معركة المساواة بعد 14 جانفي/يناير بتونس*



رجاء بن سلامة
2013 / 2 / 12


"الحراك" كلمة يستعملها الحذرون لتسمية ما يجري في بلدان العربيّ من حركات احتجاجيّة منها ما هو ممتدّ في العمق وفي الزّمان، بحيث ينطبق عليه مفهوم الثّورة. ما أودّ أن أنبّه إليه، هو وجود نزعة إلى نسيان الحركة والحركيّة داخل هذا الحراك، بحيث ينتظر الكثيرون انقلابا فجئيّا في مجتمعاتنا وأنظمتنا السّياسيّة، ويصابون بالخيبة قبل الأوان، ويغفلون عن البعد التّفاعليّ والجدليّ للقوى الفاعلة ولا يرون من هيئة البحر إلاّ سكونا أو مدّا أو جزرا، والحال أنّ حركة البحر الهادرة مدّ وجزر مستمرّان، والحال أنّ "قوّة الاختلاف" التي في الطّبيعة والثّقافة تجعلنا لا نستحمّ في النّهر نفسه مرّتين.
إنّنا نحتاج أيضا في تونس إلى التّفكير في أدوات تحليل الواقع وادوات الفعل فيه على نحو يتلاءم مع "الحراك الجديد". وبما أنّ الموضوع هو معركة المساواة بين الجنسين بعد ثورة 14 جانفي بتونس، فإنّني رأيت أن لا أفقد مفهوم الحركة باعتبارها "خيطا أحمر" لا يغيب عن عينيّ في شتات الوقائع والأحداث، ورأيت أن أقدّم ملاحظاتي طبقا لنوعين من الذّكوريّة واجهتهما النّساء وتواجههما منذ أن فتح باب الوعي بالمساواة، هما الذّكوريّة العاديّة والذّكوريّة "الإيديولوجيّة".
الذّكوريّة العاديّة
هي ذكوريّة تكاد تكون لاشعوريّة، ويمكن أن تكون مرادفة لـما يسمّى بالفرنسيّة la mysogynie ordinaire
وأنا أتجنّب استعمال التّرجمة الحرفيّة لهذا المفهوم - "كره النّساء"- لأنّها حسب تجربتي منفّرة، وعرضة للكثير من سوء الفهم، فهي تحلّ قضيّة المرأة في سجلّ عاطفيّ : حبّ/كره، في حين أنّ الأمر يتعلّق بعادات في السّلوك وفي التّفكير تتناقض مع مبدإ المساواة أو الكرامة. فهناك رجال "يحبّون" النّساء ويرفضون الحديث عن "كره النّساء" ولا يفهمونه، لكنّهم يعتبرون المرأة غير قادرة بداهة على ممارسة بعض الأنشطة الفكريّة أو السّياسيّة، بل نجد نساء كثيرات يستبطنّ هذه الذّكوريّة. بل نكاد نقول إنّ الإنسان، ذكرا كان أم أنثىّ يولد ذكوريّا، ويتصرّف بطريقة ذكوريّة وهو يكتشف اختلاف الأنثى، إلى أن تغيّره التّنشئة والثّقافة الحقوقيّة.
الأمثلة كثيرة عن هذه الذّكوريّة التّلقائيّة : نجد باحثين رجالا ونساء يؤلّفون أبحاثا عن الإصلاح الدّينيّ مثلا ولا يذكرون امرأة واحدة، في بلدان كتونس والمغرب تعجّ بالنّساء المفكّرات. ومن الطّريف أن نجد هذه الذّكوريّة تبرز في دفاع الكثير من الرّجال عن المرأة، عندما يقولون : "المرأة أخت وأمّ وبنت وزوجة..." وإذا لم تكن أمّا ولا أختا ولا زوجة، ما العمل؟ ما العمل مع المرأة "الأخرى" التي لا يرتبط كيانها بهويّة أسريّة ولا تلتصق بها أيّ محدّدات مسبقة؟ ما العمل مع المرأة عندما تكون "زميلة"؟ نطبّق معها "فتوى رضاع الكبير" كما يريد بعض شيوخ الإفتاء؟ وهل تبقى المرأة الصّديقة منعدمة؟ وهل تبقى المرأة العشيقة محرّمة يحيط بها الصّمت؟
وقد رأيت مؤخّرا معلّقة عن الشّعر العربيّ المعاصر تضمّ حوالي خمسين صورة لشعراء كلّهم رجال، بلا استثناء. فهل يمكن للثّورة أن تغيّر بصفة تلقائيّة هذه العادات الذّكوريّة التّلقائيّة المترسّبة منذ آلاف السّنين؟
لقد شهدنا وعشنا صراعا بين المطلب النّسويّ وقد حملته الثّورة وتبنّته وبين الذّكوريّة التي تعود وتطلّ برأسها وكأنّها طائر الفينيق.
