الأم خط أحمر



خالد الصلعي
2013 / 10 / 6

عار أن تمس الأمهات في جسدهن ، وتشوه صورة وجههن الطاهر بأيدي بغاة ، قساة ، نحن هنا ننتقل من دولة القمع الى دولة العار . لا يمكن لأي انسان شريف يمتلك نسبة قليلة من الانسانية ومن العزة والنخوة أن يرضى بما تعرضت اليه الشريفة الطاهرة أ م حمزة ، خارج جميع الأوصاف والنعوت ، فوصف الأم يكفي شفيعا لها عن مساندتها لابنها ، وليس عيبا وان في الدول والأنظمة الاستبدادية أن تتضامن أم مع ابنها . وهذا ما يجعل المغرب كنظام ينزلق الى مستويات الأنظمة الدموية ، التي تمنهج علاقاتها السلطوية مع المواطنين على القتل والدم والاغتصاب والاختفاء القسري .
كمغربي وكانسان ، لا أشجب او اندد فقط ، بل أطالب بمعاقبة كل من مس أما وامتدت يديه الآثمتين الى جسدها بمكروه . الأم في الحضارة الهندوسية الوثنية مقدسة ، والأم في الحضارة المسيحية زوجة الرب او روحه القدس، والأم في الحضارة اليهودية هي المرجع والنسب ، فكيف تكون في المغرب دولة امارة المؤمنين حذاء يداس بأرجل نجسة ؟ . انها اهانة للنظام الملكي نفسه ، بما يمثله من رموز دينية ثيولوجية ، وسياسية استبدادية ، وتاريخية أسرية .
ان أخطر ما يهدد انهيار الأنظمة والأمم ، هو اهانة الرموز العليا ، والأم اعظم رمز احتفظ به الانسان لليوم ، ولولاها لفسدت جميع العلاقات ، ولانهارت جميع الأخلاق والقيم . ليس عيبا ان يعارض شخص ما سياسات لاشعبية لنظام ما ، لكن العيب ، كل العيب أن ينتقم النظام من الأصول والرموز .
وفي هذا الشأن لابد أن تتحمل جميع الهيآت الحقوقية مسؤوليتها في رفع دعوى قضائية ضد كل من تجرأ وضرب السيدة فتيحة أم المناضل حمزة ، وتدويل القضية ، و العمل على احتضانها من قبل هيآت حقوقية داخل المغرب وخارجه .
لا بد أن يعرف الطغاة ان هناك حدودا يحرم تجاوزها . والا فان تدرجات هذا الاعتداء الحيواني الخارج عن سياقات مفهوم الدولة المعاصرة ، قد يجعل أمهاتنا عرضة لتحرشات المخزن الهمجي .
نحن نروم ترشيد السياسة بعدما تخلت الأحزاب عن ادوارها وانخرطت في جوقة الطرب التشويهي الذي لا يطرب الا النفس المريضة ، والعقل المتحجر.
ففي هذه الحالة " تعنيف الأم " ، وحالات متشابهة ، كتلفيق التهم للنشطاء والحركيين المستقلين ، وطبخ الملفات لشرفاء الأمة ، واعتقال المواطنين بدون سند قانوني ، وقتل المناضلين الاحرار ، فان النظام لا يعمل الا على ترسيخ قانون الدولة الدموية ، وهي دولة لا سند لها غير سفك الدماء ، مدفوعة بقانون القوة بعدما داست على قوة القانون ، ؛ هنا يصبح المرجع هو الدم والعنف في ابشع صورهما المتعددة . انه الغرق في سادية بينوتشية وأسدية لا سياق موضوعي يسندها هنا في المغرب . انه الايمان المطلق بارهاب الدولة في أبشع تجلياته . سفك الدماء ، اعتقالات عشوائية ، محاصرة المناضلين -المواطنين - واخيرا ، وليس آخرا ؛الاعتداء على الأصول والرموز .
لا مجال هنا للحديث عن دولة المؤسسات ، التي تصبح مجرد استعارة مشوهة وفاسدة ، ولا مجال للحديث عن القوانين المؤساتية ، كالقانون الجنائي ، أو القانون المدني ، فالدولة في غنى عن جميع القوانين ، بما فيها القانون الالهي . ما دام اختيارها قائم على تأبيد علاقات تسلطية بين المواطن والدولة .