أفاق المشاركة الفعلية للنساء في تدبير الشأن المحلي والجهوي في المغرب



لحسن ايت الفقيه
2013 / 3 / 3

تحت شعار: «المشاركة السياسية للنساء حق، فكيف نجعله واقعا؟» نظمت جمعية الألفية الثالثة لتنمية الفعل الجمعوي بالجنوب الشرقي المغربي، بتنسيق مع الحركة من أجل ديموقراطية المناصفة ندوة صحافية لتقديم مشروع المذكرة الترافعية من أجل المشاركة الفعلية للنساء، في تدبير الشأن المحلي والجهوي، استغرق طيلة صباح يوم السبت 02 مارس 2013 بفندق إيبيس بالرباط. وكان الهدف من اللقاء الخروج بآليات حقيقية وتصور موحد على المستوى الجنوب الشرقي للمشاركة الفعالة للنساء من المدخل الأساسي الذي هو الميثاق الجماعي، لذلك شدت الجمعية الرحال إلى الرباط لتقترب من الماهنين الجمعويين الكبار، وأطر نسائية من ذوات الخبرة في المرافعة، لكن الحضور غير مشرف من حيث الكم، وإن أشفى الغليل على مستوى الكيف. ولا غرو، فاعتماد الجمعية على الهامش، ثبت أنه، مجد، وقد يغنيها من يغنيها عن البحث عن المجتدى من جمعيات المركز، التي اقتصر جداءها، هنا، على الحضور!
ففي البدء نُظمت مجموعة من اللقاءات خلصت إلى مجموعة من التوصيات. ولئن سُمع صوتها على المستوى الوطني، وجب التمادي في تقاسمها مع كل الأطراف، لذلك نشأت فكرة المذكرة التي شكل مقترحها قضية تنظيم نشاط يوم السبت 2 مارس 2013 بمدينة الرباط. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، إذ لا بد من التفكير في بدائل أخرى ممكنة، مادام ضرب المكتسبات والحقوق الإنسانية للنساء على المستوى الوطني واقعا. وقبل ذلك، لا يمكن الحديث عن الديموقراطية بدون مشاركة النساء في التسيير المحلي. ولما كانت الأفكار تنطلق أيضا من الهامش نشأت المبادرة من الجنوب الشرقي المغربي الذي لا يزال فيه ذكر المرأة مقرون بعبارة (حشاك)، أي: تشرف قدرك، وعظم، وتعاليت عما قد تترك فيك كلمة المرأة من اشمئزاز وتقزز. وإذا كانت مبادرة جمعية الألفية الثالثة من حيث الآداء حسنة، فإنه من المفيد الاقتباس منها المسار والمنهج للسير بتعاون مستديم، مع أطراف أخرى، إلى الأمام لأن العمل المشترك غير مجد في اعتقاد الأستاذة خديجة الرباح إن كان مرحليا لحظيا، فوق أن النسقية (التشبيك) أساسية في كل عمل جمعوي وفي هذا الظرف بالذات.
انتظمت الندوة، كما أريد لها، في إلقاء كلمة جمعية الألفية الثالثة لتنمية الفعل الجمعوي التي ألقاها السيد عبد النبي تعلوشت، وكلمة الحركة من أجل ديموقراطية المناصفة التي تمثلها الأستاذة خديجة الرباح، وعرض المسلسل الترافعي الذي قامت به جمعية الألفية الثالثة بتنسيق مع جمعيات الجنوب الشرقي طيلة 2012-2013 الذي قدمه السيد محمد بومليك، ودعي الأستاذ فوزي بوخريص ليعرض مشروع المذكرة، التي ستتعرض للتمييز والنقد خلال الفقرة الأخيرة من البرنامج المعنونة مناقشة عامة، و كان اختتام النشاط في الظهيرة.
