النضال السياسي للمرأة بوابة أساسية لتحقيق أهدافها



خديجة رياضي
2005 / 4 / 16

خديجة رياضي عضوة الكتابة الوطنية للنهج الديمقراطي:
النضال السياسي للمرأة بوابة أساسية لتحقيق أهدافها

تعتبر "خديجة الرياضي" أن حقوق المرأة هي جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان بصفة عامة، فإن أية صعوبات يصادفها النضال في مجال حقوق الإنسان إلا وتنعكس على حقوق المرأة مباشرة.

وأضافت بأن المرأة لم تكن أبدا مضطهدة ومستغلة وغير مساوية للرجل إلا مع ظهور المجتمع الطبقي هذا التطور دى إلى إهدار حقوق المرأة.

"فالمرأة ـ تقول الرياضي ـ في التاريخ البشري والإنساني كانت مساوية للرجل واضطهاد المرأة هو مرتبط بظهور الإستغلال الطبقي مع ما يسمى بالهزيمة التاريخية للنساء، أي عندما لم تعد المرأة تساهم في الإنتاج العام والذي أصبح محتكرا للرجل في حين أوكلت إلى المرأة مهمة عمل داخلي وخاص".

وأكدت على أن هذا التقسيم التقليدي للأدوار بين الجنسين هي السبب في الحيف الذي لحق بالمرأة. إذ ن إبعاد المرأة عن الإنتاج الاجتماعي كان سببا لفقدانها السيادة التي كانت تتمتع بها في المشاعات البدائية، وقد جاء هذا التحول كنتيجة حتمية لانفصال الاقتصاد المنزلي المشاعي عن اقتصاد القبيلة وتعويضه بالاقتصاد المنزلي الفردي، إضافة إلى ظهور تنظيمات اقتصادية مستقلة عن الاقتصاد المنزلي المشاعي (الحرف مثلا)، وتطور الاقتصاد الزراعي وبروز التبادل. هكذا فقدت النساء دورهن كمنتجات رئيسيات وأصبحن أسيرات المطبخ، بينما أصبح الذكور يحتكرون الأعمال الإنتاجية الخارجية.

وقد ساهمت قسمة العمل هاته في استعباد المرأة، عندما خصتها بعمل داخل البيت، بعمل محدود وغير منتج ففقد عملها أهميته من منظور اقتصادي، وباتت تعتبر مخلوقا غير ذي قيمة – كما تقول كولونطاي – بالمقارنة مع ممثل القيم الجديدة أي الرجل



وجوابا على سؤال من أين تنطلق عملية تحرير المرأة، قالت الرياضي بأنه أولا يجب تسجيل أن النضال النسائي لم يبدأ مع بداية اضطهاد النساء بل انطلقت الحركة النسائية مع بداية الرأسمالية، لأن هذه الأخيرة ساهمت في إخراج المرأة من البيت و الزج بها في معمعان الاستغلال الطبقي كجزء من الطبقة العاملة الناشئة انطلاقا من رؤيتها لحرية المرأة و التي تستهدف استغلالها كيد عاملة رخيصة و كذلك كجسد . إلا أن خروج المرأة إلى العمل المأجور كان ضروريا لاكتسابها الوعي ليس فقط بواقع الاستغلال الذي يمارس عليها و لكن كذلك بإمكانية تغيير هذا الواقع.

و فيما يخص تحرير المرأة فلا بد من التأكيد في البداية - و حسب ما سبق - على أن تحرير المرأة بمعنى استرجاعها لمكانتها في المجتمع و الذي يقتضي القضاء على الأدوار النمطية للجنسين داخله لا يمكن أن يتحقق إلا بتخليص المرأة من عبودية العمل المنزلي و هذا لن يتم إلا بتغيير علاقات الإنتاج في المجتمع لأن هذا ينبني على جعل العمل المنزلي عملا اجتماعيا يتحمله المجتمع و هذا لا يمكن تحقيقه في إطار المجتمع الرأسمالي بحكم الإستفادة الاقتصادية الكبيرة التي تجنيها الطبقة البورجوازية السائدة من مجانية العمل الذي تقوم به النساء داخل الأسرة.

لكن رغم ذلك يمكن للنساء تحقيق مكاسب في إطار الأوضاع الحالية . و هذه المكاسب ضرورية لتوفير شروط المساهمة الفعلية للمرأة في النضال السياسي من أجل التغييرالحقيقي. و من أجل أن يكون النضال من أجل هذه المكاسب جزءا من النضال العام لا يجب أن يشمل عدة وهجهات من ضمنها النضال من أجل الحق في العمل للنساء و كل ما يتطلبه من حماية و توفير شروط إنسانية لممارسته و حماية الأمومة للعاملات لكي لا تكون عائقا أمام هذا الحق... و من بين المطالب الرئيسية كذلك توفير البنيات التحتية الضرورية للتخفيف من عبء العمل المنزلي عن النساء العاملات. و هذا يتطلب ضغطا كبيرا لجعل مصالح النساء تجد مكانها عند تحديد الميزانيات مركزيا و محليا. و هذا يتطلب بدوره انخراط النساء العاملات في الحركة النسائية لطرح مطالبها لأنها ليست فقط مطالب نقابية بل مطالب نسائية لها علاقة بالدور الذي نريده للمرأة في المجتمع.

