حوار ساخن (اضطهاد المرأة قضية عالمية )



بيان صالح
2013 / 2 / 6

خلال جلسة عائلية و بحضور صديق احدى بناتي و هو شاب دانمركي في الثانية و العشرين ويدرس الصحافة وله اهتمام كبير بما يجري في منطقة الشرق الاوسط و الاحداث الجارية و الثورات العربية و كذلك موضوع قضية المرأة في المجتمع.
اثناء اللقاء كان موضوع النقاش معه , وكالمعتاد دوماً , النسوية (الفمنستية). ويبدو بوضوح إن الحديث والنقاش حول مسائل الفمنستية و الماركسية في هذا الوقت لم تعد من المواضيع المهمة التي يجري الحديث عنها في الدول الغربية الاوروبية , وكأن عهد الحديث عنها قد فات أوانه ولم يعد حيوياً بما فيه الكفاية. ولكن لمست لدى الشاب تعطشاً للنقاش و بشكل خاص مسالة الفمنيستية و وضع ومكانة المرأة في المجتمع و الاختلاف بين وضع المرأة الغربية و المراة الشرقية والوهم الذي يحمله ويعتقد بأن المرأة الغربية قد اكتسبت كامل حقوقها , كما تتحدث به أجهزة ومفكرو وإعلام البورجوازيات الحاكمة في أوروبا على الدوام. لقد طرحت وجهة نظري وأشرت له بأن قضية اضطهاد المرأة قضية عالمية و لا تتعلق بمنطقة معينة في العالم كمنطقة الشرق الأوسط و الدول العربية و المسلمة دون غيرها من الدول. ولكن هناك اختلاف بطبيعة الحال بين ما حققته المرأة من مكتسبات في الدول الغربية والتي ما تزال تناضل من أجل استكمال انتزاع حقوقها المشروعة والعادلة. ومن هنا لا يجوز القول بأن المرأة الغربية قد انتزعت كامل حقوقها. فتساءل كيف تبرهنين على ذلك؟
قلت : وأشرت هنا إلى موضوع الفارق في الأجور بين المرأة والرجل في حين يعملان في نفس العمل وساعات العمل ذاتها وومتلكان ذات المعرفة والخبرة والكفاءة , على سبيل المثال لا الحصر. فنحن هنا مثلاً وللأسف الشديد لا يزال يوجد اختلاف بنسبة 18 % في الاجور ما بين الرجل و المرأة لصالح الرجل وضد المرأة.
يوجد لدينا في الدانمرك ما يقرب من 42 بيتاً كمأوى لحماية النساء المعنفات , وهذا ان دل على شيء فإنه يدل على ان نسبة العنف ضد المرأة ما زالت موجودة وعالية , والدليل على ذلك الأرقام التالية حيث ان:
- 129000 امرأة دانمركية تتعرض للضرب من قبل صديقها , حبيبها او زوجها و امام أعين اطفالهما او بدونهما.
- اكثر نسبة للبطالة و خاصة خلال الازمة الاقتصادية الحالية منتشرة بين النساء.
- اكثر الوظائف العالية والقيادية بيد الرجال وحصة النساء نادرة جداً وتتجلى في جوانب الاجور و عالم التكنولوجيا و الكومبيوتر ووظائف صنع القرار , إذ إنها محتكرة من قبل الرجال.
- أكثر الأعمال الخدماتية المطلوبة للرعاية الجسدية و المعنوية هي من نصيب المرأة كالتمريض و ادارة بيوت العجزة و رياض الاطفال و التعليم.
وبعد ان أوردت هذه المعلومات البسيطة سألته سؤالاً بسيطاً جدا:
من يمارس المسؤولية الأساسية في البيت و رعاية الاطفال داخل اسرتك؟
اجاب والدتي وسألته , هل والدتك لها وظيفة خارج البيت مثل والدك
اجاب :نعم
سألته ما رأيك بذلك؟
قال: لان الام لها عاطفة اكثر من الاب و ذلك بسبب التكوين البيولوجي
وحاولت دحض فكرة ان الام اكثر عاطفة وحناناً و خضوعاً من الاب بسبب التكوين البيولوجي , بل فرض عليهن هذا الواقع ضمن حالة ذكورية متسلّط تكونت فيها شخصية المرأة من خلال مفهوم السلطة التي وضعت ملامحها وحدودها السلطة الاقتصادية عبر التاريخ , فهي قضية مرتبطة بطبيعة علاقات الإنتاج السائدة وطبيعة نظام الحكم السياسي.
و ناقشته حول كتاب سيمون ديبوفوار الجنس الاخر و مقولتها المشهورة لا يولد الانسان امرأة بل يصبح كذلك.
من خلال المناقشة طرحت فكرة استعباد و تشئ المرأة في عصرنا الحالي في الاسواق الرأسمالية و فرض الشكل النموذجي لنجوم هوليود على عقلية الفتاة و فرض قيود صارمة على كل خطواتها و اكلها و ملابسها و تسريحة شعرها حسب ما تطلبه و تسوقه منتجات الاسواق الرأسمالية.
من جهة اخرى تفرض على الشباب الزيادة في الذكاء و المنافسة في البرامج الفكرية و التمكين الاكثر في تكنولوجيا المعلومات . وهذا ما يفرضه نمط الانتاج الرأسمالي و ما يروج له اصحاب الشركات العالمية العابرة للحدود ومن خلال غسل ادمغة الشباب و الشابات بهذا التقسيم في الادوار على اساس الجنس .
والنقاش استمر طول الليل و كنت ألاحظ في عين الشاب الاقتناع و القبول لفكرة فرض المجتمع علينا تقسيم الادوار على اساس الجنس و اعطاء امتياز اكثر للوظائف التي يقوم بها الرجل و تحقير و تصغير الأعمال التي تقوم بها المرأة او الأعمال المنزلية بدون أي اجر
لحسن الحظ أبلغتني ابنتي بعد يومين ان صديقها سعيد جدا بالحوارات والمناقشات الساخنة معي وكل مرة يزورني يصبح اكثر تقبلاً لفكرة المساواة بين المرأة والرجل وإن المجتمع الذكوري الناتج عن المجتمع الطبقي هو المسئول عن هذه العلاقة غير السليمة بين المرأة والرجل وانعدام المساواة التامة بينهما.