لماذا يخاف الرجل الفلسطيني من المرأة؟



سونيا ابراهيم
2013 / 3 / 16

في بداية المقال أود أن أذكر أني أخص بالذكر الرجال الذين يعيشون تحت الاحتلال لسنوات طويلة. في واقع الأمر؛ ليس غريباً أن نتذكر منذ البداية كيف أن السلطة الوطنية الفلسطينية، التي لم تقدم عراقيلاً مشابهة لتلك التي تفرضها حكومة حماس على النساء الغزيات، كانت تتبع لنفس العقلية الذكورية التي تُخضِع المرأة لقوانين القبيلة.

المظاهر كانت مختلفة عندما كان يقبع سكان الأراضي الفلسطينية تحت حكم السلطة الوطنية الفلسطينية، و حتى التوجهات الاصلاحية كادت تكون معدومة لأسباب كثيرة منها؛ فساد السلطة، و الانتفاضات التي حاولت الأحزاب الإسلامية التسلق عليها خاصة في الثمانينات، ولقد كان غياب التيارات التقدمية لأسباب تتعلق بإختلافات بين أعضائها، و لأسباب تتعلق بعجزها، وغياب الوعي الفلسطيني لأهمية تواجدها، دوراً ايجابياً بالنسبة للإسلاميين بعد سنوات طويلة من العجز، و الضعف وحاجتهم لشعارات جديدة في هذا العالم، الذي بدأ في بداية التسعينات يشعر بتقلص دور الاتحاد السوفياتي.

و لسوء الحظ؛ منذ بداية الثمانينات صار العالم العربي، و خاصة بعد الثورة الاسلامية في ايران، و ازدياد نشاط الجماعات الاسلامية المتطرفة في مصر، يتوجه إلى مسارات مختلفة أكثر ما تكون بعداً عن حاجته للتقدم. و عندما بحثت عن حقيقة الأسباب، التي تجعل المرأة الفلسطينية تشعر أن مجرد وجودها في هذا المجتمع هو غلطة تاريخية؛ حيث تتحكم فيها العائلة، و تخضع لنفس مصير الأم و العمات، فإني لم أجد مبرراً واحداً لهذا الضعف سوى التخلف و الرجعية التي يتمسك بها رجال الدين، و المجتمع المستفيدين من تهميش دور المرأة بالتكاتف مع قلة الضمير السياسي، و التوعوي الفكري بين أبناء و نساء المجتمع! و حينها بدأت أُقلب الأوراق، و أُجرب الواقع؛ لأرى ما هي خلفية هذه التناقضات في آرائهم غير المنطقية، التي يريدون أن يصدقونها على أنها حقيقة.. و لاحظت أنه على الرغم من خضوع المرأة، و استعبادها حسب هذه القوانين الرجولية في العالم العربي؛ إلا أنه الرجل الشرقي كان دائماً الحلقة الأضعف في الأداء السياسي، الاقتصادي، الفكري، و الثقافي، و هذا ما أعزيه ليس بسبب غياب المثقفين من الرجال العرب، أو ليس بسبب قلة وجود الرجال الذين يدعمون المرأة؛ بل بواقع الأمر بسبب كثرة أعداد من نسميهم رجالاً- بشعارتهم المتحمسة دائماً- الذين يرغبون بتغييب المرأة المثقفة الواعية عن المشاركة في اتخاذ القرارات الفعالة، التي تصب في مصلحتها من أجل بناء مستقبل اكثر أمانا لنساء عربيات قويات يعطين مجتمعهن مثلما يأخذن منه .

إن الخطاب السياسي، و الاجتماعي، و الاقتصادي للرجل الفلسطيني لا يتعامل مع أهمية دور المرأة في الحياة الفلسطينية على أرض الواقع، بل فيه تقنين لأدوراها حسب عادات المجتمع، و تقاليده دون الأخذ بعين الاعتبار خبراتها، و كفاءتها، و انتاجيتها بالعمل في كافة مجالات العمل المختلفة.

و على مدار التاريخ سوف نجد أن وجود نساء قويات، كانت لهن كلمتهن، و حكمتهن في الحياة، كان يعتبر خطراً على وجود الرجال المستفيدين من تنحي المرأة عن أداء أدوارها في اتخاذ قرارت مهمة تتعلق بسياسة المجتمع، و أساليبه، و حتى توظيف كافة أدواته الممكنة؛ لتشجيع غيرها من النساء على الإنطلاق للحياة!

كان الرجل- و لا داع لأن نذكركم بقصص أحد الأنبياء الفقراء الذي تزوج من امرأة غنية تكبره بعدد لا يقل من السنين- دوماً يحاول أن يتقرب منها خادماً، خاضعاً- في البداية؛ قادرا ًعلى تنحيتها وتحويل دفة الأمور إلى مصلحته- في النهاية!

المشكلة التي غالباً تطرح نفسها عبر قراءاتي لمعظم تاريخ الشعر العربي؛ فيما يتعلق بنوعية العلاقة التي تربط بين رجل ضعيف، و امرأة قوية لها شخصيتها- كما هو مذكور حتى لدي بعض الشعراء العرب- هي: أن الرجل يظل لئيماً، يتصنع الحكمة و الغرابة و الظرافة، وأما هي المسكينة؛ فيجب عليها أن تكون في النهاية خاضعة، بل مستأنسة و إن شعرت بالظلم لاحقاً لمكره الشديد، و أساليبه الملتوية!

ما أعتقد أنه سوف يصلح للتاريخ لاحقاً في سبيل المساواة بين الرجل و المرأة هو بداية قراءتنا لقصص تتمكن فيها المرأة الشرقية بوعيها، و قوة آرائها، و نزاهتها، من استرجاع أي حق من حقوقها,, دعونا نبدأ أولاً بحقها في الانتقام! لما لا؟!