حوى مشروع المذكرة الفقرات التالية: التقديم، والسياق الدولي، والسياق الوطني، والمداخل الأساسية لمشاركة الشباب والنساء. ففي التقديم بيان أن الديموقراطية، بما هي (الاعتراف بحق الأفراد والجماعات في أن يكونوا صانعين لتاريخهم، ومبدعين لذواتهم ولحياتهم الفردية)، وبما هي الشكل الطبيعي للتنظيم السياسي، والمظهر السياسي للحداثة، تفرض نفسها اليوم، وأن واقع حال التجربة الديموقراطية المغربية الذي يعرف ضعف المشاركة النسائية في السياسة، ومشاركة الشباب، إن هو إلا ترجمة لعملية العزوف عن ممارسة السياسة. ومرد ذلك إلى أن المواطنين طفقوا يحسون بسيادة التهميش من المشاركة السياسية، مما يفسر عمق الأزمة التي تتخبط فيها الديموقراطية ممارستها بالشكل التمثيلي بالمغرب. ومن مظاهر تلك الأزمة وتجلياتها ودلالتها، أن النساء والشباب يمثلون ثلثي سكان المغرب. ولما يتفاقم الوهل يحين التفكير في آليات انخراط هؤلاء (وفتح آفاق المشاركة والمساهمة في البناء المجتمعي) الذي قد (يعكس كل الحاجيات والتصورات المجتمعية...لمجتمع الكرامة والحرية والتنمية المحلية). ولم يغفل في تقديم المذكرة أن هناك مبادرات منها ما يتعلق بتحسين المشاركة السياسية للنساء عبر اعتماد الكوطا، وخلق آليات لدعم هاته المشاركة كصندوق دعم تمثيلية النساء، أو خلق لجنة المساواة وتكافؤ الفرص.
ويعد الحق في المشاركة في تدبير الشأن العام لجميع الفئات من الحقوق الأساسية التي ضمنتها المواثيق الدولية الملزم منها وغير الملزم، كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948)، والاتفاقية بشأن الحقوق السياسية للمرأة (1952)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966)، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) (1979)، وإعلان الحق في التنمية (1986)، وإعلان براغ حول استراتيجية لتمكين الشباب من المشاركة في التنمية البشرية (1998)، وإعلان لشبونة بشأن الشباب (1998)، وإعلان الأمم المتحدة بشأن الألفية (2001)، والاستراتيجية العالمية للشباب (2001). ذلك هو السياق الدولي لمشاركة النساء والشباب في تدبير الشأن المحلي والجهوي، والذي يزكيه ويدعمه ما عرفه المحيط الإقليمي والدولي من تفاعلات كبيرة (أبانت على قدرة النساء والشباب على تقديم إجابات لمشاكل الديموقراطية والتنمية المحلية خاصة في بلدان الربيع الديموقراطي).
وضمن السياق الوطني ما يفيد أن المغرب عرف خلال العقود الأخيرة (دينامية سياسية وحقوقية وتنموية كانت قاعدتها الأساسية الشباب والنساء المنتظمين داخلة تنظيمات تتخذ في الغالب شكلا جمعويا كإجابة عن مجموعة من الاشكالات الاجتماعية والتنموية الجماعية، لكن دون تغييب الجوانب المتعلقة بالتنمية الديموقراطية، وفي هذا الصدد تنوعت أشكال هذا الحراك لتصل ذروتها إبان الربيع الديموقراطي في مناقشتها الإشكالات المتعلقة بالمشاركة السياسية في تدبير الشأن العام وخاصة تلك المتعلقة بتوسع دائرة مشاركة النساء والشباب وآليات تشجيعها). وذكر في السياق الوطني أن الحركة الجمعوية بالمغرب عامة وبالجنوب الشرقي خاصة (أسهمت في هذا الحراك الاجتماعي من خلال ما راكمته من تجارب وخبرات ميدانية في مجال التنمية الديموقراطية بالتحسيس والتعبئة والمواكبة والتكوين والمرافعة)، ولا تفتأ تساهم في النقاش العمومي الذي يروم ترسيخ التنمية الديموقراطية...فاستطاعت أن تجعل هذه القضية عادلة لتنشيط نقاش الحركة الجمعوية حولها، ونقلها لتضحى موضوعا للنقاش السياسي والرسمي. وتوج المجهود في إصدار تشريعات من ذلك دستور 2011، والميثاق الجماعي 2009، واعتماد مبدأ الكوطا في الانتخابات، وإحداث المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي. ورغم ذلك، لم يكف ما حقق من مكتسبات لإرضاء تطلعات الشباب والنساء والحركة الجمعوية.
