النسخة الثانية من منتدى أرض الجموع بالجنوب الشرقي بمدينة ورزازات



لحسن ايت الفقيه
2013 / 10 / 30

نظمت جمعية الألفية الثالثة لتنمية الفعل الجمعوي بالجنوب الشرقي وجمعية الواحة الخضراء للتنمية والديموقراطية، بمدينة ورزازات الغراء المنتدى الثاني حول أرض الجموع، يوم الأحد 27 من شهر أكتوبر 2013، أريد له شعار:«من أجل حكامة جيدة في تدبير أرض الجموع بالجنوب الشرقي». وللتذكير فقد سبق أن نظمت جمعية الألفية الثالثة المذكورة المنتدى الجهوي الأول بمدينة الرشيدية يومي 22 من شهر يونيو 2013 و23 منه تحت الشعار المذكور، كان شارك فيه 150 مشاركا رجالا ونساء. وأما المنتدى الثاني فقد توفق في حضوره 122 مشاركا منهم 22 امرأة، ينحدر هؤلاء من 15 جماعة ترابية في أربعة أقاليم، ويمثلون 52 جمعية تنموية مهتمة بشأن المجال، وأما نواب أرض الجموع فهم في حد ذاتهم صفات يمثلون المؤسسات العرفية. ولقد تمكنت الجمعيتان المنظمتان المنتدى الثاني، إصدار بلاغ عشية يوم الإثنين 21 من شهر أكتوبر 2013، استغرق خلل تدبير الأرض الجماعية المتعدد والناتج عن غياب«غياب الوعي بالمرجعية القانونية المنظمة لهذه الأرَضين [ملحق بحمع المذكر السالم] لدى المسؤولين عن تدبيرها»، وعن عدم «ملاءمتها مع الإصلاحات السياسية التي عرفها المغرب في السنوات الأخيرة».لذلك و«في إطار الديناميات الاجتماعية التي عرفها المغرب في السنوات الأخيرة»، والتي تبتغي «إصلاح القوانين المجحفة في حق ذوي الحقوق»، وتعريضها للملاءمة مع دستور 2011 وخاصة ما ينص على المساواة والشفافية والعدالة الاجتماعية والحكامة الجيدة، تبينت ضرورة التنادي «من أجل حكامة حيدة في تدبير الأرض الجماعية بالجنوب الشرقي»، بما هي الغاية المسطرة للمنتديين الاثنين، وبما هي شعارهما الثابت. وكما هو الحال في المنتدى الأول شارك في المنتدى الثاني نواب أرض الجموع، وذوو الحقوق وفعاليات المجتمع المدني، وكل المتدخلين في هذا الشأن. وأما الغايات المسطرة في البلاغ الصحافي «فتح نقاش جاد، ومسؤول بين جميع الأطراف المتدخلين، حول أرض الجموع، ودورهم في التنمية المحلية»، وفتح «قنوات التواصل بين المتضررين والسلطات وتبليغ هذه المطالب إلى المسؤولين، وأصحاب القرار». وهناك «الوقوف على آليات مشتركة للتدبير الجيد للأرَضين، حتى يحصل تحقيق الولوج إلى الاستفادة منها»، و«الوقوف عند الثغرات التي تطول ظهير 27 أبريل 1919، الخاص بأرض الجموع، ومن ثمة تقديم المقترحات الخاصة لتعديل هذا القانون». والغاية الأخيرة «المساهمة في المسلسل الترافعي من أجل تعديل هذا القانون». وأما أرضية المنتدى فقد انجلت ودعمت ملف المشاركة صباح تنظيم المنتدى، ولم يختلف مضمون الأرضية كثيرا عن مضمون البلاغ، إلا في وسعتها التفاصيل الصغيرة. لقد أشير فيها فيها إلى الخُرق المتعدد الذي طال الأرض الجماعية، مما انجرت عنه حركة احتجاجية. ذلك أن تدبير الأرض الجماعية مصدر اقتصاد الريع الذي تمتعت بعائده أقلية عرقية «تعمد إلى إقامة مشاريع فلاحية يستنزف الثروات المائية بتوظيف مفرط للمياه الجوفية، علما أن جهة الجنوب الشرقي تتميز بالطابع الواحي، مما ينعكس سلبا على الفرشة المائية»، وعلى استفادة السكان منها. ومن سلبيات التدبير المختل للأرض الجماعية إنشاء ضيعات «لا تراعي البعد الاجتماعي في تشغيل اليد العاملة». وبموازاة ذلك «يواجه ذوو الحقوق وخاصة الشباب، من حاملي المشاريع الفلاخية العديد من العراقيل المسطرية، والإدارية تحول دون استفادتهم من الأرض»، مما يعمق البطالة. ومما فُصِّل فيه القول في الأرضية احتضان الأرض الجماعية «العديد من الوحدات السكنية، ريث يحصل تفويت الأرض بثمن بخس للمستثمرين، ليجري بيعها ثانية لدوي الحقوق بأثمان خيالية». وورد في الأرضية افتقار الوحدات السكنية إلى التهيئة، مادام إحداثها غير قانوني. ولأن الأرض الجماعية تدبيرها خالته الأرضية معيقا النمو الاقتصادي، ومؤثرا يؤدي وقعه إلى الاحتجاج سواء على الصعيد الوطني، أو الجنوب الشرقي، وإلى متابعات قضائية غالبا ما يدان في ختمها ذو الحقوق، بعد استنفاذ مستويات التقاضي، مادام ظهير 1919، يناسب فترة الحماية الفرنسية على المغرب ولا يلائم التحولات الحالية، وجب فتح نقاش حول الثغرات التي يتضمنها الظهير المذكور، أو التي تظهر ريث تطبيقه، يدعى له كل المهتمين من رؤساء الجماعات المحلية، وذوو الحقوق والسكان المحليون، ونواب أرض الجموع، وسلطات الوصاية، والشباب حاملو المشاريع الفلاحية، والمصالح الإقليمية.
