جهاد النكاح أو الدّعارة المقنّعة



حزب الكادحين في تونس
2013 / 4 / 13



يعمد بعض الظلاميين الذين أوكلت لهم مهمّة تسويق المؤامرات التي تنسج خيوطها الإمبرياليّة العالميّة ضدّ الشعب العربي خاصّة في سوريا إلى إصدار بعض "الفتاوي" الغريبة والتي تسيء بقدر كبير للمرأة التي لا ينظر لها كإنسانة لها أحاسيسها ومشاعرها الخاصّة بل تعتبرها مجرد وسيلة للمتعة الجنسيّة ، مسخّرة لتلبيّة رغبات من يطلبها . إنّها فتاوي أقلّ ما يقال عنها أنّها تفتح الباب على مصراعيه للتّشجيع على الزّنا والدّعارة و توفير غطاء "شرعي" للعصابات المنظمّة للمتاجرة العلنيّة بالقاصرات. ومن ضمن هذه الفتاوي ما يجيز سبي السّوريّات واغتصابهنّ في إطار الحرب الرجعيّة الدّائرة هناك، وكذلك فتوى جهاد النّكاح التي تبيح للنّساء والفتيات الصّغيرات (سنّ الرابعة عشر فما فوق) بالتوجّه إلى سوريا، وبالتحديد إلى جبهات القتال لتلبيّة الرّغبات الجنسيّة للمقاتلين المرتزقة. فقد أفتى محمد العريفي "بأنّ زواج المناكحة الذي تقوم به المسلمة المحتشمة (محتشمة وتمارس الزنا والدّعارة) البالغة لأربعة عشر عاما فما فوق أو مطلّقة أو أرملة جائز شرعا مع المجاهدين في سوريّة وهو زواج محدود الأجل بساعات كي يفسح المجال لمجاهدين آخرين بالزّواج كذلك وهو يشدّ عزيمة المجاهدين وكذلك هو من موجبات دخول الجنّة لمن تجاهد به".
وقد تمّ دعم هذه الفتوى بأخرى سمّيت "بفتوى جهاد الاصطحاب" لحلّ المشاكل النّاتجة عن الفتوى الأولى أي فتوى جهاد النّكاح التي كانت السبب في كثرة النّزاعات والخلافات والمشادّات والشّجار بيـن المرتزقة حـول الاستئثار بالنّساء وتقسيم الوقت فيـما بينهم لمناكحة "المجاهدات ".
لقد كانت الضرورة تستدعي إصدار هـذه الفتوى التي أباحت "للمجاهدين" المتزوجين اصطحاب إحدى زوجاتهم (لأنّهم يطبقون نظام تعدّد الزوجات ) معهم للجهاد إذ يتمّ الطّلاق الشرعي (لا المدني) الاستثنائي وتصبح بمقتضى ذلك الزّوجة من مجاهدات المناكحة مع زوجها السّابق وبقيّة المجـاهدين (بمعنى أدقّ أنّ الزّوج يقتسم زوجته مع مجموعة من الرّجال=تعدّد الأزواج) وذلك لمدّة معيّنة يتمّ الإتّفاق عليها مسبقا وتنتهي بإعادة إبرام القران ومغادرة الزّوجين أو الزّوجة وحدها ساحة الجهاد كما جاء في نصّ الفتوى .
كما تبيح هذه الفتوى أيضا إمكانيّة اصطحاب "المجاهد" لأخته التي تتوفّر فيها شروط جهاد المناكحة ليتسنّى لها ممارسة هذا الصنف من الجهاد مع بقيّة "المجاهدين" الذين لا موانع شرعيّة لها معهم (إباحة متاجرة الأخ بأخته جنسيّا) .
وفي نفس هذا السياق ، دعا أيضا محمّد العريفي النّساء الخليجيّات إلى دفع أزواجهنّ للجهاد في سوريا قائلا "على النّساء الخليجيات أن يدفعن أزواجهنّ للجهاد في سوريا وأن لا يخشين فقرا بغيابهم حيث تتكفّل حكوماتهم بدفع المبالغ المطلوبة لسدّ غياب الزّوج، كما سيسمح للجاليات السّوريّة من الذّكور بمناكحة هؤلاء النسوة لحين عودة أزواجهنّ". وهي دعوة صريحة للخيانة الزّوجيّة والزّنا والحال أنّ عقاب هذه الجريمة حسب الشّريعة التي يطالب بتطبيقها هؤلاء الظّلاميين هي الرجم حتّى الموت فهل طبّقوا ذلك على أنفسهم ؟
