أنواع متعددة من العنف ضد المرأة



صبيحة شبر
2013 / 3 / 31

العنف ضد النساء

العنف ضد النساء ظاهرة عامة ، موجودة في كل أنحاء العالم ، ورغم القوانين الكثيرة التي أصدرتها الأمم المتحدة، وعملت بموجبها الدول المتقدمة ، فمازالت الأحداث الجارية في أنحاء متفرقة ،من العالم تؤكد ان المرأة ما زالت تتعرض إلى العنف وبدرجات متباينة حسب اختلاف الدول
فما حقيقة هذا العنف الذي تتعرض له النساء العربيات ؟
العنف ضد المرأة ألوان وأشكال ، رغم الصراخ والضجيج المفتعل انها وصلت الى حقوقها، وتمتعت بها شأن نساء العالم، ولكن المرأة العربية تحيا أشكالا من الحرمان والتعدي على حقوقها وشخصيتها الانسانية ، وان كانت بعض القوانين الصادرة في الدول العربية تنص على احترام حريات النساء ، فان واقع الحياة يؤكد ان هناك بونا شاسعا بين الحقيقة ،وما يجب ان تكون عليه الحياة الانسانية، ومهما كانت النوايا الحسنة او الادعاءات الكثيرة ، فان المراة العربية تعاني الامرين وتجد نفسها وحيدة معزولة ، غير قادرة على الدفاع عن نفسها امام جبروت العادات والتقاليد والعرف العام ، وذوي اللسان السليط ،وان كان الظلم الموجه الى المرأة من قريب او حبيب ،هل تستطيع ،ان تعلن وأمام الناس جميعا عما تتعرض له من عنف ؟ وخاصة من قبل أشخاص هم أقرباء لها ، فكيف تشكو ضدهم ؟ وقد يكون الأب او الأخ او الزوج او مديرها في العمل؟ هل يمكن للمرأة أن تتنكر للتقاليد والعادات التي تعبر عن احترام الأقرباء وتقدير الوالدين ، وكيف تقدم شكواها ضد الأب مثلا ؟ في مجتمع ما زال ينظر إلى الأب نظرة القداسة والتقدير ، وماذا تفعل المرأة ان وجدت نفسها تقترن بمن لاترضى به ، ولا يتوافق مع افكارها وميولها ؟ ماذا تفعل ان قام ذلك الرجل بلومها وتقريعها بأقسى النعوت ، او قام بضربها ، بلا سبب ،او اهملها ولم يحترم أنوثتها وانسانيتها ، هل تستطيع ان تقدم شكوى ضده ؟ كما تفعل النساء في العالم المتمدين ، ام ان الدنيا سوف تقوم ولا تقعد، متهمة المراة انها جنس يستحق العقاب ، ويتضامن الجميع مع الرجل المعتدي، مرددين أقوالا نسمعها باستمرار ان المراة ناقصة عقل ودين وليس لها قدرة على التفكير المنطقي السليم، وتعيش راكضة وراء عاطفتها ، الا تعتبر المرأة المشتكية ناشزا ، يحاربها المجتمع وتتنكر لها الأعراف، ويبتعد عنها الأصدقاء والمعارف ، وتضحى وحيدة لا أحد يسمتع اليها ، هل يترك الرجل عادة الصراخ بوجه المرأة ان هي اشتكت ضده ،مطالبة ان تحيا بسلام كبقية خلق الله ، ام يزداد عنفا وقساوة واصرارا على تنغيص حياتها وجعلها تندم ولا تفكر ان تعود للشكوى مرة اخرى..
ويبدو العنف بأشكال متعددة ، الحرمان من الحب يأتي في اولها ، وعدم التمتع بالتقدير الضروري لكل انسان واستصغار تطلعاتها ورغبتها ان يكون لها رأي خاص فيما يجري حولها من امور ، ومطالبتها دائما ان تكون مقلدة للرجل ان كان يتمتع بالنفوذ عليها والهيمنة على شخصيتها ، ويحتل العنف المنزلي الصدارة ، وتظل المرأة عاجزة عن التصريح بأنواع مختلفة من العنف المنزلي تبدو أحيانا أغرب من الخيال ، وتتهم المرأة غالبا انها تبالغ او تبتعد عن الانصاف، وانها تحاول تشويه الرجل لاعتبارات عاطفية ، ويتناسى أؤلئك المتهمون ،ان العاطفة من الاساسيات في الحياة الزوجية ، وان الرجل الذي لايحرص على ارضاء الزوجة، في كل امور الحياة ، وخاصة في الجانب الجنسي، يصبح من المستحيل عليهما معا، ان يستمرا في العيش معا تحت سقف ، لايوفر لهما الحب المناسب ، والذي تضحى الحياة بدونه عذابا متواصلا، وكم من امرأة حاولت ان تعبر عن معاناتها ،فتجد الصد من اقرب الناس اليها، من الذكور أحيانا ومن الاناث في أحايين كثيرة ، وعلى الزوجة ان تصمت ، ان جرت امام عينيها الكثير من انواع السلوك التي تدل على تصغير شأنها، وعدم احترام كونها زوجة، وهناك أشكال متباينة للعنف المنزلي ، محاولة الزواج في الليلة الأولى ، المسارعة بالايلاج ، وعدم مراعاة كون العروس حيية ،او تتضرر من الإتيان إليها دون مراعاة وضعها ،والإساءة للمرأة الحامل ،بالقول او الضرب، وعدم السماح لها بمراجعة الطبيب المختص أحيانا ، والحامل بحاجة الى العناية المركزة والدواء الواقي، والاهتمام بالناحية العاطفية لها، لئلا تنعكس على الجنين ، فكم عدد الذين يراعون الحامل ويقدمون لها العناية التي تستحق ؟