انتظم البرنامج في أربع فقرات:
- تضمن الافتتاح كلمتين نُسبتا للجمعيتين المنظمتين المنتدى الثاني.
- تضمنت فقرة المداخلات خمس مداخلات:
+ إشكالية ملاءمة ظهير 1919 مع دستور 2011،
+ الأرض الجماعية بين المرجعيات القانونية والأجرأة إشكاليتِها.
+ تجربة جمعية الألفية الثالثة في مواكبة ملف السلاليات بالجنوب الشرقي.
+ الديناميات الاجتماعية لذوي الحقوق بالجنوب الشرقي (الجماعة السلالية بدوار ثالاث نموذجا)
+ تقديم تجربة جماعة تابونت
- فقرة الورشات انتظمت في محورين:
- القيم والمبادئ المؤسسة للقوانين المنظمة لأرض الجموع.
- أي دور المجتمع المدني من أجل قانون لأرض الجموع ملائم مع روح الدستور ومنطوقه.
اختتم اللقاء بعرض النتائج.
حصل الافتتاح بالترحيب بالمشاركين الجمعيات والتعاونيات والوداديات والإخوة في الإعلام. وورد فيه موضوع المناسبة وملابساتها. ذلك أن إشكالية أرض الجموع تهم الجنوب الشرقي على الخصوص. لذلك لا بد من معالجة الإشكال بمقاربات حقوقية وتنموية. وكان الهدف من المنتدى التنادي، أي: فتح النقاش والسجال بين المتدخلين، والمرافعة من أجل تغيير ظهير 27 أبريل 1919. وفوق ذلك فأرض الجموع تدبيرها يعمق اقتصاد الريع. قُدمت كذل المداخلات والمتدخلين، وأُفصح عن التعديل الذي لحق البرنامج نزولا عند رغبة سكان ترميكت فكانت المداخلات عددها خمسة. وقبل الشروع استقر الرأي على الفقيد عبد الرزاق دادا الذي توفي مؤخرا عشية يوم 5 من شهر أكتوبر 2013.
الكلمة الأولى لجمعية الألفية الثالثة ألقاها السيد أحمد النعيمي نائب كاتب جمعية الألفية، رحب فيها بالحضور، وحب أن يستغل المناسبة لتقديم التعازي لأسرة الفقيد. وأكد أن سمة اللقاء استقطبت اهتمام المجتمع المدني في الجنوب الشرقي، وقد اشتغلت الجمعية من قبل مع الجمعية الديموقراطية لنساء المغرب سنة 2005. إن أرض الجموع بات يشكل طابو نظرا للبنية البطريركية للمجتمع، فوق أن الدولة ودت الحفاظ على هذا الملف على شاكلته في عهد الحماية الفرنسية. وتطرق إلى المشاكل التي تعرفها الجنوب الشرقي مردها إلى التاريخ، استقرار القبائل التي فشل مشروعها السياسي، أو كانت تعرف تحركات معينة ولم يساعدها الحظ لتحقيق مرادها. وتحدث السيد أحمد النعيمي عن الصراع التي تعرفها المنطقة على مواد الطبيعة. وسطر حفاظ الدولة على الوضع الذي خلفه الاستعمار الفرنسي للمغرب. ولفت النظر إلى وضع الأرض في الحال حيث يحصل تفويتها بدون أساس عادل مما انجر عنه حرمان النساء وذوي الحقوق من الاستفادة من هذه الأرض. وخال السيد أحمد النعيمي اعتماد المرافعة لدمقرطة الاستفادة وفق آليات لائقة، وتمنى للمنتدى النجاح.
في كلمة جمعية الواحة التي ألقاها السيد أحمد بوهديوي مرحبا بالجميع وذاكرا التنسيقة بين جمعية الواحة الخضراء والألفية. ووقف عند أهمية اللقاء وسمته والذي تعقد لتداخل بعض العناصر الفاعلة فيه. ورأى سليما فتح النقاش حول الموضوع لذلك فاللقاء مناسبة لإماطة اللثام عن هذا الموضوع وما يتخبط فيه من أهوال فصل فيه السيد أحمد بوهديوي القول. وعرج إلى أهمية التنسيق بين الجمعيتين في هذا الموضوع وجدواه لأن أرض الجموع تستغرق 15 مليون هكتار، وتحت وصاية الداخلية (مجلس الوصاية). ودعا جميع الإطارات إلى تكثل الجهود للعمل بطريقة تشاركية للترافع من أجل إلغاء الظهير المذكور وتعويضه بمدونة تحمل ما يجب من الإصلاحات. ورأى خلق وكالة لتدبير أرض الجموع والتمكين من تدبير النزاع حول تلك الأرض، وغيرها مما يجب أن يكون مبينا إياه في تسع نقط صعب التقاطها.
المداخلة الأولى للدكتور فوزي بوخريص سمتها القانون المنظم لأرض الجموع في ضوء الدستور الجديد.
بعد تقديم التعازي والشكر لمن له ذلك. أشار إلى أن مداخلته في أربع نقط عرضها بالترتيب.
