ممنوع الاقتراب ..حريم..حريم



فرات إسبر
2005 / 5 / 28

أما بعد والحق يقال .. بعد أن قرأت ما نُشر على مرآة سورية للأستاذ سعيد رمضان البوطي في نصائحه التي قدمها لنساء الشام ولا أدري إذا كان بها تخصيصا لمنطقة معينه، أم لنساء سورية عامة !!!؟؟؟
لقد تحدث الأستاذ البوطي عن المرأة الغربية وضياعها في مجتمعها وحياتها وكيف تضيق بها السبل عندما تبلغ أشد العمر، إذ يخلو بها العشيق والقريب والحبيب بعد أن صارت في ارذل العمر ،وأنا سأقص على أستاذي الكريم الذي درسني أحكام الشريعة الاسلاميه ، وأنا أجّله وأحترمه لثقافته وعلمه ولكنني اليوم معه على خلاف فيما طرح وأوصى به حول موضوع تحرر المرأة ومساواتها وأن هناك ما يترصدها من خلال هذه الدعوة.
سأسرد هنا حادثتين وقعتا أمامي وعلى علم مني كون السيدات صديقات ويجمعني معهن همهنٌ في هذه الحياة هنا في نيوزلندة فتاة ،جاءت بدعوة من أخيها لزيارته ولكنه كان يخطط في الخفاء لتزويجها بعد أن قبض ثمنها دون علم منها ، وبعد وصولها بشهر عرض عليها الزواج من الشخص الذي قبض ثمنها منه ولكنها رفضته لأنها لم تجد فيه ما يرغّبها بالزواج منه ، وجن جنون الأخ الحنون المتسامح الذي هو الوصي والآمر حسب المفهوم الشرعي الذي تحدث عنه الأستاذ البوطي ، وقام الأخ بسرقة جواز سفر أخته التي أوهمها بأّخوته ، ولم يكتف بهذا إذ كان الضرب وسيلته ليل نهار حتى ترضى بمن أختاره لها ، حتى الجيران و ليسوا عربا اقترحوا عليها الشكوى إلى البوليس ولكنها لم ترض لأخيها المهانة.
لن أطيل في التفاصيل الأخ لا يريد أخته إلا إذا تزوجت وجواز سفرها اختفى وطردها من البيت
أين تذهب؟
أين تنام ؟
كيف تنفق ؟
أسئلة كثيرة ولم يكن أمامها سوى المكان الذي تحدث عنه الأستاذ البوطي والذي تهرب إليه النساء في بلاد الغرب من ظلم الرجل وبطشه ،حيث يعتنوا بها ويقدموا لها المساعدة حتى تقف على قدميها، وهذه منظمات إنسانية أسست خصيصا لحماية النساء من العنف الذي تتعرض له ،وهذه المنظمات مسؤولة عن حماية المرأة من كل أنواع الاضطهاد والظلم حيث تقوم بحملات توعية دورية للنساء والأطفال حول حقوقهم وواجباتهم وبتوزيع نشرات التوعية على البيوت.
إذ قامت هذه الجمعية بتعليمها الإنكليزية ومنحتها حق الإقامة المؤقتة ريثما تنتهي من الأجراءت القانونية المتعلقة بالجنسية وقامت بتأمين عمل لها لتعيش منه .
السئوال الذي أود طرحه هنا ما هو وجه الضرر وما هو مدى المنفعة في إنشاء مثل هذه الدور في بلادنا العربية ؟
وما هو حكم الشرع في تصرف هذا الأخ ؟؟
ألا تستحق نساءنا العربيات مثل هذه الدُور لتحميها وترعاها من البطش والجور بها ،أليس خيرا من العمل في البغاء لتنال لقمه عيشها، وهناك كثير من الرجال يدفعون نسائهم لمثل هذه الأعمال على الأقل في دول الغرب أذا اختارت البغاء يكون بإرادتها وليس بدافع من أحد.
أن المرأة لا تسعى إلى الانحراف بدافع فطري وما انحرافها إلا نوع من الانتقام الذي سببه الزوج أو الأهل ، أليس جديرا بالحكومات والمنظمات الإنسانية وبمدافعي حقوق الإنسان أن ينشئوا ويدعو إلى إقامة مثل هذه الجمعيات والمنظمات ، أن هناك كثيرا ت … كثيرات من النساء اللواتي يعانين من الظلم والقسوة والضرب ولكن كبريائها وعزة النفس تمنعها من الاعتراف بما تتعرض له في حياتها اليومية ،أو خوفها على أولادها من أن تفقدهم وتدخل في محاكم مؤبدة لا تنتهي إلا بموتها .
لي صديقة تقول كم أكره المثقفين أنهم المنافقون على هذه الأرض ، لأن عصا الزوج المثقف أثارها باقية على جلدها لا تشفى منها حتى تظهر من جديد ، حتى الكلاب مدللة ، ولا تضرب هنا وتحسد على حياتها مقابل ما تعانيه بعض النساء في حياتهن في الدول العربية والإسلامية .
فالمرأة في الغرب لا تحتاج أحدا، البيت لها في حال انفصلت عن زوجها، والأطفال لها ،ولها راتب مخصص لها سواء عملت أم لم تعمل وبذلك تضمن حياة كريمة تحميها من اللجوء إلى الأخ والعم والخال وما شابه من الأقارب العقارب على حد قول الأمثال، ومع ذلك هذا لا يعني أنه لا يوجد بعض الحالات الاستثنائية وذلك في الدول العربية وغير العربية وحتى الشام التي ركز عليها الأستاذ البوطي ،فالغرب ليس ملاكا خالصا وأيضا دولنا الإسلامية.