لقد تمادى هؤلاء الرجعيين في فتاويهم المثيرة للجدل والتي يصبّ جلّها في التشجيع على ممارسة الدّعارة بأشكالها المختلفة وعلى الخيانة الزوجيّة والاتجار بالنساء دون الأخذ بعين الاعتبار ما يمكن أن ينشأ عن مثل هذه العلاقات من أمراض جنسيّة مثل مرض الإيدز وكذلك نشأة العديد من الأطفال خارج إطار الزّواج . إلى جانب ما يمكن أن تتعرّض له خاصّة الفتيات الصغيرات من آثار نفسيّة وجسديّة ضارّة جرّاء استغلالهنّ الجنسي المفرط باعتبار أنّ الفتاة يتمّ التّداول عليها يوميّا من العديد من الأشخاص وهي عرضة للحمل ممّا دفـع بهؤلاء "الدّعاة" إلى إصدار فتوى تجيز الإجهاض رغم أنّ الدّين الإسلامي يحرّم ذلك ، غير أن أصحاب الفتاوى حسب الطلب يحاولون تطويع القرآن واستخدامه في تسويق المشاريع الإمبرياليّة المعادية لمصالح الشعب العربي ولحقوق المرأة بصفة خاصّة . فهدف هذه الفتاوى هو توفير الظروف الملائمة للمرتزقة الذين يقاتلون في سوريّة لضمان بقائهم هناك أطول مدّة ممكنة لإطالة أمد تلك الحرب الرجعيّة وتدمير القطر العربي السّوري وضرب بنيته التحتيّة ونهب ثرواته وتقسيمه إلى طوائف .
لقد اعتبر هؤلاء الدّعاة المأجورين أنّ نقطة الضعف الوحيدة التي بالإمكان أن تعجّل برحيل المرتزق ومغادرته لساحة القتال هي حاجيّاته الجنسيّة، فعملوا على توفيرها له عبر هذه الفتاوي التي وفّرت أيضا وفي المقابل لزوجات المقاتلين في الجبهات وسيلة لإشباع رغباتهنّ الجنسيّة لا عن طريق أزواجهنّ بل عبر الخيانة الزّوجيّة فوضعوا على ذمّتهنّ الجاليّة السوريّة من الذّكور والعاملة بالخليج كما ذكرنا. وبهذه الطريقة حصر هؤلاء الدّعاة علاقة الزّوج بالزوجة في المسائل الجنسيّة فقط بمعنى أنّ مجرّد توفّر الجنس للزّوجة يغنيها عن حاجتها الماسّة لزوجها وكذلك الشأن بالنسبة للزّوج، بينما لم يعيروا أيّ اهتمام لحاجة الأطفال لآبائهم وأمّهاتهم ومدى التأثير السّلبي لهذا الغياب المطوّل عليهم.
إنّ الهدف الحقيقي لهذه الفتاوي هو خدمة المشروع الامبريالي الذى يقضى بعودة الاستعمار المباشر للوطن العربي و حشد كل الاسباب المساعدة على ذلك حتى لو تطلب الامر الإغراءات الجنسية وما يترتب عنها من الحاق الضرر بالعديد من العائلات والرّجوع بالمجتمع العربي إلى تلك العصور الغابرة
ولعلّ ما يجري حاليّا على السّاحة السوريّة يذكّرنا ببعض العلاقات التي كانت سائدة في المشاعيّة البدائيّة فالمرأة في أجزاء من القطر السوري الذي تسيطر عليه جبهة النصرة الظلاميّة أو جند الشام هي زوجة لكلّ المرتزقة الموجودين هناك بمـا فيهم زوجهـا والرجل هو زوج لكل النّساء اللاتي التحقن بهذه الجبهات (مشاعيّة المرأة) والسوّريّات اللاّتي تـمّ سبيهنّ يعتبرن مـلكا من أملاك المرتزقـة (وما ملكت أيمانكم). كما أنّ الهدف من هذا هو محاولة لفرض بعض الأنماط الاجتماعية القائمة على تعدّد الزّوجات وعلى تشويه صورة المرأة وحرمانها من حقوقها وضرب العلاقات الأسريّة وخاصّة الزوجيّة منها عبر القضاء على العلاقات الحميميّة بين الزوج والزوجة واختزالها في المسائل الجنسيّة فقط حتّى تصبح المرأة مستعدّة لممارسة الجنس مع أيّ رجل كان وكذلك الشأن للرجل وبالتّالي تهيئة الظروف الملائمة للمرأة لممارسة الدّعارة تحت العديد من المسميات وأيضا للرّجل لممارسة الزنا بحجّة ممارسة حقوقه "الشرعيّة" والتمتّع بالجنس في غياب زوجته .

صدر بجريدة طريق الثورة عدد أفريل 2013