أـ وضعية أرض الجموع: حدد واقع أرضي الجموع ضمن مونوغرافية وزارة الداخلية حول الأرض الجماعية. مساحتها 15 مليون هكتار تكون الأرض الرعوية منها 85 في المئة، تشغل بصفة جماعية من لدن ذوي الحقوق، وتوظف أهم المساحات الباقية في النشاط الفلاحي. ولقد تأكد أن هذه الأرض تجسد واقعا قويا في البلاد يؤكد السيد فوزي بوخريص. ولفت الانتباه إلى عدم استقرار رقم المساحة حيث انتقلت من 12 مليون هكتار إلى 15، مرد ذلك إلى اكتشاف أرض جديدة. واسترسل في تقديم الإحصاءات الرسمية، والمقارنة بين كمّ أرض الجموع وعدد سكان ذوي الحقوق. إنها تمثل 39 في المئة في سوق العقار، مقابل المجال الغابوي الذي يمثل 29 في المئة، ومجال الملك الذي يمثل 26 في المئة، وباقي المجالات العقارية التي تمثل 6 في المئة، حسب دراسة أعدها البنك الدولي سنة 2007. وكان وراء تقديم الإحصائيات إبراز أهمية هذه الأرض. إن الذي يهمنا أنها تمثل رهانا وجوديا لذوي الحقوق، إنها وسيلة أساسية لضمان بقاء الفقراء
ب ـ أرض الجموع والنقاش المجتمعي بين الأمس واليوم: منذ بداية الألفية انطلق النقاش حول أرض الجموع، والراجح أنه يعود إلى بداية استقلال المغرب. ومعلوم أن هناك نظرةً سلبية لهذه الأرض حملها بعض رواد الحركة الوطنية، لأن ذلك يتنافى والاندماج (سياسة الاستيعاب). ذلك أن أرض الجموع تعبر عن الخصوصيات المحلية، بينما الاندماج السياسي يقضي تجاوز الخصوصيات، بما هي تكريس البلقنة. وهناك من رأى أن ليس هناك جماعة سلالية خالصة، وهو تصور ميتافيزيقي. وهناك نظرة سلبية حملها مهندسو التنمية القروية لأنها عائق أمام الإصلاح الهيدروفلاحي. إن أرض الجموع غير محفظة مما يعيق الحصول على قرض ويؤثر على استقرار الضيعات الفلاحية، فوق أنها غير قابلة للتفويت مما يتنافى واقتصاد السوق. إنه مشكل ذو صلة بصعوبة الإصلاح الفلاحي، لكن نقاشا من نوعه لم يستمر بعيدا. ولم يستأنف النقاش إلا مع بداية الألفية الثالثة لحمله من لدن ذوي الحقوق وخاصة النساء والشباب العاطل. وقد فوت التأثير على النقاش الذي سبقت الدستور الجديد الذي يقدم إجابات على مطالب فئوية، ولقد قدم أمثلة للاستشهاد، الحركة النسائية، والحركة الأمازيغية، وهيئات المغاربة المقيمين بالخارج، والمركزيات النقابية، والنخب الشابة (إحداث مجلس استشاري للشباب والعمل الجمعوي)، ليفصح عن غياب ذكر الأرض الجماعية في الدستور.
ولاحظ السيد فوزي بوخريص نموا في مواقف حول الأرض الجماعية، فبات الاعتناء بذوي الحقوق ضروريا، بموازة نمو أطماع المضاربين العقاريين والجماعات المحلية وبالتالي فالملف –يجب أن يكون- ملف المجتمع. واسترسل في الوصاية خاصة ريث بحث الوزارة عن مخارج، من ذلك اقتراح وزير الداخلية الشراكة بين الدولة والجماعات السلالية ليشمل المنعشين العقاريين الخواص، وذلك خلال الندوة المنظمة من لدن وزير الداخلية سنة 1995. ورأى أن هناك منطق اقتصادي ليبرالي، ومنطق تنموي تضامني، ومنطق يقوم على الريع. وقد وجب تصحيح العلاقة بين هذه الأشكال.
ج ـ محدودية منطق الوصاية على أرض الجموع وضرورة التجاوز. أفصح بول باسكون في الثمانينات من القرن الماضي بأنه لم يعد للدولة ما تقدمه لأرض الجموع، لذلك فالمعول عليهم المواطنين والمواطنات. ذلك أن فرنسا لما وضعت قانون 1919 وضعته لتحقيق مرادها الأطماع الاستعمارية، لكن الدولة حافظت عليه. وإن فعلت الدولة شيئا فقد دبرت الأرض تقنيا بالمسح الطوبوغرافي وجمع المعطيات، وإيجاد قاعدة من المعلومات الجغرافية لأرض الجموع، وكل ذلك متصل بالهاجس الأمني، لنزول وابل من الشكايات على إدارة الداخلية، لارتفاع وقع الترامي على الأرض. وفي المجال القانوني لم يحصل تغييرا جدريا وتعديلا ذا أهمية عدا بعض الدوريات التي هي بمثابة استنساخ للقانون، إذ تحاول سد عدة ثغرات. ولم يحدث التفكير في منظومة قانونية جديدة.
د ـ أرض الجموع والدستور الجديد والحكامة: وعرج إلى الدستور وقال إنه لم يحمل الكثير، فوق أنه لم يستغرق بعض المداخل، لأنه دستور برنامج لأنه لم يتضمن الضمانات، لذلك وجب البحث عن منافذ التغيير ضمن الدوريات، لتضمنها التعليل، وهو مساعد في بناء الاقتراحات لتغيير القانون. واستشهد بدورية رقم 60 بتاريخ 20 أكتوبر 2010. فالتعديل المضمن في المذكرة أنها صادرة تحت ضغط الاستنكار، فوق أنها استلهمت من الدين حق المرأة في الإرث. وقد استلهمت الدورية ما حملته مدونة الأسرة. واستشهد كذلك بدورية 30 من شهر مارس 2012 والتي تعلل قرار تغيير قرار القانون بالنصوص الدستورية والاتفاقيات الدولية. وباختصار فالدورية تمثل المنافذ الممكن توسيعها للولوج إلى التغيير. والرهان الأساسي لا يكمن في الديباجة ولكن في الحراك السياسي وصياغات مذكرات ترافعية على أساس حجج ذات أهمية. لذلك وجب عد الموضوع سمة السجال على المستوى المجتمعي.
