المرأة المسلمة تستمريء العبودية



رمضان عيسى
2013 / 3 / 8

قرأت هذا الكلمات الشعرية تحت عنوان " زواج الأربعة " عن امرأة تتساءل قائلة :

أربعُ إنسانة
أنا..............؟
حشرجة صوت
لا تقوى على نطق
أليس لي نهدان؟
لي لسان
وجسد
وأنامل
فهل أحمل السيف
وأقاتل؟
فلماذا؟
ربع إنسانة
أنا.............؟

لا شك أن هذه الكلمات كتبت على لسان امرأة عربية مسلمة اقتربت من حافة أن تعي وضعها الاجتماعي وموقعها كإنسانة . فهي تتساءل : لماذا وضعها الاسلام كربع انسانة ، بينما الرجل له كامل الحقوق ؟ ففي الشهادة والميراث ، امرأتان مقابل رجل ، ولا تستطيع أن تسافر لوحدها إلا بمرافق ، ولا أن تراجع في المؤسسات الحكومية لوحدها إلا بحارس ، وفي الزواج ، فاقدة لكل قرار يتعلق بمصيرها ، واذا استشيرت ، فهي استشارة شكلية لا تحتمل غير الموافقة . ولا يحق لها تزويج نفسها إلا بولي أمر ، وهي تُوقع فقط . ولا تستطيع فسخ عقد زواجها بالسهولة التي يستطيع بها الرجل . واذا تمردت فبيت الطاعة يلاحقها ، واذا أصرت ، تصبح ناشزا تسقط عنها كل الحقوق .
والعجب العجاب أن ترى المرأة في الدول العربية الاسلامية تقبل بعبوديتها وتعتبر أن وضعها ممتاز ، وليس لديها طموح لتغيير وضعها الاجتماعي والانساني .
وتتساءل منظمات حقوق المرأة ، كيف تقبل المرأة المسلمة على نفسها أن تكون " ربع انسان " ؟
وكيف تقبل أن تكون وعاء للولادة فقط ؟
وكيف تقبل على نفسها أن تكون أداة للمتعة ، ويتلخص دورها في أن تكون في وضع الجاهزية لإثارة الشهوة ، واذا ما مرضت أو تقدم بها العمر ، وُضعت في الزاوية المعتمة ، وأُحضرت غيرها .
وكيف تقبل على نفسها أن تُعتقل بين أربعة جدران من مولدها حتى مماتها ولا يحق لها التعليم ولا العمل ؟ وكيف تقبل أن تكون أصل الغواية والمكر وتلميذة الشيطان ؟
وكيف تقبل على نفسها أن تكون نَكرة وعاجزة وناقصة عقل ودين ؟ وكيف تقبل أن تتبرقع لتكون كتلة سوداء متحركة ؟
باختصار ، كيف تقبل على نفسها أن تكون " كنموذج معد مُسبقا " ، وتُختزل امكانياتها للبقاء في اطاره ، ولا تستطيع التمرد للتغيير ؟
انها تقبل بكل هذا ، ليس مقابل لا شيء ، بل مقابل أن تكون إحدى حوريات الجنة بعد الموت ، لأن الحياة الدنيا هي متاع الغرور.
ونسأل : ما هو وضع النساء في الجنة ؟ ان وضعهن لن يكون أحسن من وضع خديجة زوجة النبي ، فقد أخبرها النبي بأن بيتها في الجنة سيكون بيتاً من قصب لا نصب فيه ولا صخب ، وقيل من لؤلؤ مصفوف ، وهذا بيت خديجة ، ولن تكوني مثل خديجة زوجة النبي ، فبيتها من قصب ، وليس فيلا بجانب عين تسنيم ، ولا نهر الفرات .
