من يوميات نهد لا يحتفل ...



جوري الخيام
2013 / 3 / 11

فتحت مذكراتي فخرجت من بين الصفحات فتاة سمراء البشرة ,اقتربت منها و أزلت الوشاح لأكشف ما يخبئه, ففوجئت بوجه يغير ملامحه في كل لحظة...

من أنت وفي أي قصيدة تسكنين؟
"أنا مزيج من عطرك وحكايا باقي النساء"

خلعت جلبابها الأبيض , قصت ضفيرتها البنية الطويلة ودفنتها و جلست عارية القرفصاء أمامها تغني و تمشط ما تبقى من شعرها ,أخرجت من قلب الورق نعناعا ,شايا وسكر ..قامت ومشت نحوي وكلما اقتربت مني كلما صار وجهها يشبهني أكثر... مسحت صفحة وجهي بكلتا يديها مستخلصة مني بعض الدموع الحارقة و أضافتها إلى النعناع والشاي والسكر ...سكبت لي شايا "على حْقُو و طْريقُو" و شربناه سويا دون أن أحاول أن أفهم كيف يصنع الشاي خارج الإبريق و لا كيف يشرب بلا كأس!

"أتتذكرين أمينة ؟"
لم أعرف في حياتي أية أمينة حتى أنهت أمينة الفيلالي حياتها ...فكيف أنساها؟
"لازال كل شئ على ما هو عليه...لازالت تنورة المغتصبة هي الجانية !"
إلى متى تبقى صغيراتنا ضحايا كبتهم ؟إلى متى سنبقى نحن و حقوقنا والمتعة أشياء تخص الرجل؟

ظلت تمشي بخطى متسارعة وأنا حافية القدمين أهرول وراءها فوق قمم الحروف وبين السطور الوعرة وهي تقلب الصفحات المنسية وتبللها بدموع فضية تتحول إلى حروف مستاءة كلما جفت ...

و حين يبست كل العبَرات قرأت:

( أنا امرأة تعيش في عالم صممه وألف قصصه رجل وجعلها كلها تنتهي نفس النهاية.... أنا إمرأة تعبت و انتفخت رئتاها من تنفس التيستوسترن الذي يملأ كل ذرة في الهواء.... أنا إمرأة تعبت من تكرار هذا اليوم السخيف الذي يحمل رقم 8 مرفقا بإسمي "إمرأة " ...سنة بعد سنة دون أن يتغير أي شئ ...أنا إمرأة تستنكر أن لا تتساوى الرواتب رغم تساوي المجهودات والعقول...أنا إمرأة هلكت من العقلية الذكورية التي تقر أن فرق تسد واحمل السلاح لتكون على حق....أنا إمرأة فهمت من نتاج البشرية أن الإنسان هو أغبى وأقسى الكائنات .....لكن غطرسته ولسانه الناطق يصوران له عكس ذلك...أنا إمرأة تعبت من سلبية وصمت الأخريات...أنا إمرأة تعتبر الثامن وباقي أيام مارس أياما شديدة الذكورة كباقي الأيام ...

الثامن من مارس إذا لم يكن أبدا ولن يكون عيدي بل هو عيد سلطة الرجل على مجتمع هو صانعه بكل طبقاته ودياناته وطوائفه وحروبه ...وإني بفخر أقول أن المرأة بريئة من هذا الحمام الدموي النووي المريض المعوج الذي رسم ونفذ معماره رجال مريضو العقول لا ضمائر لهم يسمونهم في التاريخ عظاما من رسل وملوك وقادات الحروب و رجال يعبدون المصالح وتقسيم الأراضي والثروات ...لكن هيهات أن يكون عظيما من خطط للخراب و أمر بسفك الدماء لأي سبب كان!

الثامن من مارس يوم يحزنني كل سنة أكثر كواقعنا المتحجر ...لأني أعرف أن هذه السنة ككل السنوات ماضية أو قادمة سيشربون ويحتفلون وسيكلموننا عن أميرات العرب وباقي الجميلات و الناجحات ليوهمونا بأننا رغم زواج القاصر و مصير المغتصبة وحال النساء في أسفل طبقات المجتمع وحتى أعلاها لازلنا بخير نحتفل ومعظمنا يصدق ... نساؤنا يصدقن رغم أن مدوناتنا تتكلم عن حالة المرأة ...نصدق رغم أننا أمامهم عراة نمشي صراطا مستقيما لاحق لنا في الخطأ أو في حقوقنا لأنها حرية ولأننا حرية المرأة قبح ورجس من عمل الشيطان....

نحن لم نعد نريد يوما في السنة ,نحن نستحق سنة مليئة بالحقوق الشرعية!
إمرأة من زمن الذكور )