كان إقرار مبدإ التّناصف رجال/نساء في مستوى التّرشّح لانتخابات المجلس التّأسيسيّ قرارا ثوريّا هامّا اتّخذته الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي يوم 11 افريل 2011. رفع النّشيد الوطنيّ إثر تبنّي القرار وتعالت الزّغاريد في قاعة المجلس : إنّه تسييس للزّغرودة التي كانت حبيسة الفضاءات الخاصّة، وتأنيث للفضاء العامّ السّياسيّ. كيف يمكن أن نتذكّر هذا الحدث دون أن يخفق القلب وترتعش اليد؟ شعرنا بأنّ قانون التّناصف رفعنا إلى مصافّ أرقى الأمم الدّيمقراطيّة، بما أنّ تونس هي أوّل بلد في العالم يعتمد هذا المبدأ في الانتخابات.
بعد ذلك عادت الذّكوريّة العاديّة لتعدّل فرحتنا، ولترجعنا إلى صعوبات الواقع. عادت في الحملة الانتخابيّة ذاتها، لأنّ حظّ النّساء المترشّحات من التّغطية كان في حدود المعدّلات العاديّة في مجتمعاتنا. فقد كتبت الباحثة والمناضلة سناء بن عاشور ثلاثة تقارير عن علاقات النّوع الاجتماعيّ خلال الفترة الانتقاليّة الأولى من خلال الصّحف اليوميّة، تبيّن وجود تفاوت كبير بين النّساء والرّجال في التّغطية الصّحفيّة المتعلّقة بالحملة الانتخابيّة، رغم انخراط النّساء بقوّة في العمل السّياسيّ :
حظّ النّساء من التّغطية في الصّحافة المكتوبة : 7 %
حظّ النّساء من التّغطية في المحطّات الإذاعيّة : 8 %
حظّ النّساء من التّغطية في المحطّات التّلفزيّة : 11 %
وشعرت النّساء النّاشطات بخيبة كبرى عندما لاحظن أنّ القائمات الانتخابيّة التي ترأّستها نساء لم تتجاوز 7 % في نظام اقتراع يوفّر أكبر الحظوظ لرؤساء القوائم. كان حزب النّهضة الإسلاميّ أكثر الأحزاب تحفّظا في السّماح للنّساء بأن يترأسن القوائم. لكنّني رأيت نساء دامعات يتحوّلن من قائمة إلى أخرى بحثا عن مكانة مرموقة، وسمعت صخبا معبّرا عن تناقضات المبدإ الثّوريّ مع إكراهات الحسابات الانتخابيّة، وسمعت بعد ذلك رجالا محسوبين على القوى التّقدّميّة يعتبرون العمل بمبدإ التّناصف سببا من أسباب خسارة هذه القوى في الانتخابات.