• المداخلة الثانية أرض الجموع بين المرجعيات القانونية وإشكاليات الأجرأة. ذكر في مستهلها السيد الحسين أوسقل أهمية الموضوع ومناسبته بما هو يأتي تناوله في ظل الحراك الاجتماعي. وأشار إلى أنه سينظم مداخلته في شقين: الشق القانوني والشق ذو الصلة بالأجرأة. وأما العرض ففي ثلاث نقط، المفهوم، والقراءة في المرجعي والهياكل التدبيرية، ومعيقات الأجرأة على مستوى تنزيل تلك المذكرات.
وعن المفهوم هناك الملكية الخاصة والأرض الجماعية التي صنفها حسب طبيعتها (أرض النايبة، وأرض الجيش، والأرض السلالية). وحدد أرض الجموع في النظام العقاري المغربي واقفا عند بعض التعاريف والمفاهيم. ما المقصود بالأرض الجماعية؟ هناك عدة تعاريف: أولها تعريف الدكتور ألبير كيوم في كتابه «الملكية الجماعية بالمغرب » بأنها شكل من أشكال الملكية غير مستمدة من الشريعة الإسلامية وإنما هي نظام يرتكز فقط على العرف والعادات سيما في السهول وأن أصل الملكية القبلية الجماعية، يرجع إلى ما قبل الإسلام، ولا وجود لها لا في الكتاب ولا في السنة، ولا حتى في المذهب المالكي، وينفي عنها طابع المؤسسة الإسلامية. وهناك تعريف الأستاذ عبد الفتاح الذهبي في كتابه «الأموال العمومية في القانون المغربي» ذهب إلى أن الأرض الجماعية وجدت في المغرب منذ القدم وكان أساسها العرف، وفي الأصل هي أرض فلاحيه قروية تملكها جماعات عرقية في شكل قبائل أو فخذات، وأن نظام الملكية الجماعية يشكل مرحلة أولية من المراحل التي أدت إلى ظهور الملكية الفردية. وخلافا لما ذهب إليه ألبير كيوم فإن الأرض الجماعية تدخل ضمن صنف أرض الموات، لأن القبائل هي التي أحيتها، وجعلتها قابلة للفلاحة أو الرعي، وبقيت مشتركة بين أعضاء الجماعة في إطار الملكية الشائعة، اعتمادا على التماسك القبلي الذي كان هو السائد الأساسي في تشكيل الملكية الفردية. ونظرا للفوضى التي شهدها المغرب مع بداية الحماية حيث لجأ سكان قبائل السهول وأعيان شيوخ القبائل إلى رسوم ملكية هذه الأرض الجماعية عمدت سلطات الحماية إلى إصدار ترسانة من القوانين للحفاظ على هده الثروة من النهب، لم يتردد السيد الحسين أوسقل في سردها ضمن المداخلة. وتناول ظهير 1919 الذي اعتمد المناشير السابقة، وهو ظهير تعرض لبض التعديل. ولم يغفل تسجيل أربع ملاحظات، والحديث عن التعديلات التي لحقته. ومن خلال الجرد التعديلي اتضح غموض الظهير وتشتت النصوص المنظمة للأرض الجماعية. وعن الوصاية رأى أن قرارات النواب ذات علاقة بمجلس الوصاية الذي يترأسه وزير الداخلية وأعضاء آخرين. وذكر الدليل الشامل للضوابط المتعلقة بانتقاء الشخص المؤهل لتدبير شؤون الجماعة السلالية واختصاصاته. سرد كذلك الشروط التسعة الواجب توافرها في نائب أرض الجموع، ووقف كذلك عند مساطر اختيار نائب أرض الجموع، وكيفية الطعن، ودور السلطة الإقليمية في مواكبة الطعون. وعرض ملف اختيار النواب ومدة ولايتهم وأدوارهم. ووقف أخيرا عند الإجراءات بما هي خلاصات محببة في مداخلاته دون إغفال اقتراح توصيات للمناقشة والتقاسم.
المداخلة الثالثة للسيد سليمان مزيان حول تجربة الألفية الثالثة حول الحملة الترافعية لمساندة النساء السلاليات. ذكر أن الجنوب الشرقي تعرف إقصاء وتهميشا لأن الدولة ركزت على المثلث القنيطرة، والرباط والدار البيضاء، فضلا عن انتهاك حقوق الإنسان، ووقف عند غنى المنطقة بالماء والمعادن. ووقف عند سوء تدبير استغلال الموارد الطبيعية وضمنها الأرض الجماعية. وخال موضوع الأرض الجماعية ذا راهنية خاصة، مذكرا أن علاقة النساء بالأرض الجماعية كانت اشتغلت عليه جمعية الألفية الثالثة لتنمية الفعل الجمعوي.