إن المداخيل الأساسية لمشاركة الشباب والنساء قائمة على المواد التالية، المادة 36 من الميثاق الجماعي، والمادة 14 منه. ويبدو مفيدا، كما حوى مقترح المذكرة، تعديل المادة 14 المذكورة لتستغرق الطابع الإلزامي للجنة المساواة وتكافؤ الفرص، كتحديد اختصاص اللجنة بشكل دقيق، وإخضاع اللجنة للانتخاب بدل الاقتراح من لدن الرئيس، وإشراك منظمات المجتمع المدني في رئاسة اللجنة. ويمكن أن تشترط اعتماد معايير الشفافية والاستقلالية، ومبدأ المناصفة مع الأخذ بعين الاعتبار الأشخاص في وضعية إعاقة في تشكيلها، وكذا الموارد البشرية والمادية اللازمة لتتمكن اللجنة من آداء مهامها، على أحسن وجه، وعقد اجتماعاتها قبل كل دورة المجلس، وإمكانية تقديم نقاط لإضافتها في جدول أعمال الدورة. ولا يجوز أن تغفل الإفصاح عن تقديم تعليل لكل رفض يطال اقتراحات اللجنة مع إمكانيات الطعن فيه أمام المحاكم الإدارية، والرفع من تمثيلية النساء داخل المجالس المحلية إلى الثلث في أفق المناصفة، واعتماد آليات لتمثيل النساء داخل الأجهزة التقريرية للجماعة، وخاصة داخل المكتب واللجان الدائمة. ومن الواجب الحرص على إحداث دار المستشارة، وتخليق الحياة السياسية عبر تفعيل آليات الحكامة، وخلق مجالس محلية للشباب، واعتماد مبدأ الكوطا الخاصة بتمثيلية الشباب داخل المجالس المنتخبة، دون إهمال معايير واضحة ديموقراطية وشفافة لتوزيع المنح على الجمعيات، ومحاسبة الرئيس بمدى تحقيق الأهداف المبنية على النتائج، وتوفر شرط الباكالوريا على الأقل للترشح لرئاسة الجماعات وخاصة الحضرية منها.
وإن كان هناك تفسير لظرف تسوية نص مقترح المذكرة الترافعية. فقد أقدمت الأستاذة خديجة الرباح على بيانه. ذلك أن مرحلة ما بعد الحراك العربي كما خالت الأستاذة خديجة الرباح، إذ هناك تراجعات مكاسب الحركة النسائية في مصر وتونس، وبالتالي فالمحيط الخارجي لا يبعث على الارتياح، لقد عادت ظاهرة العنف ضد النساء تتنامى سواء في شكل تحرش جنسي (في قلب الحراك) ذاته، أو في الضرب. وكل ذلك دفع المنتظم الدولي للاهتمام بالعنف. صحيح أن هناك دستور لكن تنزيله بطيء للغاية، فوق أن هناك من إجراء التنزيل ما يضرب المقتضيات الدستورية ذاتها. ولقد استشهدت الأستاذة خديجة الرباح ببعض الأمثلة ذات الارتباط بتعاطي البرلمان مع الاتفاقيات الدولية والقوانين ذات الارتباط بالمساواة، إذ لم يتم تغيير القانون الجنائي المغربي كما كان منتظرا، حيث اقتصر على بعض الفصول فقط (475، و486، و487). ومن جانب آخر، لم يوظف البرنامج الحكومي، الفارغ من مضامين المساواة، اللغة الحقوقية. وباختصار، فالمؤشرات توضح غياب رؤية مندمجة وليس هناك مدخل واحد، بل هناك مداخيل متعددة تؤثر سلبا على الحقوق الإنسانية للنساء. ولم تغفل الأستاذة خديجة الرباح قراءة الكوطا، ذلك أن نسبة 17 في المئة من تمثيلية النساء غير ذات وقع، إذ ليس لديهن مسؤولية في المكاتب المسيرة، وأن وجودهن في اللجان ضعيف للغاية. ومن جانب آخر، سجلت أن النساء يشتغلن في التشخيص لا التدبير، لذا وجب توجيه اللقاءات التكوينية في المستقبل إلى دفع النساء في الجماعات المحلية إلى التقويم، (إذ لا نفضل تواجدا رقميا عدديا بل نريد المشاركة في ورش العدالة... نريد نساء قادرات مقتدرات على ممارسة التغيير) تقول الأستاذة. ولا غرو، فالكوطا مسخوطة كما يقال في الدارجة مغربية.