أما الرجال فلكل منهم زوجتان من الحور العين ، وقيل في الروايات أن الزوجين أقل ما يكون لساكن الجنة من نساء الدنيا ، وأن أقل ما يكون له من الحور العين سبعون زوجة. وقيل أيضا : إن الرجل من أهل الجنة يمتلك خمسمائة حوراء وأربعة آلاف بكر وثمانية آلاف ثيب يعانق كل واحدة منهن مقدار عمره في الدنيا . الراوي: - المحدث : الهيتمي المكي – المصدر : الزواجر - الصفحة أو الرقم : 2/260 . خلاصة حكم المحدث : صحيح .
فكيف سيكون وضع المرأة في الجنة ؟ واحدة من اثنتين ، أم واحدة من سبعين ، أم واحدة من خمسمائة حوراء ، أم واحدة من أربعة آلاف بكر ، أم واحدة من ثمانية آلاف ثيب ، ويأتيها دورها بعد مقدار عمره في الدنيا .
فليس هناك وضع للنساء غير أنهن أداة للمتعة ، دائمة وجاهزة ، وليس هناك " حور " من الرجال ، حتى لو كانت شهيدة .
فالحديث عن الجنة يدور بنسبة 95% عن الرجال وحقوقهم ومتعتهم ،ومراتبهم ، فمنهم الرسل ومنهم الأنبياء ومنهم الشهداء ومنهم الأولياء ومنهم من يكلمهم الله .أما المرأة فليس لها من هذا نصيب .
فلن تكون المرأة مساوية للرجل حتى في الجنة ، فلها ضراير لا تُعد ولا تحصى ، وهي ونصيبها ، قد يكون لها من الضراير سبعين أو خمسمائة ، أو أربعة آلاف . فالمغلوب في الدنيا مغلوب في الآخرة .
وفي الدنيا ، إليك ما يقوله ممثلو الاسلام السياسي عن حرمان المرأة حقها في الانتخاب ، فقد جاء في ( مجلة الإخوان المسلمين – 5 يوليو 1947) : " يعتبر منح المرأة حق الانتخاب ثورة - أي خطأ وتمرد - علي الإسلام وثورة علي الإنسانية، وكذلك يعتبر انتخاب المرأة ثورة علي الإنسانية بنوعيها لمناقضته ما يجب أن تكون عليه المرأة بحسب تكوينها ومرتبتها في الوجود، فانتخاب المرأة سبة في النساء ونقص ترمي به المرأة ".
أما رأي الشيخ حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين عام 1928 فهو مدون في " حديث الثلاثاء "، يقول : " ما يريده دعاة التفرنج وأصحاب الهوي من حقوق الانتخاب والاشتغال بالمحاماة مردود عليهم بأن الرجال، وهم أكمل عقلا من النساء، لم يحسنوا أداء هذا الحق، فكيف بالنساء وهن ناقصات عقل ودين؟!"
ان من تقبل بكل هذه العبودية ، وهذا الاهدار بالحقوق ، نقول لها بالفم المليان " تستاهل " تبقى جاهلة وترزح تحت قيود العبودية ، وتبقى ناقصة عقل ودين ، ولا رأي لها ، ولا تملك الأهلية للمطالبة بحقوقها ، وأن تبقى وعاء لتكثير العشيرة ، ومن يملئون البيت ولا مستقبل لهم ، ففي المجتمعات الاسلامية كل دقيقة يولد جاهل .
وبموقفها هذا ، فهي تراهن على عبوديتها في الدنيا والآخرة ، وتسعى لها وتغلق منافذ عقلها اتجاه كل الدعوات لتحرير المرأة وتحصل على حقوقها كإنسانه ما دامت حية ، أما بعد الموت فهي أمام رهان باسكال ، ولن تكون هناك منظمات حقوقية تدعوها أن تعي دورها الاجتماعي وتتلمس منافذ الحرية .
