الحجّ تذكير بِظُلم المَرأة و الحَيوَان



فرياد إبراهيم
2013 / 9 / 19

أقال الله حِين عبدتُموهُ :كُلوا أكل البَهائِم وارقُصُوا لِي؟

بقلم : فرياد سوراني

عاد العم رحمان من مَكّة مجروح القلب والرأس واللسان . " ماذا حدث يا عمي رحمان؟"
" لقد رموا الحجارة على الشيطان من ورائي فوقعت كلها علي رأسي ورقبتي ، هل أنا شيطان؟
شخصيا أرى الزكاة أم العبادات ، أما الحج فأراها من مخلفات الجاهلية.
ألم يكن خيرا لك يا (عم رحمان ) ان تسد ب ( 1%) من المبلغ الذي أنفقته جوع وتوقف قرقرة بطن مسكين وأن تكسو ب( 1%) أخرى عورة يتيم لحول كامل من الزمن؟
ومن ثم لماذا كل هذه (الزحمة ) زحمة السفر والعناء والمشقة والنصب. أليست الشياطين منتشرة في كل مكان متمثلين في زي وهيئة وملامح بشر؟ أو ترى أن شياطين مكة والمدينة لأمكرها مكرا وأخبثها خبثا وأشرها شرا لقربها من شيوخ الفسوق والكفروالعهر والشّرور؟
يصف أبو علاء المعريّ أعظم شاعر عربي، يصف الحجّ بأنه:
(رحلة الوثنيين Heathens` Journey .)
وقد سخر من الحجّاج بقوله : " يا عبدة الأوثان أنهاكم محمد عن عبادة الصنم ، ثم أمركم بعبادة الحجر؟"
وهو الذي هاجم الشيوخ والمتصوفين المبطنين الشرهين بقوله أبشع هجاء:

أرَى جِيلَ التّصوفِ شرّ جيل فقُل لَهُــمُ وأهْون بالحُلول
أقال الله حِين عبدتُموهُ كُلوا أكل البَهائِم وارقُصُوا لِي

ومن ثم يا عم رحمان أتدري الى اين ذهبت فلوسك الذي قطعتها عمن هم خير وأولى بها . لقد دخلت وأنت لا تدري- ومتى تدري؟- في جيوب شيوخ وأمراء السعودية.
أوَتعلم يا عمي حجّي رحمان ماذا يفعلون الآن ب(فلوسك)؟
أنهم ينفقونها في إثارة الفتن وشراء الذمم ودفع الرشاوي واللهو واللعب في الملاهي وبناء قواعد جديدة ل ( القاعدة ) في البلدان والأمصار وبخاصة المتحررة حديثا من طغاتها.
لقد خسرت خسارة شنيعة يا عمي حجّي رحمان وأقرانك المساكين ولا تدرون، فأنكم في جهل مركب تعمهون . وتنظرون ولا ترون . وتضحكون ولا تبكون ، وأنتم سامدون.
وبالمناسبة سألتُ (المُلا ) الذي قام بغسل دماغ العم رحمان عن المدّ والجزرفقال: جاء في الصحيحين مسلم والبخاري : قال رسول الله (ص):
(هو مالك عالِ قائم بين البّحرين إن وضَع رِجلهُ في البَحر حَصَل المدّ وإذا رفَعَها حَصَل له الجّزر.)
ومن ثم ان شعيرة السعي بيت الصفا والمروة تروي قصة اكبر غدر وظلم لحق بالمرأة ( الضّرة) :
( لم تلد سارة فتزوج ابراهيم هاجر الخادمة عليها. فولدت اسماعيل فملأت الغيرة والحسد قلب سارة . فتمنت من زوجها ان يبعد عنها هاجر. وفعل ابراهيم ومضى بها وابنها اسماعيل بعيدا الى واد مقفر غير ذي زرع وتركهما هناك وحيدين وعاد الى إحضان حبيبته في فلسطين. انطلقت هاجر تفتش في ارجاء الوادي لعلها تجد ماء لرضيعها. واخذت تركض بين الجبلين الصفا والمروة لعلها تجد ماء مجتهدة لاهثة. وظلت تركض ألى أن فقدت وعيها . اخيرا انفجر بئر تحت قدمي الطفل. )-كما تروي القصة.
بعد مرور آلاف السنين لا يزال الملايين يسعون ويلهثون بين الجبلين(أو الجُبَيلن -تصغيرالجبل) . وكأن السعي تمجيد وتكريم لهذا الظلم السماوي بامرأة ضعيفة ورضيع . يركضون كعدائي المائة متر كالأشباح . لو رأيتهم لوليت منهم فرارا ولمُلئتَ منهم رُعبَا.
والحقيقة ان المغزى والمعنى والمقصد في الحج هو غسل الذنوب. كما هي مثبتة في الشرع والسنة.
وهذا يعني عقليا ومنطقيا (فرضيا) أن المتمكن يستطيع ان يزهق اكبر عدد ممكن من الأرواح مادام هذا يملك قوة شرائية لغسل ذنوبه كلما أجرم وأذنب.
اعرف شخصيا رجلا قتل ابنته غسلا للعار ثم تاب وحجّ. ثم قتل الشاب الذي زنا ثم تاب وحجّ .
فبدراسة سطحية في سايكولوجية الحاج يتبين ان الحاج اكثر استعدادا لإتيان المنكر والمحرمات من غيره . حتى صار اسم (حاجي ) يوحي بالخداع ويقترن بالظنون والشكوك في معاملات البيع والشراء في الاسواق.
ثم أنت ماذا سرقت يا مام رحمان ؟ كل ما هناك دجاجة من دجاجات فاضل ميراني او معزة جرباء من معزى المالكي او ناقة من أنؤق النجيفي او شيش كباب من نوري روز شاويس، أو (عليشيش) من مام جلال أو نعجة بضّة من نعاج كاك مسعود..!
اترك الحج واهله لأعضاء الحكومة العراقية والأقليم ففيه لهم فائدتان: متعة وسرقة وغسل وتشحيم . والأهم من كل ذلك : الغسل ثم التهيأ من جديد لإتيان المحرمات والموبقات والسرقات وذلك استعدادا لغسل جديد ، تماما كدورة المياه في الطبيعة:

رأيتُ قُطوفَ عَفوِكَ دَانِياتِ فنَحنُ عَلى المَدَى نَجْنِي وَنَجْنِي*


فرياد إبراهيم

**********************************
* الأولى (نجني- جناية أو جريمة)
الثانية (نجني – جنيا) أي (قطف) الثمار ومجازا ثمرة الجهد المبذول. فتأمل