كانت الحصيلة النّهائيّة لانتخابات المجلس الوطنيّ التّأسيسيّ أنّ النّساء من مختلف القائمات والأحزاب تحصّلن على نسبة 25 % من المقاعد. وهي نسبة محترمة "نسبيّا" تدلّ على أهمّيّة آليّة التّناصف في جعل النّساء حاضرات ومرئيّات وفاعلات. أكثرهنّ من نائبات حزب النّهضة الإسلاميّ؟ نعم. كنت أردّ على هذا الاعتراض بأنّ الإسلاميّات نساء رغم كلّ شيء، وكنت أدعو إلى التّفاؤل : ربّما سينجحن في أن يكنّ نساء قبل كلّ شيء. ولا تتوفّر لي اليوم المسافة الضّروريّة والمعطيات الدّقيقة لكي أقيّم أداء النّائبات الإسلاميّات، لا سيّما أنّ المجلس الوطنيّ التّأسيسيّ لم ينه أشغاله بعد. فقد عيب عليهنّ الاصطفاف الحزبيّ وراء الرّجال عند التّصويت وفي كلّ القضايا. ولكنّ الدّستور القادم سيضمن بصراحة مبدأ المساواة بين النّساء والرّجال.
كان مبدأ التّناصف مدّا حقوقيّا، تبعه جزر تقليديّ. وإلى اليوم، نحتاج إلى إخراج مبدإ المساواة والتّناصف من المناسباتيّة لأنّنا إلى اليوم نجد مشاهد سياسيّة تخلو تقريبا من النّساء، كمشهد حكومة الائتلاف الثّلاثيّ الذي عقب الانتخابات، ونجد حوارات تلفزيّة تغيب فيها النّساء أو تحضر واحدة، وتحضر أحيانا للحديث عن قضيّة نسائيّة. مع ذلك فإنّ صورة المدّ والجزر لا تختزل كلّ أبعاد هذا الحراك الثّوريّ. لنتخيّل حركة مدّ وجزر ثقافيّين ليس فيهما عود على بدء، بل تراكمات تجعل الجزر أقلّ انحسارا إذا كانت تعتمل في المدّ حركة شوقيّة، أي توق الإنسان إلى أن يكون آخر، أو ثورة الإنسان من أجل أن يكون آخر ولو كان في ثورته قفز إلى المجهول.
الذّكوريّة الإيديولوجيّة
الذّكوريّة العاديّة تقوم على موقف هوويّ لأنّها تحدّد للمرأة وللرّجل هويّتين ثابتتين ومختلفتين. أمّا ما يمكن أن نسمّيه بـ"الذّكوريّة الإيديولوجيّة"، فهو شكل آخر من أشكال رفض المساواة ذو طبيعة هوويّة مزدوجة : إنّه يرتبط بالهويّات الجندريّة الثّابتة ولكنّه يبني اختلافيّته على فكرة الأصل المفقود والتّمسّك بالهويّة الإسلاميّة. قد تلتقي الذّكوريّتان، وقد تكون الإيديولوجيّة دعامة وغطاء للعاديّة، ولكنّهما قد تختلفان. إنّ عناصر الذّكوريّة الإيديولوجيّة المرتبطة بالإسلام السّياسيّ تتمثّل في ما يلي حسب رأينا :
-تصوّر اختلافيّ هوويّ للجنسين، ترمز إليه الهيئتان المختلفتان للرّجل والمرأة : الحجاب للمرأة واللّحية للرّجل، تعبيرا عن رفض امّحاء الاختلافات بين الجنسين في العصر الحديث.
-تمسّك بالشّريعة، بمعنى أحكام الفقه، في محاولة لفرض مبدإ القوامة أو بعض بقاياه على تنظيم الأدوار الاجتماعيّة داخل الأسرة. فقد أدّى الواقع إلى خروج المرأة إلى العمل وإلى تزعزع صرح القوامة المرتبط بالإنفاق. وتمثّل الحركات الأصوليّة إلى حدّ كبير رفضا لهذا الانهيار، ورغبة في الحفاظ عليه ولو رمزيّا، ولو في جانب من الأحوال الشّخصيّة يقتصر على نظام المواريث.
ويتلاءم هذا التّصوّر التّقليديّ الدّينيّ مع النّمط الرّأسماليّ عبر تمجيد للمال والبنين معا : "المال والبنون زينة الحياة الدّنيا". ففي "البنين" إحالة إلى دور المرأة باعتبارها أمّا، وأمّا للذّكور القادرين على الإنتاج وتكديس الثّروات.
