مصيبة المرأة



جهاد علاونه
2013 / 9 / 20

لم تكن نظرة الإسلام للمرأة على أساس أنها ناقصة عن الرجل في الحقوق إلا بسبب نظرة أخرى تسبق هذا التشريع وهو أن الإنسان القديم كان يلاحظ ملاحظة هامة جدا وهي أن المرأة قوتها العضلية أقل من قوة الرجل, وبالتالي صارت هنالك أعراف سائدة بأن المرأة أقل من الرجل عضليا مما دع إلى تطور هذه الملاحظة وانعكست هذه التجربة على المرأة في كافة مناح الحياة:السياسية والاجتماعية والاقتصادية ,فأصبحت شهادة المرأة في المحاكم الإسلامية تعادل نصف شهادة الرجل,استنادا إلى أن المرأة بنصف الرجل وكل امرأتين تقدران برجلٍ واحد, وهذا هو منبع التمييز الذي حصل بين الرجل والمرأة.

وفي المجتمعات القديمة قبل عصر النهضة والتطور كانت كل المجتمعات الشرقية والغربية تعتمد في عملها ونشاطها على قوة الرجل العضلية,ولاحظ الإنسان القديم قبل عصر التطور بأن قدرة الرجل في أغلب الأحيان تفوق ضعف قوة المرأة مقاسة (بالدينامومتر),وذلك في العمل وخصوصا في الحرب والقتال عند المجتمعات الرعوية,وفي الحرث والحصاد في المجتمعات الزراعية, فلاحظت تلك المجتمعات بأن قدرة المرأة على العمل العضلي أقل من قدرة الرجل,وأساس تميز الرجل في الإسلام عن المرأة راجعة في حد ذاتها إلى أمرين طبيعيين وهما: تميز الرجل عضليا عن المرأة أي تفوقه بيولوجيا عن أخته وأمه وزوجته وابنته وعمته وخالته وجارته,وخصوصا في الحروب والقتال, ولما كانت المجتمعات القديمة تعتمد على النشاط العقلي كانت المرأة في هذه المجتمعات تأخذ نصف حقوق الرجل في كل شيء,لأن قدرتها على جلب المنفعة أقل من الرجل وفي أغلب الأحيان لا يمكن مقارنة المرأة بالرجل عضليا نهائيا لا بنصف الرجل ولا حتى بربع الرجل,والأمر الثاني الذي جعل المرأة نصف الرجل في الميراث راجعة بشكل أساسي إلى إشكالية(تهريب رأس المال) ذلك أن المجتمعات القديمة بحد ذاتها كانت عبارة عن تجمعات قبلية عشائرية (العائلة الممتدة),فإذا تزوجت المرأة من رجل آخر من خارج القبيلة فإنها في حالة حصولها على الميراث سوف تقوم عن غير قصدٍ منها بتهريب رأس مال العائلة لذلك اجتمعت على المرأة مصيبتان,مصيبة الضعف والوهن في قدراتها العضلية وتهريب رأس المال في حالة تحويل التركة من بيت إخوتها إلى بيت زوجها,وفي حالة تزوج المرأة من قبيلة أخرى كانت تتم عملية حرمانها الكامل من الميراث,وهذه المصيبة ما زالت إلى اليوم متبعة في المجتمعات العربية وأنا شاهد على أغلبها.

ترجع أهمية تمييز الرجل عن المرأة إلى التفوق البيولوجي,وكافة الذين لديهم قناعات راسخة بأن الرجل متميز عن المرأة بيولوجيا ومتفوقٌ عليها عضليا,نجد بأن معظم هؤلاء يميزون الرجل عن المرأة ويعطون الرجل حقوقا أكثر من المرأة في كل المجالات,فالذي يعتقد بأن الرجل متفوق عن المرأة بيولوجيا نجده يعطي المرأة في قانون الميراث أقل من حق الرجل ويعتبر المرأة بيولوجيا بنصف الرجل وتتطور هذه المسألة لتشمل كافة مناحي الحياة,والمجتمع بأسره الذي لديه قناعات راسخة بأن المرأة قوتها العضلية بنصف قوة الرجل نجده يشرع للمرأة نصف حقوق الرجل ويعتبرها أقل من الرجل في كل شيء.

وهنالك مصيبة ثالثة حلت على المرأة وهي أن المرأة دائما مريضة,بسبب الدورة الشهرية والحمل والإنجاب وهي بهذه الحالة البيولوجية دائما طوال السنة مريضة وراقدة في الفراش لا تعمل لذلك اعتبرها الرجل مصيبة وغير منتجة نهائيا حتى الذي يعطيها نصف حقها في الميراث يعتبره كثيرا عليها لأنها في الأصل عالة على الرجل والعائلة برمتها,والذين كانوا يعتبرونها نصف الرجل كانوا يُعتبرونَ مزايدون ومبالغون فغالب الناس لم تكن تمنحها ولا أي مليم أحمر أو متليكة أو برغوثة أو هلله(أسماء عملات نقدية قديمة).

أما اليوم فالموضوع مختلف جدا حيث تخلى النظام الاقتصادي عن الإنتاج بواسطة القوة العضلية,وبدأت ثورة صناعية وأصبح العمل والإنتاج كله بواسطة الآلة, لذلك أصحاب دعوى المساواة بين الرجل والمرأة هم منبثقون من مجتمعات حديثة تعتمد على الآلة بدل القوة العضلية, لذلك المرأة تقف خلف خطوط الإنتاج مثلها مثل الرجل,والإنسان الحديث في المجتمعات المدنية اليوم لا يرون المرأة ناقصة عضليا عن الرجل بل مساوية له وأحيانا تفوقه في الإنتاج لذلك أصحاب دعوى التمييز قديما كانوا معذورين وأصحاب دعوى المساواة اليوم محقون جدا.
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=168378