الكبت الجنسي واثاره المستقبلية في العلاقات الزوجية



هرطقة ضمير
2013 / 1 / 2


يكاد لا يختلف اثنان ان منظومة الزواج هي اللبنة الاساسية التلقيدية للحياة الاجتماعية السليمة الى حد ما وحسب رأي الاغلبية .
ان مقدمات تكوين او انشاء هذه اللبنة هو في غاية الاهمية من ناحية الفهم والاستيعاب والاستعداد لها ولافاقها واستمرارها. وقد لا يختلف اثنان ايضا ان مثل هذه الشراكة لا يمكن ان تعمر وتستمر بحالة صحية بغياب المقومات العاطفية المتبادلة بين الشركاء .
من المعروف ان اغلب شعوب العالم وعلى اختلاف مشاربها وثقافاتها واديانها قد امنت تقريبا بفكرة الخطوبة كمقدمة حيوية للزواج لا يمكن الاستغناء عنها . وبرأئي انا اميل لهذا الطرح لكن بشرط ان تاخذ هذه الفترة واقصد فترة الخطوبة نصيبها من التطبيق والتحقق . وقد يعترض الكثير على طرحي الاخير هذا وخصوصا ممن لهم خلفية ثقافية شرقو اسلامية ولااستثنى حتى الملحدين منهم . فارد عليهم بالقول نعم علينا ان نجعل هذه الفترة حيوية ومنطلق لاكتشاف الشراكة واخضاعها لكل ما قد يصادف الحياة زوجية. وهنا اميل بالطبع للنموذج الغربي رغم استحالة تحققه بمجتمعاتنا والذي يتيح بطبيعة الحال الارتباط بلا زواج حتى يتم التاكد من صحة الشراكة الزوجية المستقبلية وقابليتها على الاستمرار .
وهنا ساواجه باعتراض اكبر من قبل الكثير ويقال عني ما يقال لكن تعالوا لنناقش النتائج المترتبة على كل من الحالتين الخطوبة الشرقية التقليدية تحت عين الرقيب والخطوبة الغربية بكامل افاقها .
كم من الزيجات اصبح من المتعذر استمرارها بعد ان دخل شركائها "العش الذهبي" دون سابق معرفة منهم بطباع الاخر ؟ اليس كان من الاولى الانفصال في مراحل مبكرة دون ان يكون الزواج عبئا ثقيلا على الاثنين وفي حالات كثيرة يكون من المتعذر الاستمرار او المواصلة بصورة سليمة . او يكون الانفصال عنوانها بعد حين رغم كل تبعاته المقيتة خصوصا على المستوى الانثوي؟
لا يغيب عن الذهن ان الضغط الجنسي على الانسان وخصوصا في مرحلة المراهقة وحين يكون هناك فوران للطاقة الجسمية والجنسية للبشر ان يميل الانسان للبحث عن اسلوب لتفريغ هذه الطاقة من خلال الممارسة . وهنا تبدا المشاكل الاجتماعية التي تعصف بمجتمعنا واعتمادا على طريقة الاشباع او الكبت الذي يحصل .
بالنسبة للذكور فقلة منهم من يميل للكبت او انه يرفض الممارسة ان تيسرت لهم حتى وان كانوا من المتدينين وهذا طبعا بحكم الحرية الذكورية في مجتمعنا من جهة وهائل الضغط الذي يسببه هذا الكبت من جهة اخرى . اما بالنسبة للاناث فنصيب العدد الاكبر منهن هو الكبت طبعا بحكم قساوة العقاب لمثل هذه الفعلة في مجتمعات الشرقودينية فلا غفران يرتجى للبنت ان فعلتها ولا امل ينتظرفي ان ينظر لها نظرة سوية .
ان اغلب الانحرافات الجنسية التي تعج بها كتب الطب تولد من رحم هذا الكبت وللجنسين على حد سواء .
وفي ظل كل هذا الكبت والضغط يميل الكثير بشعور او بدونه برغبة منهم او من ذويهم الذين يكونوا في موقف المتحكم والمسؤول عنهم الى طرق باب الزواج للخلاص من عبء هذا الضغط وهنا تحصل الكارثة الكبرى حين ينظر للزواج كانه نافذة اشباع جنسي اكثر منه مشروع حياة مستقبلية دائم المدى .
وبعد هذه المعالجة المستعجلة الغير محسوبة بجهل او بتسرع تمر الايام وبفرح نتيجة هذه الراحة المتأتية من الاشباع وقد تسفر عن نتائج مستقبلية كاطفال . وهنا تحضر المستجدات التي لم تكن في الحسبان حين يبحث الطرفان عما يرتجونه من الزواج كلبنة اجتماعية وشراكة فعلية . الامر الامر الذي معه سيجدون غياب المشتركات العاطفية والفكرية وهنا يحصل اختلال بنيوي في منظومة الزواج الذي كان السبب الرئيسي به منذ البداية هو الكبت الجنسي الذي قاد للزواج بدون سابق فترة خطوبة حقيقية . ان فترة الخطوبة العربية تكاد لا تعدو كونها مرحلة من التمثيل بامتياز حيث يحاول كل طرف بها الظهور باحسن ما يمكن وابتعادا عن الحالة الطبيعية والمعدن الحقيقي الدائم في التصرف اي انها حالة من التصنع والتجمل حتى يكشف لاحق الايام بالزواج زيفها .
ان النضوج الفكري والهامش العمري واجتياز مرحلة المراهقة دون الاقدام على خطوة الزواج المستعجلة من العوامل الحيوية في بلورة فهم واقعي واعي لحقيقة هذه المؤسسة يهبها الاستمرار في ظل جو عاطفي متزن ومشاعر مستقرة مشبعة فعليا توفر لها مقومات الشراكة . فكم من الزيجات قد فشلت نتيجة الاستعجال او الفهم الخاطئ لها وعدم الفصل بين الحاجة الجنسية الواجبة الاشباع وبين مشروع الحياة المستقبلية باطارها العاطفي . لا لشيء الا لان المجتمع قد قدم نموذجا خاطئا لهذا الموضوع او انه تعامل بتسلط جنس على اخر او حرم كلا الجنسين من حاجة حيوية بامتياز من ان تشبع لا لشيء الا لانه متخلف وغير قادر على الابداع بتقديم معالجات حقيقية تضمن الاستقرار والامن النفسي . اعلم بانه سيرد علي بكثير مما كتبته لكني اطلب ممن يرد ان يعرض نفسه على ما قلت ويرى مدى ملائمة ما جاء في الموضوع مع حالته .
.
.