عيد الحب على الطريقة الليبية



محمد عبعوب
2013 / 2 / 14

عشية عيد الحب الذي يفترض ان تتلقى فيه المرأة الليبية -الطرف الثاني في اي مشروع حب- أغلى وأثمن الهدايا عرفانا بدورها الحيوي في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والمعرفية في البلاد ، تلقت هذه المخلوقة طعنة قاسية لأغلى قيمة نذرت لها نفسها ممثلة في مؤسسة الحب التي لا تقبل القسمة على أكثر من إثنين والتي جمعتها بشريك حياتها زوجها الذي أطلقت المحكمة له قبل أيام العنان لتقاسم قلبه بين اكثر من زوجة..

فقبل أيام مضت أصدرت الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا الليبية حكما بإلغاء قانون ينظم الزواج بأكثر من زوجة واحدة -كانت المؤسسة التشريعية في ظل النظام السابق قد أقرته- يشترط للزواج بأكثر من زوجة واحدة موافقة الزوجة الأولى، أو إذن المحكمة التي تنظر في الأسباب التي دفعت هذا الزوج للاقتران بزوجة ثانية مع وجود زوجته الأولى في عصمته.. هذا القانون على هشاشته -رغم انه لا يمنع ظاهرة تعدد الزوجات بل ينظمها ويحمي الى حد ما المتضررين منها- أصبح بمقتضى الحكم الصادر قبل ايام لاغيا، وبذلك فتح الباب واسعا لغزوات الشبق الذكوري في مجتمع يعاني أصلا من نسبة طلاق مرتفعة بشكل لافت، تدفع الأنثى فيه ثمنا باهضا من استقرارها النفسي والاجتماعي والاقتصادي، لِيُحوِّل بذلك عيد الحب في بلادنا من مناسبة للاحتفاء بأرقى وأرق المشاعر الإنسانية ممثلة بالحب، الى يوم للحزن على فقد لهذه القيمة الانسانية السامية ..

فيما تفرح النساء في تونس -التي لا يفصلنا عنها جغرافيا إلا أمتار، ونتخلف عنها حقوقيا ومعرفيا أكثر من قرن من الزمن- بنجاحهن في إقرار مبدأ التّناصف رجال/نساء في مستوى التّرشّح لانتخابات المجلس التّأسيسيّ في ابريل 2011م ، رغم الالتفاف عليه خلال الانتخابات وتفريغه الى حد ما من محتواه، وفيما تكافح سيدات في دول الجوار لافتكاك المزيد من حقوقهن المهدورة باحكام جائرة متحجرة، تتعرض المرأة الليبية لسلبها هذا المكسب اليتيم والبائس الذي تحصلت عليه في ظل النظام السابق والذي لا يزيد عن أخذ رأيها في وجود شريكة لها في قلب زوجها الذي قد يتحول الى مستودع لحب مزيف تحت أي عذر، وضمان حقوقها وحقوق أبنائها المعيشية في حالة إقرار المحكمة لزوجها بجلب شريكة لها في ذلك القلب المُشرَعة أبوابه لكل نزوة ..

وفيما يحتفل العالم بعيد الحب كقيمة انسانية رفيعة، تدفع المرأة الليبية عشية هذا العيد ثمنا باهضا من حقوقها وتسجل انتكاسة حقيقية في مدونة حقوقها في ظل ثورة دفعت هي فيها ثمنا من دمها وأمنها وجسدها، لتكافأ في هذا اليوم بطعنة لقلبها الذي جعلته وقفا على زوج وأطفال، لتفاجأ بتشريع يشرك طرفا دخيلا في حق لها لا يقبل الشراكة.. وهكذا فيما تقدس الشعوب هذه القيمة الانسانية وتضع التشريعات لصيانتها والرقي بها ، نبددها نحن اليوم على مذبح شهواتنا ونزواتنا، دونما مراعاة لمشاعر وحقوق شركائنا.. ولكن يبقى الغريب في الأمر ألا نرى ولا نسمع أي صوت لهذه المرأة التي تتلقى هكذا قرارات وأحكام بلا مبالاة وكأنها غير معنية بها و لا تمس أقدس حقوقها وأخطرها وهو حقها في قلب شريك حياتها..