لماذا انتزعت الحركة النسائية الأردنية من مهدها السياسي؟



رانية الجعبري
2013 / 2 / 15




قبل أن تصبح قضية المرأة حكرا على سيدات المجتمع الراغبات بافتعال مناسبات جذابة للظهور في أروقة المجتمع الدولي بغية الاستعراض لا غير, بدأت المرأة الأردنية رحلتها على درب النهوض في الخمسينيات يوم كانت كانت تؤمن المرأة حينها أن درب تحررها إنما هو درب تحرير الوطن.


في ذلك الوقت لم يكن صوت الاسلام السياسي عاليا وقادرا على التشويش على درب التقدم, فلم يجرؤ أحد في حينها على القول إن تحرر المرأة هو الخطوة الأولى لاستعمار جديد.

كانت العروبة في ذلك الحين هي التي سر الحياة في كل حلم نهضوي صغير يسعى لفرض ذاته, ولذلك أطلقت مائة سيدة أردنية في عمّان يوم 17-6-1954 على اتحادهم “الاتحاد النسائي العربي”, وليس “الأردني” فالقطرية كانت جملة نافرة في صفحة تلك الأيام التي عاش الآباء فيها على أمل الوحدة العربية.

ذلك الاتحاد الذي شكلته رائدات الحركة النسائية بقي ومازال غائبا عن أجندة الحكومات المتعاقبة, وثمة رغبة لدى الطبقة السياسية التي لا تعترف بالآخر, بطمس ذكراه والتنكر للرائدات اللواتي أسسنه وكأنهن نسي منسي, وجريمتهن الأولى والأخيرة, أنهن كن يحسبن على التيار القومي واليساري المعارض الذي كان العدو اللدود للنظام حينها.

اليوم ورغم أننا نحيا في ظل دولة تُظهر جانبا من التسامح مع المرأة, دون أن تتخلى عن موروثها التقليدي الذي يعيق المرأة عن التقدم, لم تنس الدولة تصنيفاتها السابقة بل وزاردت على ذلك بأنها شكلت طبقة من السيدات “المخلصات” للطبقة السياسية الحاكمة, المستعدات لتنفيذ ما يؤمرن به.

وعلى مدى 23 سنة من الانفتاح السياسي نجحت تلك الطبقة النسائية من حصر قضية المرأة في خانة العمل الخيري والتنموي وفصلها عن سياقها السياسي, الذي كان الرحم والحضن الاول للحركة النسائية الأردنية.

إذ عرف تاريخ الحركة النسائية في بداياته سيدات يسارية وقومية, وكانت هذه التيارات هي السائدة في ذلك الحين, وكانت الناشطات النسويات يحملن رؤيا واضحة وهي أن المرأة المتعلمة هي القادرة على تربية جيل تحرير فلسطين والأمة العربية.

بل إن الحس النضالي والمقاوم كان المبرر الأبرز لخروج سيدات كثر من عباءة المجتمع الرجعية, وشهد مقر الاتحاد النسائي وفق ناشطات حينها اجتماعات سياسية ونشاطات سياسية تطالب بالغاء حلف بغداد والمعاهدة البريطانية.

وما سبق جعل الناشطات في مواجهة دائمة مع النظام, فتعرضن حينها لضوطات سياسية, بعضهن تعرضن لمضايقات أثناء عملهن.

ويوم تصعدت الخلافات بين الملك حسين وحكومة سليمان النابلسي, واستشعر الملك بخطورة القوميين الراغبين في تحقيق الوحدة العربية على حكمه, أقال حكومة النابلسي “قومي التوجه”, حلّ الأحزاب والاتحاد النسائي العربي وأُعلنت الأحكام العرفية.

وطيلة فترة الأحكام العرفية كان العمل النسوي – كما عرفته المرأة الاردنية – محظورا في سياقه النضالي والقومي, وكما أنهكت تلك الفترة الأحزاب القومية واليسارية وساهمت في تمدد تيار الاسلام السياسي على حسابها, أنهكت الحركة النسوية.

وكما نفر المجتمع من الفكر القومي واليساري على اعتبار انه “كفر” نفر المجتمع من تحرر المرأة على اعتبار أنه “مدخل الغرب لاحتلال مجتمعاتنا”.

لكن السؤال: وبعد ثلاثين عاما من انصياع المجتمع لمخرجات تحالف الاسلام السياسي مع النظام هل تمكن المجتمع من استكمال برنامجه التحرري وتحقيق طموحه بمنأى عن الدرب الذي خطه جيل الأربعينيات والخمسينيات المؤمن بالفكر التقدمي؟

____________________________________________


إنني لأعجز عن وصف تقديري بمجهوداتكم التي تبذل في سبيل خلق جيل جديد من الأمهات المتعلمات من أجل خلق أجيال صالحة تقوم ببناء مجتمعنا العربي الكبير. وكتقدير مني واعترافا بواجبكم أرجو قبول هذا الكتاب المتواضع مني آملة أن يحوز اعجابكم
الطالبة المطيعة “نجوم أحمد صالح” - بتاريخ 3-7- 63م”