وهذا التّصوّر لا ينسجم مع "الحراك" الثّوريّ، لأنّ رغبة الذّات في أن تكون مختلفة عن نفسها تحلّ محلّها الرّغبة في التّطابق مع أنموذج قديم، ومع ذات اجتماعيّة خياليّة مفترضة هي الأمّة. المرأة-الأمّ هي الحصن الحصين للأمّة باعتبارها ذاتا عابرة للعصور، تنتج وتعيد إنتاج تشابه الآباء بالأبناء.
كان لنا مع الذّكوريّة العاديّة موعد خاصّ في سياق الحملة الانتخابيّة وفي صعوبة ترسيخ مبدإ التّناصف في مستوى رؤساء القائمات المترشّحة. وكانت لنا مع الذّكوريّة الإيديولوجيّة موعد أوّل عندما عبّر الحزب الإسلاميّ الأغلبيّ عن الرّغبة في جعل الشّريعة أحد مصادر التّشريع. ولم تبرز أصوات النّساء الإسلاميّات خلال هذه المعارك، بل برزت أصوات الرّجال، في خطاب براجماتيّ يقول الشّيء وعكسه، طبقا لتغيّر الأحوال والمقامات وموازين القوى. فالمجتمع المدنيّ يضغط في اتّجاه منظومة حقوق الإنسان، والشّقّ السّلفيّ في حزب النّهضة يضغط في اتّجاه تلبية رغبات التّعبيرات الأكثر راديكاليّة في الطّيف الإسلاميّ.
قامت القيامة في تونس بعد أن انقلب حزب النّهضة على وعوده وبرنامجه الانتخابيّ : مؤتمراتـ، حوارات في وسائل الإعلام، مسيرات، تصريحات ناريّة من مثقّفين وحتّى من مسؤولين في الائتلاف الحاكم، إشارات إلى "خطّ أحمر" هو ما سمّي بـ"مدنيّة الدّولة". إلى أن أعلن حزب النّهضة تخلّيه عن مطلب اعتبار الشّريعة مصدرا من مصادر التّشريع.
طيلة هذه الفترة خشينا أن يتمّ تجييش الشّارع واستغلال المشاعر الدّينيّة لصالح الشّريعة، كما حصل في قضيّة شريط "برسبوليس" قبل الانتخابات، فقد قام الإسلاميّون بحملة لنصرة الإسلام ومهاجمة العلمانيّين والحداثيّين إثر عرض هذا الشّريط في إحدى القنوات الخاصّة. ويبدو أن هذه الحملة ساعدت على ترجيح الكفّة لصالح حزب النّهضة في انتخابات المجلس التّأسيسيّ، رغم أنّ الشّريط كان مرخّصا وأنّه عرض قبل ذلك في تونس.
ويبدو لي أنّنا اعتمدنا الخطّة التّالية في مواجهة مشروع الشّريعة :
- تجنّب أيّ مواجهة مباشرة قد تمسّ بالعقيدة وبنواة المسلّمات الإيمانيّة والقيام بعمليّة تحويل تخرج الشّريعة من السّجلّ الإلهيّ وتنزّلها في سجلّ بشريّ تاريخيّ. وهذا التّحويل ليس جديدا على الفكر الإصلاحيّ التّونسيّ، بل إنّنا نجد تعبيرا عنه في تخصّص داخل شعبة اللّغة والآداب العربيّة يسمّى "الحضارة" ويقوم في جانب كبير منه على تنزيل الإسلام بمؤسّساته وجسده العقائديّ في التّاريخ. لأوّل مرّة ربّما، وجدنا مجالا لإخراج شيء من المعارف الجامعيّة إلى الواقع الجماهيريّ. كنّا نقول إذن إنّ الشّريعة بشريّة، ولأنّها بشريّة فإنّها متعدّدة. كنّا نقول في وسائل الإعلام : أيّ شريعة سيراد اعتمادها؟ مالكيّة أم حنبليّة أم وهّابيّة؟ سنّيّة أم شيعيّة؟ ومن يضمن لنا أنّ كلمة الشّريعة لا تؤوّل في اتّجاه منع التّظاهر السّلميّ باسم الدّين كما هو الشّأن في المملكة العربيّة السّعوديّة؟ أليس باسم الشّريعة تمنع النّساء من الطّلاق بإرادتهنّ، بل ويمنعن حتّى من اقتياد السّيّارات؟
- إخراج الطّاهر الحدّاد من قمقمه لمواجهة المدافعين عن سرمديّة الأحكام القرآنيّة والآيات التي تعدّ "صريحة" قطعيّة الدّلالة. كان لا بدّ من القيام بعمليّة ثانية تضاف إلى عمليّة تنزيل الأحكام الفقهيّة في التّاريخ، هي اعتبار الشّريعة طريقا ممتدّة إلى أفق المساواة والحرّيّة بدل اعتبارها كنزا مفقودا يجب استرجاعه. إنّه تعويض للتّصوّر الماهويّ الهوويّ للموروث الدّينيّ بتصوّر آخر إبداعيّ. وبهذه الطّريقة التي أبدعها الحدّاد منذ ما يزيد عن ثمانين عاما يمكن التّخفيف من حدّة التّعارض بين المرجعيّتين الإسلاميّة والحقوقيّة.
