فقر المرأة... هدم المجتمع



علاء جوزيف أوسي
2013 / 7 / 16

تجاوزت نسبة الفقر بين السوريين أكثر من نصف عدد السكان في البلاد، حسب تقرير أعده المركز السوري لبحوث السياسات. وقال فيه إن 6.7ملايين سوري دخلوا دائرة الفقر عام ،2012 منهم 3.6ملايين دخلوا دائرة الفقر المدقع، والذي ترافق مع ارتفاع معدلات البطالة إلى حدود غير مسبوقة، وتراجع القدرة الشرائية للعملة السورية. وهو ما فاقم من معاناة الشارع السوري الذي كان يعاني أساساً في ظل السياسات النيوليبرالية السابقة، والتي كان لها الدور الأبرز في تأجيج الاحتجاجات الشعبية نتيجة لتردي الأوضاع المعيشية.

لقد أدى تفاقم معدلات الفقر إلى بروز العديد من الظواهر والمشكلات الاجتماعية التي انعكست على فئات المجتمع بدرجات متفاوتة. ولكن النساء هن من أكثر الفئات الاجتماعية تضرراً من مشكلة الفقر، وذلك لأن المرأة محور الحياة الأسرية، كما أن الأسرة محور الحياة الاجتماعية. وبالتالي فأي قضية تمسها أو تؤثر على عطائها وأدوارها الاجتماعية ستؤثر بالتالي على حياتها الزوجية والأسرية وتنشئة أبنائها، وسيتكلف المجتمع كثيراً في الإنفاق على تبعات تلك الآثار في وقت هو أحوج ما يكون أن ينفقها على تأمين رغيف الخبز للسواد الأعظم من السوريين والسعي إلى وضع مقومات تنمية البلاد وتطويرها وتقدمها.

ترافقت زيادة رقعة الفقر مع انتشار العنف ضد المرأة والأطفال، وكان له شديد الأثر على صحة المرأة. فقد أوضحت الدراسات أنّ المرأة الفقيرة غالباً ما تلجأ إلى التطبيب الشعبي، بسبب ارتفاع تكلفة العلاج الخاص. فكيف الحال إذا كانت نسبة كبيرة من السوريات يفترشن قارعة الطريق مع أطفالهن هرباً من العنف، بجيوب خاوية، لا يوجد فيها ما يسد الرمق. وبدأت تظهر مؤشرات متعددة على ضعف أطفال الأسر الفقيرة، وخاصة بين صفوف النازحين واللاجئين. وذلك من حيث معدلات وفيات الرضع والأطفال وسوء التغذية وتزايد عدد الأطفال المعوقين إضافة إلى أنّ الفقر وانعكاساته على سوء التغذية والوقاية والعلاج يلعب دوراً بارزاً في وفيات الإناث، وخاصة أن نسبة كبيرة من السوريين-ات كانوا يعانون نقص البروتين الحيواني والفيتامين في غذائهم، فكيف الحال بعد عامين ونيف من الأزمة التي تشهدها البلاد؟ إلى جانب تأثير آخر لفقر المرأة يتمثل في زيادة اليد العاملة من الأطفال، وهي ظاهرة انتشرت بكثرة مؤخراً في سورية، فللفقر آثار سلبية متعددة على المرأة وعلى أطفالها، وبالتالي على تقدم مجتمعها وتنمية وبلادها.

إن ازدياد نسب الفقر كان له أثر على أمية المرأة؛ التي كانت تعاني في الأساس انتشار الجهل، لأن نسبة كبيرة منهن لا يتاح لها التعليم أصلاً أو مواصلة التعليم على الأقل. وهي اليوم بحاجة إلى الدعم والعمل على النهوض بها وتمكينها اقتصادياً واجتماعياً، فهي تشكل نصف المجتمع، وبها يبنى النصف الآخر، لكي لا يضطرها الفقر إلى بيع جسدها من أجل لقمة العيش، أو التسول في الطرقات بانتظار بضع ليرات يقدمها لها المارة.