إن سرعة تفويت الأرض السلالية في المدار الحضري والقروي واحدة من الإشكاليات التي يعرفها ملف الأرض الجماعية. وعن الحملة الترافعية رأى أنها ضروري لفقر النساء، ولوجود منهن من يحمل الملف (مناضلات من أيت هاني، وإملشيل، تعرض نساء الحنك ومدغرة للتحرش). وأشار أن ما يستوجب فعله التكيف مع المستجدات. قامت الجمعية بتعزيز قدرات النساء التواصلية وتوعيتهن حول المسألة لتمكينهن. وهدفت الجمعية في مقاربتها الخارجية للملف إنشاء رأي عام، وإخراج الإشكالية المعقدة من الاختفاء. ووقف عند المكتساب منها نجاح ملموس (إصدار دوريات)، وغير ملموس (ظهور قيادات جديدة غير مألوفة). وأشار إلى التحديات المستقبلية بحماية ما بقي من الأرض بأساليب مختلفة، وسن قانون يضمن حقوق الأفراد بالمساواة.
• المداخلة الرابعة للسيدة زهرة عابيد. رأت الموضوع قنبلة موقوتة، أفصحت عن سمة مداخلتها، وأكدت أنها تتناولها من خلال تجربتها. عرفت الأرض الجماعية بما هي ملكية جماعية ترجه ملكيتها للقبيلة، وليس للفرد. وكان يحصل الانتفاع بها واستغلالها عن طريق تنظيم الجماعة كأداة تنظيمية مؤطرة داخل القبيلة، لفائدة العائلات المكونة منها، وفقا للتقاليد والأعراف. وأشارت إلى تدخل الدولة، في وقت متأخر، في تدبير الأرض الجماعية بإنشاء جهاز تابع لوزارة الداخلية، أضحى هو الوصي عن الأرض بدل الجماعة، وفق ما تضمنه ظهير 1919. إن الوضعية الحالية لأرض الجموع معقدة وخطيرة، يزداد تعقدها في الحال، وخالت الربيع العربي دورَه مهما لتحقيق قفزة نوعية بصدور دستور 2011. وأمام الإرادة الحالية تبدو مواجهة الفساد وجيهة، وقد طفق يحصل ذلك كما يُلمس من نضالات من أجل تحقيق مطالب من هذا الشأن. لقد أصبح ذوو الحقوق الرجال والنساء متساوين في الاستفادة من الأرض الجماعية وفق ما هو مسطر في بعض الدوريات (الدورية العدد 60 بتاريخ 2010، والدورية الوزارية عدد 17 بتاريخ 2012 على سبيل المثال) ورغم ذلك هناك خلل في الأجرأة. ووقفت عند تطور الوعي الجماعي لذوي الحقوق سيما وأن الدستور الجديد يروم مكافحة التمييز، والحيف والإقصاء، لذلك حقت المطالبة القوية لنساء بعض الجماعات السلالية بحق الاستفادة من الأرض الجماعية. وخلصت إلى ضرورة فتح نقاش جاد ومسؤول بين جميع الأطراف المتدخلة لفتح قنوات النقاش بين المتضررين والسلطات وكذا الوقوف على أليات مشتركة للتدبير الجيد لهذه الأرض، وسد الثغرات التي تركها ظهير 1919، بعد تمحيصها، والمساهمة في المسلسل الترافعي من أجل تعديل القانون.
المداخلة الخامسة خُصّت تقديم تجربة تبونت بما هي جاوزت اللوائح. لما تذكر الأرض السلالية يسال لعاب الجميع، المضاربون العقاريون دعاة الانتخابات. تبونت قبيلة عريقة تنتمي إلى ترميكت الجماعة القروية القريبة من ورزازات. عرفت تبونت انفجار ديموغرافيا لذلك تعمقت الحاجة إلى السكن. إنها تعرف أوضاعا مزرية، ورغم ذلك يلفون أمامهم أرضا مفوتة بين عشية وضحاها. وهناك ترامي مقصود من لدن رجال السلطة (العمال السابقون). لذلك نشأ التفكير في الإشكال، فتأسست ودادية زعمت بالباطل أنها ستمتع السكان بقطع أرضية، لكن وراءها أشخاص فضلوا وضع الواجب المالي مقابل الاستفادة من الأرض، ولا ذكر للسكان في هذه التجزئة. ولقد توفق هؤلاء من استقطاب أفراد الجماعة السلالية، لذلك اتخذ النضال مسارا آخرا. ولقد ميز المتدخل كثيرا وبالسلب آداء تلك الودادية. ورغم زيغها لا تزال السلطة تستقبلها وتستمع إليها. وقد تمكن هؤلاء من الاغتناء غير المشروع. كان النضال في البدء من أجل البحث عن المداخل القانونية وتعبئة السكان من أجل إقناعهم بعدالة القضية. وهنا وجب التصدية (التصفيق) للنساء اللائي ناضلن دفاعا عن قضية سكان تابونت العادلة والشباب الذين شاركوهن. ولقد توفق المناضلون رجالا ونساء من نسخ اللائحة المعدة من قبل وإعداد لوائح أخرى، تقوم على المناصفة. فُتح المجال لتسجيل الطعون على اللائحة. ويعنينا أن أغلب من هم من ذوي الحقوق مع التغيير. وعرج السيد المتدخل إلى عرض بعض الصعوبات من ذلك تحديد السن الأدنى للاستفادة، ومن ذلك تعذر التوزيع ولقد أنجز التصميم، وطرح شرط آخر يكمن في إعداد التجزئة. ولقد أُعد مشروع للغاية، تلا نصه. إنه مشروع التجزئة السكنية لذوي الحقوق بتابونت، يقع في بقعة أرضية تابعة للأرض السلالية بتابونت في مساحة تناهز 67 هكتار، والمحددة بالتحديد الإداري DA 362. بين جبل إغيل ملولن والطريق الوطنية9. يستفيد منه ذوو الحقوق أصلا وعظما، والتابعون للجماعة