إبنة إبليس



سلطان المقبالي
2018 / 10 / 8

يغرق في بئر نومه العميق.. تشتعل حرارة جسده.. تتدافع دقات قلبه.. أنفاسه تعصف.. أنهار عرقه تسيل.. يتقلب تارة يسارا وتارة يمينا، هذا ما يحدث في كل ليلة تزور شخصا ما إحدى بنات إبليس، وفقا لرواية أحد الأصدقاء، نقلا عن جدته.


إنها العقلية الذكورية التي تتعمد أن لا ترى في المرأة سوى محتويات جسدها الفاتن بالنسبة لها، وتتعامى عن عقلها لا سيما حينما تثبت جدارتها في إحدى مجالات الحياة كصانعة قرار أو مدافعة عن أرضها صدا عن الفرار. على سبيل المثال، هو يحصر ويختصر دورها في قفص الزوجية، بل في أحيان كثيرة في عش الزوجية، حيث مقر نزواته العابرة وشهواته الغابرة.

هنالك شتان بين الذكورة والرجولة، فليس كل من امتلك عضوا ذكريا أصبح رجلا. إن الرجولة تعني، حسب ما أفهمها ببساطة شديدة، هي الوقوف مع المرأة جنبا إلى جنب في القيام بأدوار الحياة المختلفة بشكل متبادل ومتساو، ومد يد العون لها متما كانت في حاجة ماسة لذلك، وتأمين الحماية القصوى لها متما تعرضت لما يهدد حياتها وينتهك حقوقها.

ما يزال، للأسف الشديد، كل من اُبتلوا بتلك العقلية العنصرية يشهرون سيوفهم على نسائهم كلما وقعن في مستنقع الرذيلة بقصد أو بلا، في حين يهرولون هم مسرعين أينما اكتشفوا ما يقودهم إلى طريق النشوة، غير مبالين بكبح غرائزهم وضبط أنفسهم، حيث لا رقيب ولا حسيب لهم سوى ضمائرهم إن كان لها صوت.

لقد انتهج كل وائد ومجهض لحقوق المرأة سياسة تقليب كتب الموتى وانتقاء ما يبرر لعناته ولكماته منها، وإن أخفق في العثور على شيء من ذلك، يبدأ بلعبته المفضلة، لعبة لي عنق النصوص وإخضاعها بناء على مآربه، ما خفى منها وما انجلى. هذا هو حال من تستفحل ذكوريته وتصبح عالة عليه وعلى ضحيته من بنات جنسه؛ فخنقها بخيوط من سواد.. باعتبارها مصدر فتنة، تستوجب العقاب، وبتر أكثر أجزائها حميمية.. بهدف قتل أي إحساس بالمتعة لديها، كأنها جماد، ما هي إلا إحدى أشكال ذلك الاحتلال الذكوري الغاشم على جسدها وعقلها على حد سواء.

في استطلاع للرأي قمت بإجرائه على مجموعة تتكون من: 50 (أنثى) و50 (ذكرا) من عمر 18 إلى ما فوق، ومن مختلف المؤهلات الدراسية التي تتوزع ما بين: المدرسية- المهنية- التقنية- العالية- العليا، بهدف قياس أعلى نسبة تأييد ومعارضة لكلا الجنسين لمجموعة من أبرز قضايا المرأة العربية الراهنة والمثيرة للجدل. الاستطلاع كان بعنوان: "حقوق المرأة ما بين عين المرأة وعين الرجل"، وقد جاء على نمط ضد/مع، متضمنا 8 أسئلة تلخصت نتائجه كالآتي:

* الاعتقاد بأن قوى المرأة العقلية أقل كفاءة من الرجل: 46% ضد- 54% مع من الذكور، 72% ضد- 28% مع من الإناث.
* حصر دور المرأة فقط في المنزل: 80% ضد- 20% مع من الذكور، 84% ضد- 16% مع من الإناث.
* اعتبار ما يمس جسد المرأة يمس شرف أسرتها: 8% ضد- 92% مع من الذكور، 14% ضد- 86% مع من الإناث.
* منع المرأة من دخول المجال العسكري: 42% ضد- 58% مع من الذكور، 54% ضد- 46% مع من الإناث.
* تنصيب المرأة في مواقع قيادية رفيعة: رئيسة، وزيرة، سفيرة.. إلخ: 44% ضد- 56% مع من الذكور، 34% ضد- 66% مع من الإناث.
* إسقاط ولاية الرجل على المرأة: 80% ضد- 20% مع من الذكور، 78% ضد- 22% مع من الإناث.
* فرض ارتداء الحجاب على المرأة: 30% ضد- 70% مع من الذكور، 24% ضد- 76% مع من الإناث.
* ممارسة عملية الختان على المرأة: 52% ضد- 48% مع من الذكور، 46% ضد- 54% مع من الإناث.

الأرقام تتكلم كما يقولون، ولكل منا وجهة نظره حسب الزاوية التي ينظر من خلالها إلى أية قضية تخص المرأة، ناهيك عن كم الاعتبارات الثقافية التي تحكم أي مجتمع، وتأثير رابطة الجماعة على كل فرد فيه. إن مفتاح حل قضية حقوق المرأة إجمالا يكمن بيد المرأة نفسها، ويتمثل بإيمانها المطلق هي أولا بإنسانيتها، بغض النظر عن تمايزها الخَلقي عن الرجل، فلطبيعة أحكامها في ذلك. وأكتفي بضرب خاصية الحمل، على سبيل المثال لا الحصر، التي تتميز بها، وما يسبقها من تلقيح وتخصيب داخل الرحم، وما يتبعها من إنجاب ورضاعة وتربية، ما هي إلا أدلة على تفوق وتطور بنيتها البيولوجية والسيكولوجية والفسيولوجية في آن معا.


ندائي الأخير لكل بنات حواء بأن يوقفن حالا إرضاع حليب الذكورية لأبنائهن وخصوصا لبناتهن، فكفانا ولادة كائنات أنثوية بعقول ذكورية، ما هي إلا ضحية في آخر المطاف لهذه العقلية العنصرية.