- تذكير حزب النّهضة الذي اقترح تضمين الشّريعة في الدّستور بالتزاماته منذ 18 أكتوبر 2005، تاريخ تحالفه مع أحزاب علمانيّة يساريّة أخرى على أساس وثيقة تقرّ بحرّيّة المعتقد وبحقوق النّساء ومجلّة الأحوال الشّخصيّة. ثمّ إنّ البرنامج الانتخابيّ الذي تقدّم به هذا الحزب برنامج مدنيّ لا ينصّ على الشّريعة. فأيّ انقلاب عن هذا البرنامج يعدّ خيانة للعقد الذي جمع هذا الحزب بناخبيه.
- تذكّر آلام الماضي كما كانت تعبّر عنها النّساء المخضرمات اللّواتي عشن جزءا من حياتهنّ قبل ظهور مجلّة الأحوال الشّخصيّة أو كما تناقلتها الأجيال المختلفة. كانت النّساء يلهجن بـ"أعطني طلقتي" كعلامة على أنّ الطّلاق بيد الرّجل. "خرّجها يدّها على راسها" : طردها زوجها فخرجت دون أن تأخذ شيئا من متاعها. جنون بعض النّساء اللّواتي فوجئن بالزّوج يدخل البيت ومعه ضرّة.
إنّه رصيد لغويّ وسرديّ لجدّاتنا كان لا بدّ من الاستظهار به في نوع من الإبداع للغة حقوقيّة قريبة من ذاكرة النّاس ومن معيشهم.
مسيرات، ندوات، إنتاج مبدع للفكاهة وللّعب بالكلمات (المرأة روعة وليست عورة)، إصرار ومسيرات ووقفات احتجاجيّة متكرّرة... انتصرنا انتصارا أوّل على الذّكوريّة التّلقائيّة بإقرار مبدإ التّناصف، انتصارا صعبا ومرحليّا. وانتصرنا على الذّكوريّة الإيديولوجيّة في معركة مرجعيّات الدّستور. الطّريق ما زال طويلا وصعبا. لكنّني أفضّل هذه الطّريق المليئة بالأهوال على انسداد الطّريق والأفق. وأعتقد أنّنا كثيرا ما ننسى الحركة ونحن نتحدّث عن "الحراك" الجديد :
• ننسى أنّ الثّورة مسار وليست طفرة محدودة في الزّمن فحسب.
• ننسى أنّ الحراك تفاعل وأنّ الحوار يطوّر النّاس ويبعدهم عن العنف.
• ننسى قابليّة الإنسان لأن يتغيّر. ولذلك نجد عداء للخصوم السّابقين والحاليّين هو أشبه بالحرب منه بالحوار.
• ننسى أنّ الحراك مفتوح إلى حدّ ما على المجهول، ويجب أن نقبل بتبعات اللاّمتوقّع في مقابل الحرّيّة.

 مداخلة قدّمت في "المناظرة الوطنيّة للحركة النّسائية بالمغرب"، الدّار البيضاء، 20 و21 أفريل 2012.