السلالية لقبيلة تابونت، والمحددون في اللائحة الاسمية المعدة بقرار الهيئة النيابية ( نموذج رقم 1)، وفق الدوريات الوزارية ( 51 الصادرة بتاريخ 14/05/2007، و60 بتاريخ 25/10/2010، و17. والسكان هم المستفيدون من التنمية محليا بترميكت، عبر المشاريع التنموية الاجتماعية والاقتصادية بالتجزئة (المركبات السوسيو اقتصادية والثقافية ...). وورد في متن المشروع أنه سينجز في 24 شهرا. تقدر التكلفة ب 400 مليون درهم ( وتشمل جميع التجهيزات الضرورية من الربط بالكهرباء والماء الصالح للشرب وقنوات الصرف الصحي وكذا الشبكة الطرقية وهو رقم خيالي، يتعذر توفيره. ولقد تماطلت العمالة قسم الجماعات المحلية، والمجلس الإقليمي، والجماعة المحلية ترميكت، والمجلس الجهوي، ووكالات أخرى، ويفيد ذلك غياب إرادة المساهمة والدعم لإنجاز المشروع رغم استقامة المشروع وسلامته. وبموازاة مطلب التجزئة ظلت الأرض تفوت بغية إنجاز مشاريع المؤسسات الاجتماعية وقد ثبت أنه من المتعذر تحقيق المراد. وحدد للمشروع 14 شريكا محتملا على المستوى الوطني، و7 منظمات دولية. وعن التمويل أشار أنه بالنظر إلى المساحة الإجمالية للأرض التي سيقام عليها مشروع التجزئة السكنية لفائدة ذوي الحقوق «67 هكتار»، والمقدرة ب 400 مليون درهم، فإن مساهمة ذوي الحقوق ستنضاف إلى الدعم المأمول والمطلوب من الشركاء المحتملين.
ملخص المشروع «يستهدف المشروع تلبية حاجات الساكنة ذوي الحقوق بتابونت، لتمديد عمراني لإقامة تجمع سكني يحترم شروط السكن اللائق، وبمواصفات حديثة من أجل تجاوز الأزمة السكنية، ومعضلة التعمير التي يعاني منها السكان ذوي الحقوق بتابونت، نظرا لتنامي اكتظاظ السكان مع ارتفاع معدل الأفراد داخل مسكن واحد، حيث يتعايش عدد من الأسر في منزل واحد، بل في غرفة واحدة، مع ما ينتج عن ذلك من تداعيات اجتماعية سلبية كتفاقم النزاعات و الصراعات، وفقدان الراحة النفسية، وغياب الأمن والآمان لدى أغلب الأسر بسبب اضطرارهم للسكن داخل بنايات آيلة للسقوط والمهددة بالانهيار. وهذا ما يؤكده «إشعار بخطورة منزل مهدد بالانهيار» المسلم من طرف المجلس الجماعي لترميكت تحت إشراف السلطة المحلية، تطلب فيه من الساكنة ضرورة إخلاء منازلهم المهددة بالانهيار، والانتقال إلى مسكن آمن، ( أنظر نماذج الإشعارات).
كما يتوخى المشروع تنظيم المجال الترابي للجماعة السلالية، عن طريق محاربة البناء العشوائي، والعمل على تجهيزه، تحقيقا لسكن ملائم يحترم حقوق المواطنة، ضمانا لحياة كريمة للأفراد والجماعات. والمساهمة في محاربة الهشاشة والإقصاء الاجتماعيين في أفق تقليص نسبة الفقر».
ويهدف المشروع إلى ما يلي:
- تنمية الأراضي السلالية، عن طريق المساهمة في الإعداد الجيد للتعمير وتفعيل آفاق توجيهات سياسة المدينة محليا.
- تمكين السكان من البنية التحية للاستفادة من الخدمات الاجتماعية.
- تمكين ذوي الحقوق من ملكية البقع الأرضية عبر شراكة مع المجلس الجماعي لترميكت. وعُقب تقديم ملخص المشروع حدد الإشكالية وقال إن الأرض السلالية بتابونت، عرفت مجموعة من التفويتات إلى المصالح الخارجية للدولة، وكذا إلى الجماعة القروية، حيث إن أغلب أراضيها أقيمت عليها مرافق عمومية ومنها، محطة الإذاعة الأرضية، ومستودع الإنعاش الوطني، ومستودع البريد والاتصال، والسوق الأسبوعي، والمدرسة الابتدائية ( ابن سينا)، ودار الطالبة، والثانوية الإعدادية القاضي عياض، والمجزرة، والحي الحرفي، والملاعب الرياضية للقرب، والمركب السوسيو ـ رياضي للقرب، والقاعة متعددة التخصصات.
هذا دون ذكر 15 هكتارا أقيمت عليها إقامة البساتين التي – زعم صاحب المداخلة- أنه حصل الاستيلاء عليها بطرق ملتوية ومؤامرة مدبرة لصالح عامل سابق على الإقليم، في الوقت الذي تحرم فيه أغلبية ذوي الحقوق، ويقصون من الاستفادة من توزيع الانتفاع إسوة بالجماعات السلالية المجاورة لنا، والتي استفادت من وعائها العقاري، ووزعته بشكل كامل، وبموازاة ذلك لا تزال الحالة الراهنة للسكان من ذوي الحقوق بتابونت، تعرف وضعا مزريا، حيث إنها تعيش في أزمة سكنية ونفسية خانقة واحتقان اجتماعي مستمر، نظرا لتنامي اكتظاظ السكان مع ارتفاع معدل الأفراد داخل مسكن واحد، مما يؤدي إلى اضطرار عدد من الأسر إلى تقاسم منزل واحد في بنايات آيلة للسقوط ومهددة بالانهيار، وهو ما ينتج عنه تداعيات اجتماعية سلبية، كتفاقم النزاعات والصراعات، وفقدان الراحة النفسية، وغياب الأمن والآمان لدى أغلب الأسر، وعيشهم المستمر في خوف دائم.
