التي تحملها . ما يزيد الأمر سوءاً هو التواكل على صورة مجتمع مشوهة يزيفها رجال السياسة ( المخصيين ) بمساعدة رجال الدين و مخاتير العائلات / رجال المجتمع ، و هم يدوسون كل يوم على رقبة النساء و الأطفال .. و كأن الطريقة الوحيدة لهذا الرجل الفلسطيني لتجميل صورة وطنه المحتل هي بقتل روح المرأة مع استمراره بالمثول لهذه العقلية الشرقية الذكورية ، التي تعبر عن القضيب بأرقى صوره في مواجهة قضيب الآخر .. لا بأي شئ سوى بالسلاح !!

و حينها فقط تصبح المواجهة دائما بين الرجل صاحب الحق و الرجل العدو لإظهار همجية أكبر ، و تعصباً أكثر .. و من يدفع الثمن هو النساء ، و الأطفال على هذه الأرض !

و لذلك يجب على المثقفات / المثقفين الفلسطينيات و الفلسطيني أن يخلعوا جلابيب آبائهن /م و عائلاتهن/م القبلية و قبول نوع آخر من السلام بالتمرد على كل أشكال التفرقة بغض النظر عن العرق ، الدين ، اللون ، و الجندر . هذه ستكون أفضل طريقة حضارية لمقاومة الاحتلال !

سأترككم لباقي هذه الأسئلة أعزائي : هل ستدرك حينها المرأة أن بإمكانها البدء بعائلتها و أبنائها ؟ هل سيكون الوطن ، و المجتمع حاضناً لهن أم سيخضعهن لتعنته ؟ إرادة المرأة .. و الزمن و حدهما من سيقرران الإجابة على باقي هذه الأسئلة التي أتركها لكم !