ومن التعاليق الصادرة عن القاعة ما يفيد أن هناك تشويش داخل المذكرة ناتج عن ربط الشباب بالنساء. فالقضية النسائية مسلسل انطلق منذ سنوات، لكن سياقه تغير، ومر بمنعطفات، ووقع تغير داخلي بعد الانتخابات السابقة حيث برز موضوع مشاركة الشباب. ولوضع الشباب إشكاليته، وهي ذات الصلة بالأحزاب السياسية. وبالتالي، فالقضية –قضية الشباب- مرتبطة بنضال آخر. وفوق ذلك، فالشباب شأن ذو علاقة بالسن، والنساء شأنهن ذو علاقة بالنوع. لذلك وجبت مراجعة المذكرة.
ومن التعاليق أيضا ما ينص على مراجعة بعض المصطلحات والعبارات الواردة في المداخلات، وفي مقترح المذكرة. من ذلك عبارة (نحن حركة نسائية). ذلك أن جمعية الألفية الثالثة لتنمية الفعل الجمعوي بالجنوب الشرقي لم تكن جمعية نسائية، ولكنها تبنت مسألة النساء من بين المحاور التي تشتغل عليها. ومن العبارات أيضا أن الحركة النسائية حققت تراكمات ولم تستفد منها. إذن لا بد من وقفة تأملية استعدادا لردود الفعل، إذ لم تكتسب الجمعيات استراتيجية البناء. فلو استثمر النقاش المفتوح منذ بداية سنة 2000، لحققت الجمعيات تقدما كقوة اقتراحية. إن الحكم على الوضع العام بطابع مفاده بداية تراجع المكتسبات، حكم ميكانيكي، لأن المكتسبات هشة، مادامت هي وليدة وضع سياسي معين، ومادامت أتت لتحجب علينا البناء الديموقراطي، والمجتمعي. ذلك أن الفاعل السياسي ليس في مستوى البناء الديموقراطي. وفوق ذلك، تغشى ضبابية ما نص الدستور، وبرامج الأحزاب، لأن هذه الأخيرة هي التي تصنع النخب. فالرأي الوقوف مليا لتقييم التجارب، للتأسيس للسؤال: ما هو تموقع الجمعيات في هذا الوضع، تجاه كل الأطراف الدولة والأحزاب والنقابات، والمنظمات الدولية؟ ما هي الأولويات في بناء الديموقراطية المحلية؟ ومن جانب آخر، لا وجود في ديباجة المذكرة لتموقع الجمعية، ولا الفهم لذلك التموقع، وبالتالي فالأرضية غير مهيأة بشكل جيد. ولا بد من تداول المذكرة بشكل حسن. وطُرح كذلك جانب المصداقية، إذ لا بد من المصداقية، أي: هل استعملت التمويلات الأجنبية في مواقعها؟ وما هي نتيجة صرف الأموال؟. إذن لا بد من توفير شرط المصداقية الذي تستلزمه المرافعة. ولا بد من ربط هذه القضية بمشروع مجتمعي مادامت الجمعيات تشتغل الآن بمنطق المشروع.