ومع الأسف الشديد ذكرت لي إحدى الفتيات بأنها قررت أن تهين أباها بسبب بطشه لها ، إذ قررت التحرش بجميع أصدقائه عقوبة له لما تعاني منه ومن جبروته وهو المتعلم والمثقف ولكنه في الداخل لا يعرف النور وهذا ما حدث مع إحدى بنات الشام !! .
والموضوع الثاني الذي طرحه الأستاذ البوطي والذي أيضا أخالفه الرأي فيه
حول النساء الكبيرات السن اللواتي لديهن الثروة والمال وكيف يعشن في بيوت العجزة بانتظار الموت الأخير
أولا بالنسبة لكبار السن من العجائز أعلى نسبة من الرواتب يتقاضاه كبار السن كي تحقق لهم الدولة أقصى أساليب الرفاهية الممكنة كون هذا الكبير السن ،قد خدم البلاد بكل طاقاته وجهده وعليها أن تحترمه وتحترم إنسانيته ، وهذا مع الأسف لا نجده في بلادنا العربية لان معدل راتب أي متقاعد في السن لا يعادل 50دولا أمريكي بينما راتب أي متقاعد يقارب ستمائة دولار في الاسبوع الواحد في بعض الدول الغربية .
وكثير من هولا ء يتبرعون بكل ما يملكونه من أموال وعقارات للجمعيات الخيرية أو لأولاد بالتبني أو لبنا ء مشفى أو لمكافحة الأمراض كالسرطان والإيدز وغيرها من أوجه أعمال الخير والدولة مسؤولة عن كبار السن سواء أكانوا عاملين أم لا .
سأدخل الآن في القصة الثانية كرد على ما ذكره الأستاذ البوطي في نفس الموضوع
سيدة متعلمة لها من العمر خمسة وستون عاما ، دعاها أبنها لزيارته وعلى أٍساس أن تعيش معه هي التي ربت وضحت وعانت كل أنواع العذاب على حد ما روت لي من تفاصيل حياتها واكتملت قصتها بهذا ، عندما وصلت ، لم يعد من أحد يريدها لا زوجة الابن ولا أحفادها وحتى أبنها لم يعد يريدها ، حتى انهم توصلوا إلى ضربها مما دعاها إلى اتخاذ قراراها بالعودة ولكن إلى أين !!؟ ..
لا بيت ولا سكن ولا أقارب ولا جميعات تحميها ولا دولة تساعدها ، قررت العودة إلى الابن الثاني لكَون زوجته أرحم أذا هي لا تضربها ، أسألك بالله يا أستاذي ما هو حكم الشرع أيضا لمثل هذه الحالة ؟؟
وما هو الموقف الشرعي والقانوني والأخلاقي في حالة هذه الأم ؟؟
ألا يحق لهذه الأم المسكينة أن تعيش في دار لكبار السن حيث يقدموا لها المساعدة والرعاية ، وللعلم ما هو متوفر هنا للكبار في السن لايمكن أن يتحقق في دولنا العربية من الرفاهية والراحة وأساليب الرحلات والنشاطات التي يمارسونها والنوادي المخصصة لهم للتسلية، حتى أن السيدة التي تحدثتُ عنها اقترحت على ابنها "الحنون" أن تقيم في هذه الدار لكنه أشّتد وأحتدّ وجوابه كان "أنت رح تفضحينا بين الناس ماذا سيقولون عني "
هذا هو وجه العربي المزيف لا يهمه إلا سمعته ومكانته التي ليس لها مكاناً فيما أوصى به الله من حقوق النساء والأهل.
هل تضر هذه الملاجئ فيما إذا أنشئت في دولنا العربية؟
أين هي الفتنة بوجودها؟
وماذا يقول الأستاذ البوطي في مثل هذه الحالات ؟
وأين خراب الأمة فيما إذا وجدت هذه الأم مكانا يحميها، ودولة تنفق عليها، كم من الأمهات الجليلات اللواتي دفعن أعمارهن لتربية أولادهن ويصلن إلى مصير مخيف…. لا أولاد أوفياء ولا دولة وفية تنظر في أمورهن وأحوالهن .
أين هي الفتنة والضلال أيتها النسوة ؟
أي مصير أسود ينتظر هذه المرأة العربية في مثل هذه الظروف !!؟
والله أني لأخشى مصيري ، ومصير كل النساء العربيات في هذه المجتمعات التي لا تميز بين الحق والباطل ، بين الخير والشر وما وصل إليه الغرب في احترامه لأطفاله ونسائه وأخيرا رجاله و….كلابه ، لن نعرفه أبدا نحن العرب القابعين تحت خيمة الوصاية والقوامة ، الأخوة والرجولة ،والحسب والنسب ، مجرد شعارات معلقة على الأبواب وعندما نطرقها لنعرف ما وراء ها يأتيك الصوت :
ممنوع الاقتراب :حريم .. حريم
وأي حريم هذا؟
مخنوق ومريض وتبعي لا حول له ولا قوة لانه تحت سطوة الرجل القّوام الذي يسٌّن القوانين ويغلق الأبواب.
لا بد من صحوة لمن يرى ويسمع ويقرأ.