إن التجمع السكاني الحالي ذو البنايات الآيلة للسقوط، يتسم بانعدام بنيات تحتية وتوافر أزقة مغلقة وضيقة تحول دون ولوج الخدمات الاجتماعية إليها (الإسعاف والوقاية المدنية، شاحنات النظافة ...). ولمعالجة المشكل المطروح، نشأ هذا المشروع لتجاوز الأزمة السكنية، وإتاحة إمكانية التوافر على سكن لائق وتحسين ظروف حياة كريمة للساكنة ذوي الحقوق، بعد ما كانوا في وضعية تنعدم فيها أدنى شروط السكن اللائق.
ومن الأنشطة المبرمجة لبلوغ الأهداف الإشراف على توزيع الانتفاع من طرف الهيئة النيابية، وتعبئة السكان ذوي الحقوق،عبر اجتماعات ولقاءات تواصلية لإنجاح المشروع وإشراكهم، وإنجاز الدراسات التقنية وتصميم التجزئة حسب قوانين التعمير الجاري بها العمل. ولم يغفل المتدخل المرافعة للعمل على إقناع الشركاء المحتملين للمساهمة في إخراج التجزئة السكنية إلى الوجود، وتنظيم أيام دراسية في إطار التنسيق و التشاور للتتبع والتقويم، وهيكلة إطار يشرف على إنجاز المشروع. ولن يتردد المشرفون على المشروع في إنجاز التجهيزات الأساسية مع التقويم والتتبع، ومراقبة سير الأشغال.
وبعد تقديم المداخلات فتح باب المناقشة ليستخلص منه ما يلي:
- وجود العديد من المتضررين في الجنوب الشرقي وخاصة النساء.
- غياب التنصيص على أرض الجماعية في الدستور.
- ضرورة الخروج بمذكرة وتوصيات لتعديل قانون 1919
- ضرورة الاعتراف بوجود بعض الجماعات وتمتيعها بحقوقها ورفع الميز عنها (جماعة سيدي داود وتاوريرت).
- عدم استفادة الجماعات السلالية من عائدة الكراء
- النظر إلى أرض الجموع بما هو ملف يعني يهم كل المواطنين.
- صمت السلطة عن الخُرق المتعدد، وتهديد المناضلين، واختيار نواب أميين.
- وجوب استيعاب الترسانة القانونية ذات الصلة بأرض الجموع.
- جمع التجارب من أجل تقوية قدرات الفاعلين.
- غياب العدالة مادامت طرفا في هذا الموضوع
- خلق إطار قانوني لتسهيل تدبير الأرض الجماعية بالجنوب الشرقي.
*الفقرة الأخيرة خصصت للورشتين الاثنتين. فالورشة الأولى حول «القيم والمبادئ المؤسسة للقوانين المنظمة لأرض الجموع، نشطها الأستاذ عبد اللطيف قاسم»، ووضع تقريرها الأستاذ عبد اللطيف اكشايت، وشارك فيها 59 مشاركا رجالا ونساء. وكدأبه ينطلق السيد عبد اللطيف قاسم من عنوان الورشة ليستخلص مجال الممارسة، ولا يفتأ يستنطق صياغة العنوان، إذ كلما كانت سليمة، يسلم معها مجال الاشتغال. حصل طرح السؤال: إلى ماذا يحيلنا عنوان الورشة (القيم والمبادئ المؤسسة للقوانين المنظمة لأراضي الجموع)؟ خلص الجواب إلى تحيد ثلاث مجالات للممارسة، القوانين المنظمة بما فيها الأعراف، والمبائ، والقيم. وعن أرض الجموع تبين أنها تستغرق مكونين اثنين الأرض والماء، أي: الموارد الطبيعية. فالقوانين تأسست من قبل على حماية الأرض، وضمان الاستقرار الاجتماعي، وتنظيم الانتفاع، والتدبير، وتأسست في الحال على حماية الحق والنهوض به، وعلى العدالة الاجتماعية، والترابية، والمشاركة في القرار، وتدبير الأرض والماء، والمساواة، والحكامة الجيدة، والإنصاف، والملاءمة، والربط بين الإنسان والموارد. وأما القيم التي تحويها تلك القوانين، فقد طالها هي نفسها تحول. فإذا كانت القيم الاستعمارية قائمة على التضامن، والتكافل، والاستغلال، والاحتراز، والذاتية، فإنه في الوقت الحالي صمدت بعض القيم كالتضامن، والتكافل، وبرزت قيم أخرى كالكرامة، والمواطنة، والمبادرة، والحق والواجب، والاحتراز. ولا يفتأ الأستاذ عبد اللطيف قاسم يركز على مداخلات الجلسة العامة بما هي المنطلق ضمانا لتجانس مضامين اللقاء وتناسقها. فالقيم السالف ذكرها وردت بوضوح في ما سلف ترويجه من الأفكار في الجلسة العامة. ولترسيخ القيم الحالية بما هي وليدة تطور مواقف السكان تجاه الأرض الجماعية، لا بد من توافر ثلاثة عناصر بما هي ثلاثة مجالات للحفر، الإرادة السياسية والسلوك والآليات. فعلى مستوى الإرادة السياسية ثبت تجليها في الدستور، والخطاب السياسي، ولا شيء غير ذلك، وعلى مستوى الآليات تبين ارتباطها بالقوانين والمقاربات، مقاربة النوع والحق، والمقاربة