التعرض المخلّ بحياء المرأة



قاسم حسين صالح
2013 / 10 / 28


(تحليل سيكوسوسيولجي)

شكت محافظات عراقية من انتشار ظاهرة التحرش الجنسي،وعقدت في بابل ندوة ناقشت اسبابها ومخاطرها على المجتمع.واللافت ان تقارير صحفية اشارت الى أن (الكثير من العوائل صارت تحرم بناتها وأولادها من إكمال مسيرتهم التعليمية خشية تعرضهم للوحوش البشرية الكاسرة التي تنتشر في الطرقات ولا همّ لها إلا اصطياد الطلاب والطالبات لتحقيق غاياتهم الدنيئة)..فضلا عن منظمات مجتمع مدني افادت بأن (الإحصائيات التي توافرت للجهات البحثية فيها تؤكد زيادة حالات التحرش الجنسي). واذا كان الأمر كذلك فانه ينبغي اعتماد الاسلوب العلمي في تحليل اسبابها وتحديد سبل معالجتها.
تعود بداية انتشار هذه الظاهرة في العراق الى سبعينيات القرن الماضي..فمن عاش تلك الفترة يتذكر كيف كانت شرطة الآداب تلاحق طالبات الاعداديات اللواتي يلبسن تنورات قصيرة(ميني جوب) ويصبغون سيقانهن بـ(البويه).وفي الثمانينات كلفت من قبل مركز البحوث بوزارة الداخلية باجراء دراسة عن (التحرش)بعد ان انتشرت في مدينة بغداد..سنأتي على بعض نتائجها لاحقا.
اننا نتفق جميعا على ان التعرض المخل بحياء المرأة (التحرش) سلوك يتعارض مع القيم الدينية والاخلاقية والاجتماعية والحضارية ايضا،وانه لا يليق بنا بوصفنا عراقيين معروفين بالغيرة على المرأة.فمن عاداتنا أننا كنّا حين ننبهر بشجاعة احدنا نقول عنه (أخو أخيته)،وكنّا ننظر الى الأرض حين نمشي في شارع منطقتنا خشية ان تكون احداهن قد خطفت رجلها لبيت جارتها،وكنّا الى وقت قريب..ياويل غريب يتحرش ببنت سابع جار.
وما حصل انه تضافر على انتشار هذه الظاهرة عاملان:خارجي وداخلي..يتحدد الخارجي بسوء استخدام التكنلوجيا والانفتاح على العالم..لاسيما الفضائيات (الاباحية) والمواقع الجنسية (وشبكات دعارة)،والتشبه بثقافة بعض شباب الغرب من المنحلين قيميا،اجتمعت بزمن فوضى وعملت بشكل فاعل في جعل الشاب يتجرأ على التحرش الجنسي..فيما يتحدد اهم العوامل الداخلية بانشغال الناس بالسياسة التي الهتهم عن الاهتمام بالاخلاق..حتى رجال الدين..انستهم السياسة تثقيف الناس باخلاق الدين..دع عنك الفضائيات والاذاعات والصحف التي صار شغلها الشاغل السياسة او اخبار الفنانيين والفنانات..ونسوا الاهتمام بالاخلاق وأنهم مسؤولون عن جيل يعيش حالة تشوش فكري وفوضى ثقافية واحباط نفسي وكبت جنسي.
وما لا يدركه كثيرون ان آثار التحرش الجنسي يؤدي الى اضطرابات نفسية تظهر لاحقا..فالفتاة التي تتعرض في طفولتها او مراهقتها الى فعل جنسي تتشكل لديها صورة سلبية عن الرجل تنعكس على حياتها حين تتزوج تفضي الى فشلها في علاقتها الزوجية او المعاشرة الزوجية.
والواقع ان المرأة،برغم انها الضحية،تكون احيانا سببا في جعل الآخر يتحرش بها..حين تكون بهيئة او تصرف تقول للرجل (تحرش بي)..وبالتحديد:المبالغة في وضع المساحيق على الوجه،ومضغ (العلكة) بطريقة (مايعه)وهي تمشي في الشارع..فضلا عن نوع ولون الملابس التي ترتديها.ففي الدراسة الميدانية التي اجريناها في الثمانينات طلبنا في حينه ان تتطوع فتاة من موظفات الشرطة نجري عليها التجربة..وطلبنا منها ان تلبس في كل يوم لونا معينا لنعرف تأثير اللون في جذب الرجل للتحرش بالمرأة.وكانت تقف صباح كل يوم في رأس جسر الصرافية من جهة الكرخ،تراقبها عن بعد سيارة فيها شرطة بملابس مدنية لحمايتها..وفيها (أنا) الذي كنت أحسب عدد المتحرشين بها..وكانت النتيجة ان اللون يلعب دورا في جعل الرجل يتحرش بالمرأة..حيث احتل اللون الأصفر المرتبة الاولى يليه الأحمر..فضلا عن مؤشرات اخرى تخص طريقة(مشية )الفتاة ووضعية وقوفها..وقد جرت مناقشتها من قبل اكاديميين ومسؤولين بوزارة الداخلية..خرجت بتوصيات..اكدت على الدور التكاملي لكل من البيت والمدرسة والجامع ووسائل الاعلام في معالجة هذه الظاهرة..ونحن في باب (حذار من اليأس) الذي نحرره صحفيا منذ خمس ستوات،ندعو الى عقد ندوة تتبناها (جريدة الصباح ) او ابة جهة اخرى تبادر..للوصول الى مقترحات علمية وعملية للحد من ظاهرة تشكل خطرا كبيرا على جيل الشباب الذين سيكون مستقبل العراق بأيديهم.