-أنت رااااجل-!!!



مختار سعد شحاته
2013 / 9 / 22

انكر.. انكر.. دا تمامك:
ننكرها وندعي أننا براء منها للأبد، لكنها لا تُسلمنا إلا إلى "تغفيق" الشروخ، نعم "تغفيق الشروخ"، ويا كثرتها في مجتمعنا اليوم. لن أنظر أو أفلسف الأمور، فمنطقها التي تفرضه ونستسلم له، بات أبعد ما يكون عن التنظير والفلسفة في ظل هكذا حال، وهكذا مجتمع يختلط حابله بنابله بشكل يدعوك للارتباك ويدفع بك نحو حافة ليست من الجنون قدر ما هي من الاهتزاز لها نصيب وفير. نعم ننكرها، وهي أعظم ما بدا فينا ومنا، نرفضها ونقاتل الغير حين تبدو، لكنها في داخنا راسخة بلا حراك عن عميقنا البعيد، نعم ستنكر وستظل تنكر فهذا "تمامك" أن تنكر على الدوام..
"أنا راااااجل":
ابتسم فأنت "راجل"، هكذا ستطفح عليك، هكذا ستغرر بك للأبد، وأنت ستظل متمسكًا بها مدعيًا ان ما تفعله من سمت فهمك لمعنى "راجل"، لن تقاوم رغبتك الآخذة في الصعود نحو أنا علوي بأن يمنحك بعض النشوة حين تتشابه الأفعال عليك متى فعلتها، أو متى أسمعك المشوهين كلمات التخدير الجاهلية، بل إنها حتى ستثير لديك الكثير من المخاوف على هذا المجتمع الذى تآكلت منه مفاهيم صحيحة حول معنى كلمتك التي سيطرت "راجل". ابتسم فأنت "راجل". كررها لنفسك، واستمتع باستسلامك لخرافتك المقدسة، لا تحمل همًا سيغذيك قانونك المجتمعي، وفهم مشوه لنصوص مقدسة حول المفهوم، مما يبقى الرغبة في "التشيفن" حلا مرضيًا للنفس، بل وسيبررها لك فأنت كما ادعىت كل الأشياء والموجودات حولك "أنت راجل".

"أنت ع الموضة.. تابع يا ريس":
أنصحك أن تتسطح بقدر سريع، وأن تعمل على انتشار ثقافة التشوه والأنصاف والأرباع، وأن تحجز لنفسك مكانا فيها، فهي "موضة" تسرى في النخاع المجتمعي، فكل ما تراه ليس بحقيقي، فأنت تعرف أن جمعيات حقوقية للمرأة كلها محض افتراش للفراغ عند "الهوانم"، وأن التمثيل الدستوري لن يزيد عن حبر فوق ورقة دستور أعظم ما فيه الخروج عليه وتدنيسه اليومي بسلوك مجتمعي ممنهج، حتى تلك النعرات التي سيتبناها البعض فقط نعرات لا تُلقي لها بالا واستمر نحو خطتك الجليلة أن تصبح كما تدعي "رااااجل"، سيدعم الجميع، وسيستوعبك هؤلاء كلهم في ذكوريتهم المستتره بغلاف الحقوقية أو القانونية، وفي النهاية لا تستمع إلى واقعها المفعم بالهضم والغبن، فقط استمع إلى "الموضة"، والموضة الآن "أنا رااااجل".
أسرع بتمثيل دور المسالم الفاضل، أو الرافض لمفهوم العنف بشتى الصور، وتأكد أنك قد تدخلت لحماية العالم من "سوقيتها"، أو همجيتها، ولا يخطر ببالك أنه ضعفها وقهرها من أمثالك المتخاذلين، فأنت لست أحدهم، أنت الراعي لحفلة السلام على الكوكب، فقط لا تنس، أن تختم كل صراعاتها التي تعاينها ان تتحيز إلى مفاهيمك المرمرية، واستمتع انت وكل من شارك في نكبتها التاريخية وأشعلوا تبغ ذكوريتكم وانتم تتحاذون بين تبرير الـ"يصح" والـ"ميصحش"، واختتم معهم حفلتكم تلك بتذكير هام "أنت رااااجل".

ابتسمي ولكن لا تحلمين:
أعود إليكِ، فأنت لا تحلمين أن يعترفوا بها، لا تحملي روحك أكثر مما قد يحتمل الصراع، فقط ذخري لهم أسلحة ذكوريتهم، وانتظريهم في ساحة فراشك، فهي وحدها الساحة التي سيعترفون فيها بوجودك، بل ويقرون بين أنفسهم بالهزيمة فيها بعض الوقت، وإن تحايلوا على هزيمتهم الشعواء تلك، فقط أكملى رحلة قهرك الأبدية إلى جوارهم دون أن تتساءلين عن مفهوم العدالة السماوية، أو الحكمة الربانية في كل هذا القهر، ولا يشغلك كثيرا تنطع البعض بمفاهيم المساواة، فهنا لا ولن تتساوى الأمور، ستظل إلى الأبد في صراعها المستسلم، فهو "الذكر"، وأنت "الأنثى"، فإياك أن تحلمين في ظل هكذا عدالة سماوية بخيط من مساواة.
أنا لا أدعوك للثورة ضد ذكوريتهم، ولا أدعوكي بالأمل في سماء انتهت منك للأبد، فقط أنبهك أنك لم تنتبهي لمفهومنا الجديد للكلمة "رااااجل"، فقد باتت فيزا العبور نحو عالمك لممارسة كل صور التسلط واللعب على العجز واللا انشغال بواقعك المرير الناتج في أساسه عن سوء فعل أحد هؤلاء الذين ادعوا يوما انهم من النوع "رااااجل". من فضلك لا تبكي، لا تندبي، فقط تحضري لهزيمته في حربه التي لأجلها صار ينكر انتفاء الصفة عنه بمعناها الحقيقي، وعلى الدوام سيظل يذكر نفسك في شكل تذكيرك انت، سيظل يقول لنفسه ويقول له الجميع "أنت راااجل". فقط ابتسمي واعلمي أن الكلمة صارت مرادفًا لما يفقده مجتمعنا الذكوري المقيت، وينكر افتقاده لها منذ زمن. فأشفقي، وتابعي فأنت السماء وانت الأرض وانت من تسمى بك الألهة التي عبدها ذاك "الراااجل" منذ فجر الوجود.
أيتها الكائن المختلف عن تكويني فسيولوجيا.. تقبل اعتذاري رغم كوني أحد هؤلاء الذين تتلبسهم موضة "انا راااجل".

مختار سعد شحاته.
Bo Mima
روائي.
مصر/ الإسكندرية.