الترابية. ولما حصل تقدم في النقاش تبث إدراج مجال المرجعيات واقعها وحالها من قبلُ، ومن بعدُ [ظرف مبهم مبني على الضم] ففي السابق سادت الأعراف، واعتمد القانون المقارن، وحصل الاستئناس التجربة في أقطار خاصة، لأن فرنسا حبّت ألا تكرر في المغرب ما ارتكبته في الجزائر وتونس من أخطاء، لذلك كان ظهير أبريل 1919 مستحضرا تجارب فرنسا في احتلال الأرض وتخصيصها. وأما الآن فهناك المواثيق الدولية، والدستور، والقانون، وهناك أيضا الأعراف والخصوصيات المحلية والشرائع . وهنا وجب تسجيل ملاحظة مفادها أنه على مستوى المرجعيات حصل نقاش حول إدراج الشريعة الإسلامية كمرجعية. وحصل ذكر أن هناك أعراف يهودية أقدم من الشريعة الإسلامية، وحصل الاتفاق على تجاوز هذه النقطة لأنها من محاور الورشة الأولى. وللتوضيح، فقط، فكل نظم الماء والأرض بالجنوب الشرقي ذات ارتباط باليهودية الأمازيغية. وفي مجال السلوك جاز تغيير الوعي والمواقف، والاعتراف بالآخر، وممارسة الديموقراطية الداخلية، وتصحيح رؤية مشتركة، وتغيير المواقف ما بين المؤسسات، الأفراد والمجموعات، والنوع، وتغيير المواقف ما بينها وما بين المجال. ولضيق الوقت تعذر تحليل مجال الأجرأة فاستقر الرأي على الخروج بالتوصيات التالية:
- الاستمرار في دينامية الترافع.
- هيكلة المجتمع المدني (التنسيقية)
- إصدار مشروع دليل حول أرض الجموع بالجنوب الشرقي
- بنك المعطيات حول الموضوع
- التصدي لكل أشكال الانتهاك
- فريق عمل لوضع خريطة الطريق
- إعادة النظر في الترسانة القانونية المنظمة لأرض الجموع
- تنزيل مقتضيات الدستور في المجال
- مشاركة المجتمع المدني في وضع المقترح
الورشة الثانية أي دور للمجتمع المدني من أجل قانون أرَضي [أرضين ملحق بجمع المذكر السالم] الجموع ملائم مع روح الدستور وتنظيمه؟ فقد حصلنا على ما دونه مقررها السيد مولاي المصطفى أولاد الشريف. وأما مسيرها فهو السيد محمد الهكاري. حصل بعد عرض أرضية الورشة، بتقديم مجموعة من النصوص الدستورية ذات الصلة بالموضوع، الفصول 12، و13، و14، و19، وفي الواقع هي فصول يمكن الاستئناس بها علما أن الدستور المغربي كما سلفت إليه الإشارة لم يحو شيئا عن استغلال الأرض الجماعية. وقد خالها السيد محمد الهكاري أن المجتمع المدني طالما يرتكز عليها لاستغراقها المساواة وتكافؤ الفرص والديموقراطية التشاركية، وذلك هو المطلوب فعله في تدبير أرض الجموع. وعقب تدم النقاش حصل الاتفاق على أهمية الترافع من أجل قانون منظم لأرَضي [حذفت نون أرضين لأنه مضاف] الجموع، وجرى طرح النقط التالية:
ففي ما قبل الشروع في الترافع وجب التوعية والتحسيس والتكوين والتواصل، والتشخيص التشاركي للإشكال، وتعميم المعلومات. وعُقب ذلك يوضع تصور موحد لتدبير الملف أولا، واستثمار الفرص المتاحة كالدستور، ودينامية المجتمع المدني، وحركية المجتمع ثانيا، وصياغة مذكرة مطلبية أخيرا، يقترح أن تستغرق إلغاء ظهير 27 أبريل 1919، وإصدار قانون جديد يراعى في متنه التصور الجديد. ولما تصاغ المذكرة المطلبية يجري طرح أشكال الترافع للنقاش. وقد افتُرض فيها أن تكون كالتالي:
- استغلال الفرص التي يتيحها الدستور: العرائض، تقديم مقترح قانون......
- تعبئة مؤسسات الحكامة للانخراط في الدفاع عن الملف.
- تنظيم لقاءات وندوات ومناظرات جهوية ووطنية.
- مساندة جميع الأشكال النضالية.
- إنتاج دعامات تحسيسية
- فتح حوار حول المذكرة المطلبية مع الأطراف المعنية.
- التنسيق مع الجمعيات الأخرى
وعُقب ذلك حصل الاتفاق على ضرورة إحداث لجنة المتابعة تتضمن جميع أقاليم الجنوب الشرقي المغربي، مع مراعاة مقاربة النوع وتعددها تتضمن جميع المتدخلين في الموضوع (مجتمع مدني، جماعات سلالية، مجالس جماعية، مصالح عمومية معنية، إعلاميون، خبراء)، على أن يعهد للجنة متابعة التنفيذ التنسيق والإخبار. وفي الأخير جرى تقديم التوصيات التالية:
- ضرورة تشكيل لجنة محلية للتتبع والتنسيق.
- ضرورة استحضار التدبير الديموقراطي للأرض السلالية في المذكرة الترافعية
- ضرورة إحداث ملتقيات محلية
- تنظيم مناظرة وطنية في الموضوع.