استعباد النساء 3



سامح سليمان
2013 / 10 / 6

* المرأة والخطاب الديني:
الخطاب الديني المنتشر في دور العبادة ووسائل الإعلام المختلفة سواء المقروئة أو المسموعة أو المرئية يساعد على نشر وغرس وتكريس كراهية المرأة وتحقيرها!! فأكثر رجال الدين يتكلمون عن المرأة بأسلوب تحريضي ومهين جدًا!!
فهي الماكرة الفاجرة اللعوب التي غلب كيدها كيد الرجال فهي أداة الشيطان لإيقاعهم في معصية الله، ولذا وجب مراقبتها لحظه بلحظه وإخفائها عن العيون بل وضربها وقتلها إذا لزم الأمر اتقاء لشرها وإرضاءًا لله !!!
بخلاف الوصف الدائم للزوجة بالثرثارة والنكدية والجاهلة، ولا بأس من تلطيف الجو بإطلاق بعض النكات عن سذاجتها وبلاهتها الشديدة، وللأسف الشديد أجد كثير من المستمعين يضحكون فاغرين أفواههم مؤيدين ومستمتعين بل والأدهى أن أكثرهم من النساء!
أما عن النصائح القويمة للمرأة المقهورة، المذلولة فهي لا تخرج عن (لازم تخضعي لجوزك، استحملي واصبري دة دورك في الحياة، ارضي بالمقسوم واللي ربنا كتبهولك، أكيد غصب عنه وانتي برضه لازم تهتمي بنفسك شوية علشانه) فهي قد وُجدت في الحياة لتكون وعاء لمتعه الرجل وخادمة مطيعة لرغباته، فهو سيدها وتاج راسها هو الله على الأرض بالنسبة إليها!!
وسوف أذكر نموذجين من أمثلة الخطابات الدينية الرجعية الظلامية المكرسة لاحتقار المرأة ودونيتها:
1 _ الكتاب المقدس يوضح لنا أن مكان المرأة على الدوام خلف الرجل حيث هناك مملكتها العظيمة، ولا يجوز بحكم التنظيم الإلهي أن تأخذ المرأة مركز القيادة في الكنيسة وإلا تكون متمردة على النظام الذي وضعه الله لها . عزيزتي المرأة لا تجعلي مركز القيادة يبهرك فمملكتك الحقيقية هي بيتك وأولادك وزوجك . (2 )

2 _ وقد رأى البعض في زج المرأة في ميدان السياسة وجهًا تَحضُّري، وتعبير احترام لها ينبغي أن نضطلع به، فكانت المرأة رئيسة لدولة ووزيرة ونائبة وغير ذلك. وكل هذه الاختراعات تأتي في العمق لتتعامل مع المرأة في غير الدعوة التي دعيت إليها، وعلى خلاف المواهب التي جعلها الله في كيان حواء. إن حركات التحرر النسائي تنطوي على تنكر للأعجاز الإلهي في الخلق وتنكر لحكمة الله التي لا توصف، فهي تدعو مباشرة ومداورة إلى إخراج المرأة من الإطار الذي ترعرعت فيه وعملت فيه وأطلقت مواهبها فيه. فالمرأة أم والأم هي الأرض التي تحضن غرسة الكيان فترعاها وتحنو عليها. ( 3 )
(يجب أن لا ننسى خطورة الخطاب الديني المتزمت في مجتمعاتنا لقوة تأثيره وسهوله تصديقه لأرتباطه بمرجعيه مقدسة) .

* خدعه حتمية الزواج وقدسية الأم والأمومة:
قامت مجتمعاتنا بمختلف مؤسساتها بتقديس فكرة خرافية شديدة الضرر وهي حتمية الزواج وقدريته خاصة بالنسبة للمرأة.
وخلق ارتباط شرطي بين ارتباطها برجل وحصول كيانها على القيمة. فالمرأة قيمتها مكتسبه وليست ذاتيه وتعلو قيمتها أكثر عندما تنجب فهي مجرد رحم تختلف قيمته باختلاف درجه الخصوبة وأيضًا باختلاف نوع المنتج، فالمرأة التي تنجب الذكور أفضل من التي تنجب الإناث. ومن أجل أن تنطلي هذه الخدعة على المرأة قام المجتمع بربط الزواج والإنجاب بالعديد من الطقوس المبهجة كإطلاق الزغاريد وتلقى التهاني وأيضًا ما يسمى بالسبوع وما يصاحبه من ممارسات وتخصيص يوم كعيد للأم والترديد المستمر للأهل والأقارب والمؤسسات المختلفة حول قدسيه دور الأم وعظمته، وتلقيب غير المتزوجة بالعانس.
وتأويل المؤسسات الدينية للعديد من النصوص لخدمه هذه الفكرة الاستغلالية التي ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.
هذه الخدعة التي تتمركز أهدافها حول حرمان المرأة من القوة النفسية والفكرية والاقتصادية التي تمكنها من الاستقلالية والقدرة على صنع القرار، والندية مع الرجل، وحرمانه من مركزيته كسيد مطاع، وإله يمشى على الأرض يملك حق تقرير مصيرها.
وبالطبع مع الوقت ومع كثرة الترديد لتلك المقولات والأفكار وتحالف جميع مؤسسات المجتمع لتأكيد صحتها، خاصة مؤسسة الأسرة تحولت هذه الخدعة المجتمعية كالعادة إلى مبدأ مقدس لا يجوز نقده بل وصارت النساء أكثر من يدافع عن صحته!!
ويصف د: مصطفي حجازي فى كتابه سيكولوجية الإنسان المقهور، حالة التصديق والتوحد التي تصل إليها المرأة مع هذه الأفكار بالاستلاب العقائدي: الاستلاب العقائدي هو أن تقتنع المرأة بدونيتها تجاه الرجل وتعتقد جازمة بتفوقه وبالتالي بسيطرته عليها، هو أن توقن المرأة أنها كائن قاصر جاهل ثرثار عاطفي، لا يستطيع مجابهة أي وضعية بشيء من الجدية والمسئولية وبالتالي لا تستطيع الاستقلال وبناء كيان ذاتي لها، هو أن تعتقد المرأة أن عالمها هو البيت وأن الزوج والأولاد والأسرة تشكل حدود كيانها.....، هو في تبنى أسطورة الأم المتفانية في خدمة أولادها وزوجها، تلك التي تتلخص سعادتها في استنزاف ذاتها تحت شعار العطاء والاستلاب العقائدي هو في النهاية أن تقتنع المرأة في أعماقها إن من واجبها الطاعة للزوج وللأب قبله، وأن لها عليهما حق الستر والإعالة وأن طبيعتها تتلخص في جسد يلبس وقوام يجذب ورحم ينجب ولسان يشكو ويطلب ويكذب، وأيد تطهو وتغسل وتمسح، من خلال هذا الاستلاب يصل القهر إلى أقصاه لأن المرأة عندها تعتز بمظاهر قهرها وتعرف نفسها من خلال استلابها وبالتالي فأن هذا الاستلاب يطمس إمكانات الوعي بوضعها ويطمس الرغبة في التغيير، كما يطمس القدرة على التحرير وهكذا تفتح أبواب استغلال المرأة على مصراعيها وتكون هي المتواطئة الأولى على مصالحها الحقيقية .