تجهيل المراة وتجاهلها هو سبب جهل مجتمعاتنا العربية



حيدر حسن كاظم
2013 / 4 / 16

تحتل المراة في دول العالم المتحضّر مكانة مكينة وموقعاً مرموقاً في هيكلة المجتمع وتنظيمه ، وتحتل قاعدة الهرم الاساسية العريضة والمسؤولة عن توزيع الادوار والواجبات الاجتماعية من خلال مسؤولياتها الثقيلة والحساسة والخطيرة ، ليس فقط البدنية منها وانما الذهنية المتمثلة بالحرص والاشراف على تنوير عقول الاجيال الحديثة وتنشيط فطنتهم وتنمية مهاراتهم لأنالة بنية تكوينية مجتمعية متماسكة ونسيج بشري واعي يرتقي لمستوى التطلعات المستقبلية ليستطيع تسلق سلّم الافضلية والنجاح لتحقيق الازدهار الحضاري والتطور الفكري على كافة الاصعدة وجميع الميادين ،

ولكي يتم ضمان مستقبل مشرق ومزدهر لا بد ان يكون من يتصدى لهذه المسؤولية ذو مؤهلات ثقافية عالية وادوات معرفية راقية وبنية معلوماتية واسعة لغرض تذليل اي عقبات ومواجهة اي عراقيل او معوقات تحاول ان تبطئ او تحرف حركة هذا المسار او ايقاف هذا التوجه ، وفعلا وعلى مر الازمنة نجحت الكثير من المجتمعات المتطورة في تحقيق ذلك وحققت قفزات نوعية هائلة ونجاحات باهرة استطاعت ان توأد الجهل والتخلف الذي اصاب مجتمعاتها من خلال رفع مستوى وعي المراة ورفع مستوى الادراك العلمي والثقافي لها ،

ومن جهة اخرى وعلى عكس ذلك ولو نظرنا الى جميع المجتمعات التي قامت بتهميش الدور الريادي للمراة وعملت على عزلها وتحجيم مشاركتها وتغييب تواجدها وتقييد حركتها واحتجاز افكارها ولعدة اسباب تقف وراء ذلك اما ناتجة عن اعراف وتقاليد مورورثة ومفروضة او املاءات دينية مقدسة لوجدنا ان الجهل والتخلف يسيطر وبشكل كامل على تلك الشعوب ويتحكم بمصيرها وبمصير ابنائها في جميع النواحي المتعددة مما جعلها تسجل تراجعا ملحوظا في كل مجالات الحباة وكل ما يتعلق بما هو حديث ومتطور ، والامر سيان على جميع الاختصاصات ومنها بما يتعلق بالتعليم التربوي والتطور العلمي والتكنولوجي ، فكيف لا وان من يعوّل عليه (المراة) وضع لبنة الاساس لذلك المجتمع لا يمتلك ادنى مقومات النجاح او ابسط ادوات العلم والمعرفة ، وهذا ينطبق وبشكل كبير على مجتمعاتنا العربية ،

لقد لعبت العادات والتقاليد والارث الاجتماعي والقبلي دورا هاما في تقزيم وتحجيم المراة في مجتمعاتنا بأستخدام مختلف سبل التمييز وتم محاربتها بكافة اسلحة الحرمان والذل والتهميش حتى وصل الامر الى مستويات تقشعر له الابدان وتنسد فيها الانفس من خلال ارغامها على العزوف قسرا عن التعليم واجبارها على التسرب من المدارس والجامعات وابعادها عن كل وسائل استسقاء العلم وارتواء المعلومات المفيدة وابعادها عن كل الوسائل البديلة والمتاحة للنهوض بذاتها شخصيا كاقتناء الشبكة العنكبوتية (الانترنيت) في حالة رغبتها في تثقيف نفسها واشباع تطلعها ومطالعتها والبحث عما يجول ويدور حولها في دول العالم ومعرفة ما وصلت اليه عجلة التطور البشرية ، مما جعلها تعاني من حصار معرفي ومعلوماتي فضيع ارماها بوسط بركة الجهل والتخلف التي تجعل افراد هذا المجتمع الذكوري يلقون عليها اللائمة على ماوصلت اليه وينتقصون من عقلها الذي بسبب تصرفاتهم الظالمة والبشعة بحقها اوصلوها لما وصلت اليه و تسببوا بما تعانيه من دنو فكري، فحرموها من حق اختيارها لتوجهها المهني وممارسة هوايتها المفضلة وسلبوا منها طموحاتها واغتالوا احلامها بطرق مقززة ، وابسط مثال على ذلك هو موافقة البعض منهن على ترك الوظيفة او الدراسة نزولاً لرغبة الخطيب او الزوج ، فلم يلتفتوا جيدا لعواقب تلك الافعال والافكار ولم يحسبوا اي حساب لمستقبل ابنائهم وكيفية تعليمهم وتهذيبهم وتربيتهم بصورة سليمة اذا كانت المراة المختارة من قبلهم وحسب مقاييسهم الوضيعة لم تملك ماتستطيع ان تحقيقه لهم ، لانهم ينظرون الى ان المراة هي عبارة عن وعاء لانجاب الاطفال لا اكثر وانها وسيلة لاطفاء الشهوات ، فيفضلون مهارة الطبخ والفراش على مستوى علمها وذكائها وفطنتها ، والذي انعكس ذلك وبصورة مباشرة على المجتمع بأسره وجعلنا ندفع تكاليف تلك الافعال المشينة والافكار القبيحة بنتائج باهظة تسببت في حيازتنا على مرتبات متاخرة في تسلسل التقدم البشري ومنها الفعاليات والانشطة الدولية والدورات التدربية وحملات التثقيف والتعليم وحتى في المشاركات الرياضية او في اقتناء وتبني المسؤوليات القيادية والامنية والسياسية على نطاق المنطقة برمتها ،

فيجب الخروج من هذا المأزق المهلك والمتفاقم علينا عند كل اشراقة شمس ويجب علينا مراجعة انفسنا والوقوف ولو لبرهة من الزمن على بعض العادات الخاطئة والقرارات المغلوطة ليتم اجتثاثها لاذابة جبل الجليد الذي يجثوا منذ عصور فوق براعة المراة وافساح المجال لها للخروج من شرنقتها وقوقعتها ولبيان طاقتها الابداعية وروعتها العملية في اداء واجباتها العملية ووظائفها المهنية وفي تسجيل حضورها واثبات وجودها في جميع الاصعدة وكافة الميادين