ان قبول المرأة المسلمة بوضعها العبودي يعود ليس الى العادات والتقاليد الصحراوية ، بل أيضا الى الميراث المقدس والمعتقد الديني الذي تتشربه الفتاة من الأسرة والمجتمع الذي يرسم لها طريق الحياة منذ ولادتها الى مماتها . فنجدها تسخر من مفاهيم مثل الحرية وحقوق الانسان والوعي والتعليم . ذلك لأن ممثلي التراث المقدس ينشرون هذه المفاهيم للأجيال الجديدة بطريقة مشوهة .
لهذا نجد المرأة المسلمة تنظر الى نفسها ليس كإنسانة مثل باقي نساء العالم ، بل تضع نفسها في موقع وكأنها يجب أن تختلف عن باقي نساء العالم ولا تتشبه بهن ، ويجري التركيز في الاختلافات على الشكل ، والمظهر ، واظهار الحرية على أنها التقليد الشكلي للمرأة في الغرب .
فهي بمستواها الفكري والنفسي تقبل أن تكون ربع انسانة ولن تحمل السيف وتقاتل ، وتقبل أن تكون وعاء للولادة ، وتقبل أن تكون ناقصة عقل ودين ، وتقبل أن تبقى في قفص الرجل والمجتمع دنيا وآخرة ، وتقبل أن تكون نكرة وعاجزة عن أن تدبر شئونها بنفسها ، فهي بهذا كالعصفور الذي ولد في القفص ، ويقدم له الطعام والشراب في القفص ، وكل حركته وعالمه لا يخرج عن أسوار القفص . فاذا ما أخرجته من القفص عاد اليه وأصر على العودة ، وذلك لأن ليس لديه فكرة عن الحياة والحرية خارج القفص .
ان هذا الفهم شكلي للتحرر وتشويه للجوهر والسلوك الواعي الهادف للحرية ، وهي بهذا نراها ترفض شكل المرأة المتبرجة ، المسترجلة ، فهي لا تطمح للتحرر بهذا الشكل ، وبهذا لا يمكن للمرأة في الاسلام أن تعي معنى الحرية بالمعنى الاقتصادي والاجتماعي والنفسي .
ان السبب الأساسي في وضع المرأة المسلمة هذا يعود الى المجتمعات الصحراوية والزراعية ومستوى الوعي في هذه المجتمعات لا يسمح للمرأة الخروج من قفص التراث والميراث المقدس .
أما في المجتمعات الصناعية فهناك قيمة للعمل وللزمن ، فإن الحاجة الى عمل جميع أفراد المجتمع تستدعي نشر التعليم وفتح المدارس والجامعات ، لأن التطوير والتنمية تحتاج لجهد الجميع ، جميع أفراد المجتمع من الجنسين ، فالجميع يجب أن يتعلم ، وأن يعمل ويشارك في الانتاج وزيادة الدخل الوطني .
وبهذا فان المرأة في المجتمعات الصناعية تأخذ حظها من التعليم والحق في العمل وفق مستواها الأكاديمي ، ووفق مواهبها وإبداعاتها في كل المجالات الانتاجية أو الأكاديمية أو الفنية .
ان هذا يمنحها الشعور بمكانتها كإنسانة ايجابية منتجة لها دورها في البناء الاقتصادي والاجتماعي . كما أن وعيها لهذه المكانة تجعلها تشارك في صنع القرار الاجتماعي والسياسي . وقد أثبتت المرأة أنها تستطيع أن تتبوأ أعلى المناصب سواء في الجامعات أو في السلك الدبلوماسي أو الدولة .
إن وضع المرأة وعملها ومشاركتها والطريقة التي يتم التعامل معها بها هي من العلائم الأساسية التي تدل على رقي المجتمع وتحضره .
أخيرا لو عرفت المرأة المسلمة معنى الحرية الحقيقي وتهيء لها هذا الوعي لناضلت بأسنانها وأظافرها من أجل حريتها وأهليتها أن تكون مسئولة عن نفسها ، وأن لا تكون ربع انسانة وناقصة عقل ودين .