والاعتداء على حق الزوجة في الراتب ، فيسطو عليه بعض الأزواج ، لتتمتع به العشيقات والصديقات ..
إن إرهاق النساء بالأعمال المنزلية، نوع من العنف ، والزوجة بالإضافة الى عملها المضني خارج المنزل ، تعود لتبدأ عملا آخر أشدة قساوة، وليس فيه تعويض بينما الرجل يرجع إلى بيته ليرتاح..
و الخيانة تشكل نوعا من العنف شديد الإيلام ، كيف يمكن للمرأة ان تتحمل ان زوجها الذي تشقى من اجله ،وتساعده لتوفير حياة جميلة لهما معا، يكافيء تضحياتها بخيانتها مع أي واحدة، يجدها تبدي استعدادها، للقيام بدور الحبيبة ، فيهجر الرجل بيت الزوجية ، وتعاني الزوجة المسكينة من الهجران في المضاجع، من إثم لم تقم به ، أليس هذا النوع من أقسى أشكال العنف ، وهل هناك اشد مرارة من هجران الزوجة وعدم الاعتراف بأنوثتها ؟ والأدهى ان المرأة المتظاهرة بالعشق للزوج هي من يوجه الطعنة النجلاء لبنات جنسها..
والزوجة عادة تبذل ما في وسعها، لتتجنب صراخ زوجها، الذي يندلع بلا سبب ، فتأخير تهيئة الطعام،قد يجعل الزوج يرمي زوجته بالحذاء ،متناسيا إنها كانت في العمل طوال فترة النهار ، أو ان عدم تمكنها من كي قمصانه، لأنه خارج في نزهة مع أصدقائه كما يزعم ،قد يشعل البيت في حريق لا يستطيع احد إخماده، او لأنها متعبة جدا، وأبدت عدم استعدادها للجنس في تلك الليلة، رغما عنها او إنها طالبت ان تكون بموافقتها فهي أيضا إنسان ، وان إجبار الزوجة على العملية الجنسية يعتبر اغتصاب وهو نوع من العنف القاسي..
وان عمليات التحرش الجنسي تعتبر عنفا قاسيا يوجه الى الكثير من النساء
ان بلداننا العربية بحاجة الى تنظيم حملة، لتوعية الناس بمساوئ العنف ضد النساء ، ورفع مستوى الوعي للتصدي له، ومحاربته والقيام بحملة من اجل هذا الغرض، تستخدم فيها الملصقات واللوحات، التي تلقي الضوء على هذه الظاهرة، وتقدم النصح للنساء، حول كيفية التصرف في حالة العنف الموجه ضدها ، كما يجب افتتاح العديد من المراكز التي تقدم المساعدة والمأوى للنساء المعنفات ، واصدار القوانين ، التي تعاقب من يسيء الى النساء ، أمر ضروري جدا، ولكن هذا ليس كافيا ، فطريقة التربية التي يتلقاها الرجل والمرأة معا في أسرنا العربية،تتميز بعدم الإنصاف، وتنظر الى الرجل باعتباره المربي القوي، الذي يبيح له المجتمع كل شيء، والمرأة لأنها الجنس الأضعف تحتاج الى الحماية ،وعليها بالطاعة ، وانه ما زالت الكثير من النساء يتعرضن للعنف في المنزل من قبل الأشخاص القريبين منهن، دون ان تكون الواحدة منهن قادرة على الشكوى، إما لأنها عاجزة او لأن الوعي بمعرفة حقوقها وضرورة الدفاع عن هذه الحقوق تنقصها ، فليست كل النساء يمتلكن المعرفة بما توصلت إليه النساء من حقوق بفعل القوانين الصادرة ، و ان الكثير من المهام، تنتظر المثقفين للقيام بمسؤوليتهم، لتبصير المجتمع بآفة خطرة هي العنف ضد أفراده، وان كان الكثير من المثقفين يتميزون بازدواج المعايير ، يتحدثون عن حقوق المرأة ، وينتهكون تلك الحقوق بممارسات عديدة تظلم النساء ، نحتاج الى اصدار قوانين منصفة للمرأة ، والى تغيير المناهج المدرسية بأخرى أكثر ملائمة لروح العصر ، كما نحتاج الى اعادة النظر بطريقة التربية التي يتلقاها كل من الذكر والأنثى، في طفولتهما وفي سن الشباب ، كي نكسب مجتمعاتنا الصحة المناسبة...

صبيحة شبر