ومن التعقيبات أن التراجع المشار إليه في المداخلات السابقة أساسه قابلية النكوص لدى المجتمع، لأنه مرتبط بالثقافة، ولا علاقة له بالحكومة. فالعقلية الذكورية هي التي لا تزال مهيمنة. وأما المرأة فقد أثبتت وجودها، وعبرت عن رغبتها في العمل بشكل يزعج العقلية الذكورية. «إني أرى الأحزاب السياسية لم تنقطع أكثر لشأن النساء ولم تعمل على مشاركتهن على المستوى المحلي، فالنساء ما هن إلا أرقاما فقط». لذلك لا بد أن يجند المجتمع المدني نفسه للترافع والضغط على الأحزاب لتعطي المرأة مكانتها.
ومن التعقيبات أن مشاركة النساء مرتبطة بمشروع مجتمعي، لذلك لا بد من مراجعة المقدمة، وأما المنطلقات فتكمن في ضرورة تفعيل الالتزامات الدولية وكذلك الالتزامات الوطنية، أي: القوانين السياسية. ولا بد من اعتماد ملاحظات الهيئات التعاهدية حول تقرير المغرب في الاستعراض الدولي الشامل وكذا لجنة سيداو، وتفعيل التوصيات المضمنة في تقرير الجهوية الموسعة، ولا بد من تجميع القوانين المنظمة للجماعات الترابية والجماعات المحلية وماليتها والنظر في نمط الاقتراع، ويمكن البحث عن كيفية الملاءمة بين المجال المحلي، والمجال الجهوي، ومراجعة المشاكل المرتبطة بتفعيل الميثاق الجماعي، لذلك فالمذكرة مفتوحة للتعديلات في انتظار تقاسمها مع التنظيمات التقدمية.
ومن التعقيبات أيضا، أن منطق الترافع يستدعي خطابا مناسبا ويستلزم وقتا مناسبا. فهل الظرفية مناسبة لتقديم هذه المذكرة؟ إن الظرفية تستدعي الانتظار بعض الوقت. ولأننا ننتظر مجموعة من الاستحقاقات، فمن المفيد الترتيب في إنجاز العمل. ومن جانب آخر، يفترض اعتماد منطق حجاجي في المذكرة التي تعاني من الغنى في التوصيات خلال الإعداد، والنقص في المخرجات. وقد يرد ذلك إلى تهاون المقررين الذين تتبعوا اللقاءات التشاورية المنظمة لإعداد المذكرة. لذلك وجب الرجوع إلى الوثائق والمسودات والسجلات الصوتية، أي: الاشتغال بخبرة من أجل إعادة بناء المذكرة والتدقيق فيها. وبعد ذلك، لا بد من إعادة التداول في متن المذكرة لتحمل بصمة الجنوب الشرقي. ومن جانب آخر، فالجمعيات لا تمارس السياسة بل تحاول التأثير على السياسة، ومعنى ذلك، أنه لابد من إبعاد السياسة بمنطقها النفعي التبريري. إن ضرب المكتسبات مرتبط بغياب مصداقية الفاعل السياسي في المغرب.
خلص الحاضرون إلى ضرورة إعادة صياغة المذكرة، من حيث شكلُها، ومن حيث متنها في التقديم، والسياقات والمدخلات. فكيف يمكن أن تأخذ مسارها بالصيغة التي يمكن أن توصل مطالب الحركة النسائية إلى المعنيين؟ ذلك ما سيحمله المنظور من الأيام.
وفي جميع الأحوال، فإن ما يثلج الصدر أن إعداد المذكرة قائم على مسلسل تشاوري ترافعي الذي انفعلت معه جمعية الألفية الثالثة لتنمية الفعل الجمعوي بالجنوب الشرقي لا بد من عرضه بتفصيل، ضمن عرض السيد محمد بومليك.
