من يحتاج ليتحرر



هرطقة ضمير
2012 / 12 / 29

كثيرا ما نسمع مصطلحات تخص المرأة بالوصف دون غيرها ومن ابرز هذه المصطلحات تحررها . انعتاقها ، مساواتها مع الرجل ، اخذ فرصتها في ميدان الانتاج والابداع العملي ، رفع الظلم عنها ، تكريمها .. الخ من المصطلحات التي تنبع من واقع حقيقي تعيشه المرأة في المجتمعات الشرقواسلامية . كل هذه المصطلحات تؤشر على وجود مشكلة حقيقية بما يخص التوازن الانساني للعيش في هذه المجتمعات وفق حياة حرة كريمة .
ان من يبحث عن حل لهذه المشكلة او تغيير لهذا الحال عليه ان يحلل القضية ويفككها حتى يتسنى له الوقوف على العوامل التي انتجت هذا الاختلال المرضي في المجتمع ومن ثم يرسم خارطة طريق لتعديل الحال وبما ينسجم مع قيم الانسان. ويكاد يتفق كل من عنده ذرة من القيم الانسانية بان المراة اليوم في وضع متردي يعطل طاقاتها ويحرم المجتمع من ابداعها وقبل كل هذا فانه ظلم قاسي لها حتى وان كانت مؤدلجة بان هذا واقعها الذي يجب ان تقبل به او تعتنقه وتفرح به ناهيك عنها اذا ما كانت مجبرة .
ابتداءا لنشخص اسباب هذا الواقع . ان هذا الواقع هو مزيج قوي من موروث قبلي ذكوري السمة يتحد مع قيم دينية لاتنقصها الذكورية ايضا ويهب احدها القوة والدعم للثاني وبتراكم زماني ثقيل جدا ويتحالفان لتصنيف المرأة بتراتبية هي بالضرورة والتجربة دون مستوى الرجل على كافة الاصعدة مع انتقاص واضح بالعقل والقدرة والكرامة وحتى حق العيش احيانا .
اسمع اصواتا كثيرة تنادي بضرورة انتفاضة المرأة على هذا الواقع المريض الواجب التغيير . وانا ايضا مع هذا التغيير لكن ليس من بوابة الانتفاضة لانها ببساطة ستكون بمثابة انتحار للمرأة في ظل امتلاك الرجل كل ادوات القرار والسلطة والتحكم والرفض لخسارة الامتيازات الجنسية والاجتماعية التي يتمتع بها بظل مرض هذا الواقع .
ان رفض الرجل للانتفاضة شي محتوم لان تحررها الان بالنسبة له وهو على هذا المستوى المتدني من الوعي يعني بالضرورة انه سيخسر امتياز ان يكون لاعبا متمتعا باجساد النساء مستعبدا لهن وبامكانية استبدالهن كيفما شاء ومتى ما شائ تبعا لنزواته ، ولا يحتمل فكرة مزاحمتهن له في الكرامة والفخر ، ويرتب عليه كذلك التزامات اخلاقية جديدة بظمنها التكافؤ في الكد اليومي والمجهود الذي تبذله المرأة في البيت من خدمة وتربية .وقطعا سيهبهن نفس الحق في التساوي معه بالحقوق الجنسية التي يقرها لنفسه اليوم مع طرف مغضوض من المجتمع .
ما تقدم ببساطة مضاف اليه افتقار المرأة بصورة كبيرة للثقافة والتعليم وثقافة تنظيف الصفوف فيما بينهن بشكل خاص يقتل اي فرصة لنجاح هكذا انتفاضة .
ارى ان التغيير لا يتم الا بامرين قد تساعد الانتفاضة النسوية في التعجيل باظهار اثار اي منهما .
الاول وهو المهم طبعا والحيوي والذي يؤسس لديمومة الاجراء والتغيير دون ردة او نكوص ويرسي اسس التوازن الصحي للتعايش لكل من المرأة والرجل ، ويتمثل بتبلور وعي انساني يحل محل العقلية الذكورية سالفة الوصف ، ان مسالة التحرر النسوي لا يمكن ان تمر وتصبح واقعا الا اذا استوعبها عقل الذكر العربي قبل ذلك وهنا يكون الجواب عن السؤال حول كيفية التغيير . نعم بدون ارتقاء الفكر والوعي لا يمكن ان تكون انتفاضة المراءة الا زوبعة في فنجان مصحوبة ببعض الشجاعة والتضحية من قبل بعض النساء التي ستصبح عبرة لغيرها اذا ما حاولت عمل نفس الشيء . نعم ان المرأة الان على واقعها ضرورية لشحذ الهمم والايماء للرجل والايحاء له واخباره بمستوى الظلم الذي تعيشه ويجب ان تكون ضمن المستوى الذي لا ياتي معه باذى لها واقولها ايضا انا مع اي مظهر متاح امن للمرأة من مظاهر الانتفاض .
اما الثاني فهو ان تصل سلطة قوية تشرع من القوانين ما يرفع الحيف ويغير هذا الواقع نسبيا وهذا ما شهدناه في امثلة اذكر منها على سبيل المثال لا الحصر قرارت الزعيم عبد الكريم قاسم اول رئيس لجمهورية العراق والذي استوزر اول وزيرة في العالم العربي عام 1958 السيدة نزيهة الدليمي، والرئيس الحبيب بورقيبة والذي كان ايضا اول رئيس لتونس 1957 وارسى النظام العلماني لدولة تونس والذي به من رفع الحيف الشيء الكثير.
ان الامر الثاني مستبعد الان في ظل تنامي وتصاعد التيارات الدينية وتيارات الاسلام السياسي .
والان وبعد هذا كله من يحتاج للتحرر ؟ ومن يحتاج الى انتفاضة عليه ؟
ارى ان عقل الرجل العربي هو من يحتاج للتحرر والانعتاق من امراضه وانانياته وارى بنفس الوقت ان الانتفاضة يجب ان تتم على من يقف بالضد من كل هذا . واختم بالقول انه يخطأ من يظن ان المرأة مدافعة عن هذا الواقع . فقط اعطها فرصة للوعي لتتحر به من الايديولوجية الدينية الكريهة او الطرح الذكوري الذي تشبعت به منذ النشأة وسترى حينها كيف ترفض كل هذا .فكم يزعجني ويؤسفني ويحزنني مااراه من سخرية من واقع المرأة اليوم من قبل البعض او من اشكال اللبس الخاصة بهن وان كانت بعيدة عن المساواة فيا سادتي المراة اليوم ضحية وليست جلاد وتستحق التضامن لا الازدراء
.
.
هرطقة ضمير