إهداء إلى أمهات لا يذكرهن احد



إيرينى سمير حكيم
2013 / 3 / 22

إهداء إلى أمهات قديرات لا يذكرهن احد.

إلى كل أم حزينة مظلومة، مقهورة، منبوذة.

إلى كل أم أُجبِرَت على العرس أو المضاجعة، وأهديت طفل من رحمها لم يشاركها فى وجوده الأب سوى بالقهر والإجبار، ولم تجد من المجتمع سوى الطَرَش والخَرَس والاهانة والنبذ.

إلى كل أم ولدت ابن أو ابنة معاقة ولم يسندها احد، ولم يقدر مآساتها احد.

إلى كل أم فقدت ابنها أو ابنتها ظلما، إلى من فقدت إياهم قدرا وغدت أم مع وقف التنفيذ.

إلى كل أم أرملة أصبحت أما وأبا وعائلا وقوة تحدت الألم وواجهت المجتمع وضغوط الأيام وحدها، إلى من أشبعت صغارها حبا وخبزا من ثمار تعبها.

إلى كل أم كانت ذات يوم طفلة من أطفال الشوارع وأصابها الاغتصاب بالأمومة، ولم تمنع نفسها من بذل حياتها لمولود كان ثمرة أبشع ما مرت به فى حياتها، وسبّب المزيد من ذل وألم أصبحا يرافقانها بقية عمرها، لأنها تُعد فى مجتمعنا المسئولة عن ذلك العار الذى أُرغمت على دخوله أحشائها.!

فهناك من الإناث لا يفهمهن احد، لا يدرك إحساسهن احد، لا يستوعب مشكلاتهن احد، لذا هناك من الأمهات التى لا يعرف عن معاناتهن احد، حيث لا يجدن مشاركة أو اهتمام أو التفاتة حتى، وهن يغُصن فى آلام مهملة بصورة متضخمة داخلهن غير منظورة بالنسبة لهم.

وها نحن نحيا بمجتمع لا يعرف كيف يرعى الآخرين ولا كيف يراعى مشاعرهم، وهذا المجتمع لم يتعلم وقاصر على تعليم الأجيال التى يناولها الإنسانية بالتوالى على رعاية أنثى رعت نفس وجسد ينموان بأحشائها، وواجهت بعمرها مصيرين احدهما منشق من كيانها فهى تعتبر نفسها المسئولة عن ذاتها وعن ذاك المنبثق منها.

ونحن لا نعرف كيف نتأمل فى أمومة وأنوثة وأوجاع، فنحن ننمو تحت رعاية تغفيل المجتمعات وعدم استيعاب المسلمات، نحن مغيبون عن الإحساس وتفاعل التعامل والمسئولية المُنقِذة، نحن نغوص فى مشاعر مفصّلة بالاغانى والأقوال والبكاء، إنما لا ندخل قدس أقداس الحقيقية ولا نتبع خيوط الإنسانية بالرواية، إنما فقط ننفعل صراخا نتبلبل تشتيتا ونبكى مؤقتا!

أيتها الأمهات الثكلى بالحزن والوجع اللاتى قابلت منكن ولم أقابل، انحنى أمام تحملكن للصعاب ولشجاعة مواجهتكن لحياة كانت أشبه بالموت، للتصدى لأناس كانوا أشبة بحيوانات مفترسة كان من المفترض منهم مساندتكن وتقدير ضعفكن عند الحاجة وقوتكن عند التغلب على الآلام والمشاكل، أما أنا فلا أقدركن ولا انحنى أمامكن كأنثى أتعلم منكن كيف أعيش وكيف أكون وحسب، إنما كإنسانة من سلالة البشر مازلت أجاهد لأجل إثبات أن الإنسانية مازال بها الأمل لوجودكن بها وبتقديرى لكنّ .. محبتى أيتها القديرات.