للمسلسل الترافعي أهداف عامة، كتعبئة مختلف الفاعلين المحليين لتوفير مناخ أفضل للمشاركة السياسية للنساء، والمساهمة في تفعيل المقتضيات الدستورية المتعلقة بالمشاركة السياسية، والمساهمة في تطوير الترسانة القانونية المتعلقة بالمشاركة السياسية للنساء. وأما محاور الاشتغال التي تحدد مجال الممارسة فتنظيم دورات تكوينة لفائدة الفاعلات المدنيات بالجنوب الشرقي، وتنظيم 06 لقاءات تشاورية، وتنظيم لقاء لاسترجاع و تقاسم التوصيات المنبتقة عن اللقاءات الست، وتنظيم أربعة لقاءات للجنة صياغة مشروع المذكرة، فضلا عن إعداد دليل المشاركة السياسية للنساء.
ففي محورالتكوين نظمت أربعة دورات بكل من الرشيدية وزاكورة وورزازات، وتنغير كانت لغاية تقوية قدرات 120 ماهنة مدني في ما يخص المشاركة السياسية والياتها، ثلاثين منهن منتخبات محلية، وثلاثين منخرطة حزبية، ستين ماهنة مدنية (ولا نقول فاعلة لأن لهذه العبارة حمولة أخلاقية سيئة). وفي محور التشاور عقدت ست لقاءات بالنقط العمرانية الحضرية التالية، الرشيدية، وزاكورة، وورزازات، وتنغير، وفكيك [في رحلة السفر إلى فيكيك توفي مؤسس جمعية الألفية الثالثة لتنمية الفعل الجمعوي بحادثة سير صباح يوم السبت 18 فبراير 2013]، وميدلت
عرفت اللقاءات حضور464 مشاركا ومشاركة، وفتح خلالها نقاش عام على الصعيد الجهوي حول واقع المشاركة السياسية للنساء، ومن خلاصاتها تعبئة الفاعليين المحليين حول الموضوع، وتصعيد توصيات عملية لدعم آليات المشاركة السياسية وتطويرها.
وتبين من خلال اللقاءات التشاورية حماس المشاركة السياسية الكبير لدى كل نساء الجنوب الشرقي، مما يوحي أن هناك بوادر تفاعل الماهنين المحليين مع مشاركة النساء السياسية على ضوء بعض التجارب الناجحة. وثبت انخراط الديناميات الجمعوية في المساهمة من أجل توفير مناخ ملائم للمشاركة السياسية للنساء. (غنى التوصيات العامة الصادرة عن اللقاءات). ورغم ذلك سجلت محدودية مستوى المشاركة السياسية وضعفه للنساء مقارنة بالمأمول. وهناك عوائق تشريعية وتقنية تحد من تلك المشاركة.
وانتقل صاحب العرض السيد محمد بومليك إلى الوقوف عند منهجية بناء المذكرة الترافعية أو بالأحرى خطوات إعدادها ليذكر منها تجميع التوصيات العامة المنبثقة عن الأيام التشاورية، وتشكيل لجنة جهوية مصغرة من الفاعلين الجمعويين والمدنيين بالجنوب الشرقي بالإضافة إلى ذوي الاختصاص، وصياغة أولية لمشروع المذكرة الترافعية، واسترجاع أولي لمشروع المذكرة لاستكمالها في لقاء جهوي نظم بالرشيدية، وتقاسم مشروع المذكرة في لقاء وطني في افق استكمالها وصياغتها النهائية بمعية مختلف الفاعليين في المجال.
وخلص إلى أن مشروع المذكرة الترافعية ليس في ملك الألفية الثالثة أو الحركة من أجل ديموقراطية المناصفة لوحدهما بل هو ملك كل المناضلين والمناضلات المدنيين/ت والديمقراطيين/ت من أجل تحصين المكتسبات في ما يتعلق بالمشاركة السياسية للنساء، وتعزيز هاته المشاركة السياسية بترسانة تشريعية وإجرائية .