و بطبيعة الحال هي مطالب سياسية كذلك لأنها تعكس المشروع المجتمعي الذي نناضل من أجله و هذا يطرح على تنظيمات اليسار - و أخص بالذكر تجمع اليسار الديموقراطي - أن يضع المسألة النسائية ضمن ملفاته السياسية الأساسية فهناك علاقة جدلية بين المكانة التي يحتلها الملف النسائي لدى الإطار السياسي و مستوى مشاركة النساء في هذا الإطار و هذه المشاركة مهمة لأن النضال السياسي للمرأة بوابة أساسية لتحقيق أهدافها.

وقالت :"يجب على المرأة أن تخرج من دائرة الأمية والجهل و ألا تعتمد فقط على المطالب القانونية التي تطرحها الجمعيات، وإنما عليها أن تخوض النضال السياسي من أجل استرجاع مكانتها في المجتمع.



وتعقيبا على قانون الأسرة والإضافة التي حملها للمرأة المغربية، أشار المصدر ذاته إلى أنه بالرغم من الزوبعة التي رافقت هذا صدور هذا القانون وحالة الهستيريا التي عمت المجتمع المغربي إلا أن الجميع أدرك بعد مرور سنة على دخوله حيز التطبيق أن هذا القانون لم يغير شيئا من واقع المرأة المغربية، و أصيب الجميع بخيبة أمل ، "وهذه الخيبة لا أعتقد أنها تعود فقط إلى سيادة عقليات متخلفة علما أنها عائق أمام تطور وضع المرأة وإلى غياب قضاء نزيه و كفء، ولكنها تعود كذلك إلى النص في حد ذاته الذي جاء مليئا بالتناقضات والثغرات وخرج في تلك المرحلة من أجل الاستهلاك الخارجي" تقول الرياضي.



فيما يخص معيقات النضال النسائي تقول الرياضي ": يعتبر النضال ضد اضطهاد النساء نضالا متعدد الجبهات لأنه يمس الوضع الإقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و التشريعي فهو كما قيل سابقا نضال من أجل مجتمع جديد و لو في ظل نفس النظام الاقتصادي، لذا فهو صراع ضد القوى الرجعية بمختلف مكوناتها التي تعمل من أجل استمرار الأوضاع السائدة و توظف من أجل ذلك كل الامكانيات بما فيها الخطاب الديني و نعرف أنه عبر التاريخ استعمل الخطاب الديني ضد حقوق النساء و في مختلف الديانات بينما الصراع هو سياسي و هذا من ضمن العوامل التي تجعلنا نطرح مطلب فصل الدين عن السياسة و للتوضيح فتوظيف الخطاب الديني ليس حكرا على الحركة الأصولية وحدها بل هو أسلوب النظام كذلك و هذا ما كبل المطالب القانونية للمرأة و ما زال يكبلها. و من بين الصعوبات كذلك استشراء الأمية وسط النساء و تهميش البادية التي تعيش فيها النساء التمييز و الحيف بشتى أشكاله مما يجعل تمرير الخطابات السطحية و العاطفية بين النساء يجد سهولة كبيرة خاصة في وقت الأزمات التي تنقلب فيها القيم إلى ضدها. و لا يمكن تجاهل ضعف اهتمام القوى التقدمية بنفسها بالمسألة النسائية مما يجعل المناضلات بالأساس هن اللواتي يتحملن الجزء الكبير مما تتطلبه هذه القضية من تحديات و تضحيات. و في هذا الإطار لا بد من التذكير كذلك بتراجع الاهتمام بالمسألة الثقافية من طرف اليسار و هي مسألة ذات علاقة وطيدة بالمسألة النسائية فللمثقف التقدمي دور كبير في إشاعة الفكر التنويري و العقلاني.



وتختم قائلة:" إن يوم 8 مارس هو تاريخ نضال النساء العاملات واليوم ونحن نخلد هذه الذكرى تكون قد مرت أزيد من قرن ونصف على هذه المحطة ورغم ذلك لازالت النساء العاملات في مناطق من العالم و في المغرب بشكل خاص يخضن معركة ضد القهر والظلم والحيف خاصة بعد صدور مدونة الشغل التي تجهز على العديد من مكاسب الطبقة العاملة.

فهذا اليوم له مضمون كفاحي يجب أن نحافظ عليه، وأن نجعل منه محطة نقيم من خلالها عملنا ونعكف على وضع خطط جديدة من أجل إقرار الديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان".

حاورتهاسميرة عثماني الصقلي

جريدة المستقل

11-17 مارس 2005 عدد 825