غادة و سلال الحب



خديجة درار
2013 / 8 / 31

في فصل من الفصول الحزينة على الرصيف المبلل بمعطف رمادي اللون يحكي بؤسها لمحتها للوهلة الأولى و تأملتها جيدا غبت لمدة عنها أبحث بين مفردات ذاكرتي عن اسمها فتذكرت انها غادة تلك المرأة الناعمة صديقتي و صديقة النساء كنت أقف بعيدا عنها و لم أستطع الاقتراب منها لأنها كانت في سوق رجالي فقلت بغضب شديد تبا لن تتغير أبدا هذه المختلة. فضلت أن أجلس على كرسي بمحاذاة بوابة ذلك السوق لأنتظرها و لأنه كان مكتظا عن أخره لم تستطع هي الأخرى التوغل فيه فاختارت التسوق على الأرصفة الجانبية منه و أنا لازلت لابثة في مكاني أراقبها بحذر شديد رأيتها تحوم حول بعض السلال المصفوفة بشكل مرموق و المزينة بالبنفسج لم أر تحديدا ما كان في تلك السلال لكني فوجئت بوجهها العابس عندما تحمل كل سلة و ترميها لصاحبها و تساءلت ما الذي قد يدفع بغادة الى التصرف بهذه الطريقة . تقريبا لمدة قصيرة جدا من الزمن حملت السلال جميعها و رمتها بوجه يزيد عبوسا و كما توقعت طردت غادة من السوق بغضب شديد منهم و بطبيعة الحال رأتني المسكينة و أدركت أنني كنت في انتظارها اقتربت مني و عانقتني و عيناها تدمعان لشدة حزنها فما كان علي الا مواساتها بعدما كنت عازمة على تأنيبها .
هدأت غادة ودون سؤال مني قالت أتعلمين ماذا رأيت في ذلك السوق انها سلال الحب وضعت هدية لكل امرأة تدخله لكني فوجئت كيف تباع قصص الحب هناك لم أقبل أيا منها لأني لم أر فيها حبا حقيقيا استغربت و قلت لها و ما الحب الذي تبحثين عنه ؟فردت بدورها أنا غادة أنا الأنثى شغاف قلبي لا يتحمل حشو المشاعر و ضيم شهواتهم فهناك على طرف الرصيف لم يهدني الرجل حبا انما أهداني نظرات ملئها اعجاب بقوامي و اشباع لغرائزه الوحشية اني على يقين أنه لم يرني لم ير غادة رأى فقط ما الجميل في مادياتي و هل يمكنني أن أسعد نفسه الهاوية فالحب بالنسبة لي عنوان حياة و ليس جمع من الأهواء و هو شعور أبدي اذا كتب بقلم الروح لن يزول بل سيستمر و استمراريته في حياتي هي الشيء الوحيد الذي أحتاجه كي أحيا أنثى و من جديد لا أريده أن يكون هوى أو صبوة بل أريده أن يكون وجدا اذا فكر بي و غراما اذا لزم بي و خلة اذا كنت الوحيدة في قلبه و ودا اذا رأف بي و رحمني و استكانة اذا خضع الي بعواطفه و عشقا اذا فرط في حبه لي و شوقا اذا ارتحل قلبه الي و الأجمل من كل هذا و ذاك هياما اذا جن بعشقي و كأنني أعيش حبا أفلاطونيا ينقلني مرارا و تكرارا بين صفحات العفة و الشغف تمهيدا لأجمل قفص ذهبي يحبني دون أن يراني أو يتمعن في جزئيات بنيتي يحبني فقط لتصافح أرواحنا يوما في حدائق الياسمين فأنا المرأة الناعمة اذا خدشني ذلك الرجل ستتعكر نعومتي و تبقى الخدوش الى أجل غير مسمى حتى و ان دارئتها سيراها يوما يرى كم ضحيت بعواطفي و تحملت روحي الضعيفة قسوة حبه المذموم و نظرات عينه الواسعة التي جمعت جميع النساء في قالب واحد بمقياس واحد و شكل واحد سيدرك حينها فقط أن ما أبحث عنه قد بحثت أمه عنه و لم تجده فتقبلت الحياة فقط من أجله و هكذا تدور عجلة الحب رجل يمسكها يمينا و يسارا و امرأة تعدو داخلها لتصنع التوازن..................
هذا ما سردته لي غادتي أنا و غادة بعض النساء و هذا ما يردنه فعلا لا يردن مالا يشتري حياة بحب مذموم انما يردن حبا عفيفا يشتري حياة و لو كانت بثمن زهيد فثمن الحب وحده لا يراه الا رجال أمثال قيس و نساء كبنات ليلى و للأسف قد لا يجوز لي التعميم لكني أظن أنه لم يعد لهؤلاء العشاق مكان بيننا فقد أصبحنا نعاني جفافا عاطفيا سببه طمع من تلك الأنثى و شراهة جنسية لا تنتهي من ذلك الذكر.