عُذرية المشاعر والقلوب أهم



نها سليمان
2013 / 4 / 17

جلست ثم دار حوار أسرى حول الشاب الذى سيتزوج وهو من الجيرة القدامى
الذين عزلوا الى منطقة أخرى .
نحن مدعون بلا شك من "باب الاصول والجيرة والعشرة القديمه " على حفل الزفاف هذا
ولن يقام فى فندق نجمة او حتى من غير نجوم لان الفقراء الشارع مسرحهم ومضيفتهم فى مثل
هذه المناسبات حتى الشوارع لم تسلم من جشع بعض الأغنياء اللذين تحرشوا بالمساحات
الممتده ليضموها الى ممتلكاتهم" والبركة فى الرشاوى" "فقراء هم لا يملكون سوى المال"..

فى الغالب الافراح الشعبية تقام لجمع النقوط "الكراسة الصفراء" وتعد هذه العادة فى مصر
تكافل اجتماعى فيما بين الفقراء وبعضهم او فيما بينهم وبين ابناء الطبقة المتوسطة التى
تكاد تنقرض ، وعلى بساطة التكافل الا انه غاية فى الإنسانية ومخرج لائق وأنيق من
أزمة مالية ممكنة فى ظل الفقر والبؤس الذى نحياه سواء فقراء او كريمة الطبقة الفقيرة المسماة
الطبقة المتوسطة ..

لكن ليس هذا تماما موضوعى بل ان الموضوع ان الشاب سيتزوج امرأة مُطلقة تعول ثلاث أطفال
كما قيل لى وهنا الطامة الكبرى التى تكشفها مثل هذه المواقف لنا وتعرينا أمام أنفسنا وتجعل كل موروثنا
من عادات وتقاليد مختزن فى اللاوعى يظهر جلى حينما تكون ردة الفعل "الواد اتجنن دى اول مره يتزوج"
"بخته مال" ، تكشف واكتشفت مدى الجهل القابع داخلى حينما لوهلة تجاوبت مع مثل هذا التقييم وأيقنت
ان الفقراء يربحون فى مثل هذا الموقف ،يربحون الاحترام والتقدير ببساطة هو لم يتزوجها كى تعوله فهى
مثله شقيقة فقر أسود لكن تزوجها لأنه أحبها وكونها مُطلقة من عدمه أماً من عدمه لم ينقص من وجودها وكيانها
وانسانيتها شئ أدركوا هم ما لم يدركه كثير منا اصحاب الأفكار الفخيمه .

قُلت لنفسى لو حدث ذلك فى كثر من بيوت الوجاهة الاجتماعية والمظاهر "الكذابه" لقامت الدنيا ولم تقعد
على الشاب او ربما لانه ذكر لتغاضوا وصبوا جم غضبهم على حبيبته انها تمثل الخطيئة التى ستغوى ابنهم
هذا السخف يحدث لكن ليس عند الفقراء البسطاء فهم متحررين من كل زيف المظاهر تجلى هذا التحرر والنضج
فى مثل هذا الموقف بوضوح لا تقيد ولا ادنى اهتمام بكلام الناس او المعازيم "مابيفرقش مع اللى مش فارقين مع حد "

رغم وجود أُطر او قواعد اجتماعية خاصة بهم كفئة او طبقة فى مخالفتها لا يسلم البعض من القيل والقال
لكن ليست بالشكل المرضى عند بقايا الطبقة المتوسطة فصاعدا على رغم فجوة التعليم والتشئة !
لكن لست بصدد تشريح اجتماعى او نفسى لهم . كل ما أود تسليط الضوء عليه_ فى ايام
كثر فيها غياب الضوء عن المصابيح "الخير على قدوم الواردين" _ التعامل بنظرة دونية مع امرأة مطلقة
حتى دون ان نعرف اى معلومه صحيحه هن سبب طلاقها غالبا ما تكون رغم انها ضحية مدانة من المجتمع
لا يحق لها ان تفكر ان تبدأ حياة جديدة مع انسان لم يسبق له الزواج وفى قائمة لا يحق لها ضع ما تشاء
اما لو كان رجل مطلق فأهلا به يا له من مجتمع أورثنا الازدواجية فى المعايير واصاب سلامة قلوبنا
وانتهك انسانيتنا ، ونحن لسنا براء لاننا نشكل هذا المجتمع اما ان نؤمن بافكاره او نسكت عليها وفى الحالتين
نقع تحت يد الادانة لاننا مثله جُناة بالصمت او بالتأييد . حتى لم يكلف الكثيرون انفسهم تخيل انفسهم فى مثل ظروفها
او مكانها هى مُطلقة هى انثى هى امرأة اذا عليك ان تقدم سوء الظن قبل كل شئ !

ولأنهم اصبحوا خارج دائرة الزيف والتظاهر بما ليسوا عليه فعلوا ما تمليه عليه قلوبهم ولأنهم خبروا الحرمان
فامتلأوا بمشاعر مكثفة من التضامن والتفكافل والانسانية فى غياب دولة تحترم ابسط حقوق الأنسان الفقير
أوجدوا فيما بينهم البدائل هى ملامح اجتماعية معقدة رغم بساطتها الظاهره
ولأن الحياة كانت مدرستهم وجامعتهم ومعمل متطور لتجاربهم أحرزوا تقدم فى نتائج تجاربهم ونظرتهم للعلاقات
جدير بالاعجاب والتأسى به ..ربما أنجاهم فقرهم الذى يدان عليه كثيرون فى هذا العصر الوحشى من تعلم
الجهل ولكن مع الحصول على شهادة ربما تكون شهادة دكتوراه او ليسانس ، بكالوريوس
رغم اننا جميعا نشترك فى قاعدة الخضوع لكثير من الزيف والتخلف والتشوه
لكن رأيت نقطة ضوء كشفت لى ما احمل انا وغيرى فى لا وعينا من "موروث ظالم"
مقابل موقف صحح لى المفاهيم وجعلها اكثر رسوخ وطرد من المسجل الألى داخلى افكار انا حقا لا أؤمن بها
لكنى نسيت طردها فأحدثت عفن آن له ان يمحى ....فقط ان تكون انساناً حينما تنظر وتتحدث عن باقى البشر
ان نعرف أن العذرية هى طُهر القلب والمشاعر وليست فقط البكارة .