امرأة الثورة



على حسن السعدنى
2013 / 9 / 27

فرق كبير بين أن تنظر إلى سقف وأن تنظر إلى أفق. السقف قفص. والأفق حرية". ليس تحليلاً في واقع المرأة بعد الثورات وشرح دورها وأهميته. لكنّ الفكرة هي إضاءة نقطة في غاية الأهمية تتمثّل في الطّاقة العقلية الثوريّة التي أنتجتها الثورات فى حراك المرأة التحرّري الثوري على الأرض... في سياق المشروع الثوري التحرري. فالقوة التي حملتها المرأة، بالتحديد، في ثورة الربيع العربى، يكمن في تجسيدها الحي الواقعي والتزامها المخلص للمباددىء الجوهريّة التي خرجت الثورات لأجلها، وهي الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية لعلّ من أهم الإنجازات التي قدمتها المرأة للثورة على الأرض هو تجذير مشروع الحرية والديمقراطيّة والكرامة، إذ حملته، يوميا بوعي ذاتي وبصدق والتزام، على الرغم من أوجاعها وآلامها الفردية والأسريّة والعائليّةّ والمجتمعيّة، وسارت به فوق الام الكفاح للحريّة، من خلال خروجها الجريء على سطوة محرمات الجهل المذلة التي كانت ومازالت تعمل على ابتزاز إنسانيتها وتهميش دورها وتكريس تبعيتها المذلة. محرمات يشرعها القائمون بخدمة الطغيان، وفق أوامره ومصالحه وينشرها أعوانه من كهنوت الدين والفكر والقانون في المؤسسات الدينية والثقاقيّة والتشريعية والتفيذيّة التي تضع يدها على العرف الاجتماعي والمزاج السياسي والمناخ الفكري، وتدير امر العلاقات الاجتماعيّة والسياديّة، فتعزل المرأة، بقصد، عن الحراك النهضوي والثوري التحرري والإنتاجي المبدع، لكي تخلق شرخا في المجتمع يمنع تآلفه ونموّه بما يخدم مصالح القوى السلطويّة. وقد برز تأثير ذلك واضحا في الثورة عبر ممارسات كثيرة لتقييد المرأة وظهر أدائها الثوري بهدف إضعاف الثورة وإسقاط مشروعيتها وإضعاف حاضنتها قد أخذ التحريض على عمل المرأة الثوري بتحريم خروجها في المظاهرات والمسيرات عناوين دينية مجزوءة، مستمدة من ثقافات بائدة جاهلة قاصرة، مثل عدم مخالفة ولي الأمر ووجوب طاعته، ومثل قوانين المكروه والمحرم,,, ومثل مفهوم الحفاظ على الأعراض والشرف، ومثل تجنب المفاسد، لأن السلامة وحماية المصالح هما الأساس(مصالح الذكوريّة الاخوانية السياسية والاجتماعيّة)، ومثل لزوم البيت صونا للشرف وتجنبا للمعاصي، تدور حول العجز والضعف...وهو ما استحوذ على الخطاب الديني الرسمي وغير الرسمي الذي تدعمه سلطة النظام الاخوانى السابق وعصاباتها، بشكل منظّم سياسيا ،جاء الموقف الثوري للمرأة العربية عامة والمصرية خاصة، على الرغم من شدة القبضة الغليظة التي تحكم المرأة ومصيرها، معاكسا لتيار تدجينها وترويضها وترهيبها،بإصرارها اليومي المذهل على دعم مشروع الثورة ومشروعيتها، يحمل قدرا كبيرا من الشجاعة والبطولة، ويفعّل مبادىء الثورة على الأرض، في الواقع والتصوّر الخلّاق، مقدما دروس التضحية والمقاومة والبذل، يمد مشروعها بطاقة هائلة تدفعها نحو الاستمرار والتحقّق.... فعندما صمدت المرأة المصرية و العربية والسورية على الأرض في مواجهة عنف شديد...كانت تقدم أمثلة في الصمود والتفاني والإخلاص لمشروع وطني سياسي إنساني نهضوي. فقاومت حالات انتهاكات شديدة ، لها وقعها الشديد وتأثيرها السلبي المدمر في مجتمع رجعي ينتفض في كثير أماكنه شاعرات الاخوان العمياء، حين يجري التعدي على المرأة باسم العرض والشرف واسم العائلة والأخلاق والحشمة. وكانت تخوض خضم هذا التردي الاجتماعي والسياسي، بقوة أصلب من الرجل وأشد في محاربة منظومة الاستبداد والسب والانتهاك فى الفضائيات التابعه لنظام التظيم الاخوانى واتباعة، وتقدم فعلا وطنيا سياسيا في غاية الأهمية يتمثّل في توطيد مشروع الحرية والكرامة والنضال تحت أقسى الظروف التضحيات ووقفات الصبر والصمود واحتضان المرأة للثورة والثوار وتحمّل عبء النكبات قدم لواقع الثورة على الأرض ولمفهومها قوة معنويّة وعقائديّة وسياسية. وتمثل الدعم بتحمل المرأة أعباء الثورة اقتصاديا واجتماعيا ونفسيا نتيجة ممارسات النظام القمعية والرجعية بالهجوم على دور المراة فى الفن والسياسة والاعلام والأسرة والعائلة والمجتمع. وأصبح لازما عليها وهي تعايش نكبات استبداد النظام الطاغي السابق وسب قيادات نظامة فيها وفي بيتها وأهلها وجيرانها وأصدقائها أن تكون جزءا أساسيا من الثورة ومن حراكها. ليس هربا من فراغ، ولا بحثا عن منصب ونفوذ،... بل دفاعا عن حياة وحقوق ووجود وكرامة ومستقبل. المرأة على الأرض المصرية الثائرة هي جوهر مسيرة الجهاد لتجاوز النكبة الارهابيةوالمأساة ومع أن عمل المرأة العربية تطوّر على الأرض، تبعا لتطور وعيها وتضاؤل جهله واحتياجات واقعها من خلال مشاركتها بالمظاهرات وتنسيقها وقيادتها أحيانا. أو من خلال عملها في توثيق الانتهاكات المختلفة الممارسة ضد الثورة وضد المدنيين وتصوير الحراك والأنشطة الوطنيّة وإعداد الأفلام التوثيقية. وفي الإعلام والتدوين والصحافة، وفي الحراك الحقوقي والفكري السياسي. وراصدة للمعلومات؛ فإنّ مشاركتها السياسية في صفوف المعارضة السياسية التي تمثّل الحراك السياسي للمعارضة والثورة جاء ضعيفا جدا، بسبب تهميشها المتعمّد وإقصائها من قبل رجال النظام الاخوانى البأس ورموزها التقليدية، أو جرّها إلى خشبة التمثيل والظهور الشكلي التجميلي في ظلمة منطق الحزبيّة والفئويّة من امثال ( السيدة (ام ايمن سيدة الاخوان الاولى). التى كان لها دوراً كبيراً في إضعاف دور المرأة سياسيا في صفوف المعارضة، خصوصا عندما أصرّت أن تضع نفسها في تنافس على المصالح الّضيّقة والتبعيات غير النزيهة لمنظمات دولية لها أجندات دخيلة ومصالح سياسية. وعندما حولت معركتها من معركة لأجل الحرية والعدالة والكرامة إلى معركة صراع ضحل ضيق بين فرق متقاتلة على المكاسب من العلمانيين والإسلاميين. فخسرت مثل كثيرين في المعارضة شرف المعركة الجارية للإطاحة بالطغيان الأسدي وخلع منظومته الاستبداديّة تحت حمى المصالح