«تاتشر» والحركة النسوية



كاثي يانج
2019 / 3 / 9

بينما يستحضر العالم حياة وأعمال مارجريت تاتشر التي توفيت عن 87 سنة، يتركز جزء من الاهتمام على وضعها الفريد باعتبارها رئيسة الوزراء الأولى والوحيدة في تاريخ بريطانيا. فعندما انتخبت في عام 1979، كانت تاتشر المرأة الثامنة في تاريخ العالم التي تقود دولة بدون أن تكون ملكة بالوراثة. غير أن تركة تاتشر كشخصية عامة نسائية تمثل مفارقة، لأنها في كثير من الأحيان تُرفض من قبل المدافعين عن حقوق المرأة الذين يُصدمون بسياستها المحافظة -ويُشاد بها من قبل المحافظين الذين يتجاهلون أيضاً حياتها كمدافعة عن حقوق المرأة.

وتاتشر لم تكن تعتبر نفسها مدافعة عن حقوق النساء، وقد نقل عنها قولها: «إنني أكره حركة الدفاع عن حقوق المرأة لأنها سم»! وإن كان هذا الكلام قد أتى من ذكريات مستشار تاتشر السابق، الكاتب والمؤرخ بول جونسون، الذي يُعتبر هو نفسه من المنتقدين لحركة الدفاع عن حقوق النساء. ومهما تكن معتقداتها، فالأكيد أن تاتشر كانت رائدة. فقد كانت ابنة بقال وأصبحت أول شخص في عائلتها يذهب إلى الجامعة -جامعة أوكسفورد العريقة تحديداً- حيث حصلت على شهادة في الكيمياء، وأصبحت نشطة في السياسة، ثم تدربت كمحامية، وتم قبولها في هيئة المحاماة عام 1953.

وقبل بضع سنوات كتبت الكاتبة المدافعة عن حقوق المرأة «زوي ويليامز» في صحيفة «الغارديان» البريطانية أن تاتشر كانت «ضد الأمهات العازبات، والأمهات العاملات، والنساء بشكل عام» وأنها «قامت باستثناء نفسها من ذلك ببساطة». وهذا ليس صحيحاً. فباعتبارها سياسية محافظة صاعدة، كتبت «السيدة الحديدية» حينها رسالة إلى إحدى الصحف تتأسف فيها لكون العديد من النساء يمنعن من تحقيق النجاح المهني بسبب الأفكار المسبقة ضد النساء. وقد نُشرت الرسالة، التي تحمل عنوان «استيقظن أيتها النساء»، عام 1952.

والواقع أن تاتشر نفسها كانت أماً عاملة، حيث فازت بمقعد في البرلمان عندما كان طفلاها في السادسة من العمر. ولاحقاً، هوجمت كرئيسة للوزراء بسبب إدلائها بتصريحات منتقدة حول جيل أطفال «الحضانة»؛ ولكن ذلك لم تكن له علاقة بأدوار النوع التقليدية بقدر علاقته بدور الحضانة الممولة من قبل الدولة. ذلك أن تاتشر كان لديها نفور من «الحكومة الناشطة»، حيث كانت تخشى أن يؤدي ذلك إلى السلطوية.

وخلافاً للعديد من زملائها المحافظين، البريطانيين والأميركيين، وسعت تاتشر معارضتها للحكومة ذات النزعة التدخلية لتشمل المسائل الأخلاقية والاقتصادية. وهكذا، فقد كانت من المحافظين القلائل في البرلمان الذين صوتوا في الستينيات لعدم تجريم الإجهاض القانوني. وفي مقابلة مع صحيفة «ذا كاثوليك هيرالد»، ردت «السيدة الحديدية» على مستجوبها بقوة عندما سألها حول ما ينبغي على الحكومة أن تقوم به بشأن معدلات الطلاق الآخذة في الارتفاع، إذ قالت له: «إن الحكومات ليست الأخ الأكبر!».

وعلى رغم أن المدافعين عن حقوق المرأة قد يسخرون من تاتشر، إلا أن المحافظين لا يعترفون بالطرق التي تحدت بها أفكارهم. فكثيرون جداً على اليمين ما زالوا يتشبثون بالصور النمطية للنساء كمربيات وغير طموحات، أو يحذرون -إما من باب التشفي أو بدافع قلق مفترض- من أن النساء الناجحات مكتوب عليهن الشقاء، لأن المرأة المؤمنة بنظرية المساواة مع الرجل لا تستطيع إيجاد السعادة مع رجل أقل قوة. غير أن زواج تاتشر من زوجها «دنيس» يبدو أنه كان ثمرة حب ورضا.

وخلاصة القول إن تاتشر كانت من المدافعين عن حقوق المرأة؛ وقد آن الأوان ليعترف بذلك منتقدوها والمعجبون بها على حد سواء.