نانسي عجرم و حقوق المرأة الكويتية



سوسن بشير
2005 / 5 / 5

يقول الأديب الياباني الأشهر "ياسوناري كاواباتا"(1899-1972) في خطاب قبوله جائزة نوبل للأدب (1968)، إن هناك ثلاث مجموعات من البشر قادرة على خلق الجمال الخالص، وهي على الترتيب: الأطفال، النسوة الشابات، و الرجال المسنون.
و إذا كان هذا رأي العلاّمة كاواباتا، فلا يمكننا أن نجحف حق النسوة الشابات خالقات( وليس خارقات) الجمال من حولنا. وقد طالعتنا جريدة الحياة في عددها الصادر 2-5-2005 بعنوان يتصدر حواراً أجري مع المغنية اللبنانية نانسي عجرم:" اختارتها نيوزويك ضمن أهم الشخصيات المؤثرة في المجتمع العربي". ويأتي توضيح الأمور في مقال آخر بنفس الجريدة في عدد 3-5-2005، حيث نقرأ:" رعى رئيس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الأحمد مساء الأحد الحفلة التي أقامتها صحيفة «الوطن» الكويتية ومجلة «نيوزويك» بنسختها العربية، في مناسبة مرور خمس سنوات على صدور المجلة عن «دار الوطن» في الكويت، وكرّم في هذه المناسبة 43 شخصية عربية لتميزها في مجالات إبداعية شتى."
و قد تناولت الخبر وسائل إعلامية أخرى، لكن الصورة التي تتسلم فيها المغنية اللبنانية جائزتها من رئيس الوزراء الكويتي لا تصاحب هذا المقال، لكنها تصاحب مقالاً آخراً في ذات العدد كتبه حمد الجاسر، حول إحباط مشاركة المرأة الكويتية في الانتخابات البلدية، الذي يأتي بعد تعديل اقترحته الحكومة الكويتية يسمح للمرأة بالمشاركة في هذه الانتخابات، حيث نال هذا التعديل موافقة في المداولة الأولى بمجلس الأمة الكويتي، لكن المقال يؤكد أن تحالف النواب القبليين و الإسلاميين نجح في عرقلة هذا التعديل في المداولة الثانية، مما يجعل وضع ملف الحقوق السياسية للمرأة الكويتية حائراً بين السقوط والتعليق في نظر البرلمان الكويتي. ومن المعروف أن قانون الانتخاب الكويتي يحرم المرأة من دخول البرلمان أو حتى التصويت في انتخاباته. و لا أعرف تحديداً، هل كانت مصاحبة الصورة المذكورة لهذا المقال مقصودة، أم جاءت عبر خطأ من القائمين على موقع الجريدة على الإنترنت.
و أرجو ألاّ يُفهم أنني ضد أن تُكرم المغنية اللبنانية التي تُسعد صغاراً وكباراً في رأي كثيرين، و ربما لو كان "كاواباتا" حياً لصدّق على هذا الكلام، و عدّل من قراره بالانتحار مستنشقاً الغاز. خاصة أننا لا يُمكن أن نغفل التغطية الخاصة للحفلات الأخيرة للمغنية اللبنانية بالمغرب، التي جاءت تحت عنوان" نانسي عجرم تحول مراكش إلى كرنفال بشري، إغماءات و سرقات و تحرشات جنسية تتخلل السهرة الفنية، نانسي عجرم تجهل المغرب و تنبهر بحب جماهيره"، ويستمر كاتب السطور السابقة في الحديث عن " الإعصار البشري المتدفق" و عشقه لنانسي عبر سطور مقاله. لكن الجدير حقيقة بالذكر هنا أن الجريدة التي جاءت بها هذه التغطية في عدد 26-4-2005 عبر محمد المبارك البومسهولي، و فاقت أي تغطية أخرى، ما هي إلا جريدة الاتحاد الاشتراكي المغربية!!!
لكن ألا يمثل تكريم نانسي عجرم و اختيارها" ضمن أهم الشخصيات المؤثرة في المجتمع العربي"، في بلد عربي تُحرم فيه المرأة من حق الانتخاب و التصويت معاً، تناقضاً مريراً، خاصاً أن المعنية بالتكريم كانت ولا تزال محط خلاف بين اتجاهات مختلفة حول ما تقدمه؛ هل هو فن خالص، أم فن يعتمد على الجسد الأنثوي و عنفوانه و مواهبه!!!
شاء القدر أن يكون لي صديقتا طفولة من الكويت، كبرنا معاً على أرض مصر؛ القاهرة تحديداً، حيث شغل أبوهما منصب المستشار الثقافي و الإعلامي لسفارة دولة الكويت بمصر في السبعينات. إحداهما تشغل الآن منصب مدققة أولى في البنك المركزي الكويتي، والثانية أخصائية نفسية أولى بوزارة التربية والتعليم. و لقد قمت بزيارتهما في الكويت منذ سنوات قليلة، و قد انتبهت للوعي الثقافي و السياسي العالي الذي تتمتع به النساء الكويتيات اللاتي قابلتهن، عبر الدائرة التي ضمت الصديقتين و محيطهما الواسع، من زميلات عمل و صديقات وقريبات، و كان يؤلمهن جميعاً ويضربهن في مقتل عدم اعتبارهن كاملات الأهلية عبر حرمانهن من التصويت والترشيح للبرلمان. تُرى ما هي مشاعرهن الآن بعد تزامن هذا التكريم الكبير لنانسي عجرم في بلادهن، والإخفاق في حصولهن و لو على جزء يسير من حقوقهن؟ ربما تتكفل الأيام القادمة بالإجابة على هذا السؤال المصيري.