سياقة ُالمرأةِ سيّارتـَها حَـقٌ طبيعي



ابراهيم عباس نتو
2005 / 6 / 2

إن عدم تمكين الدكتور محمد آل زلفة في "مجلس الشورى" من حتى عرض مقترحه لتمكين المرأة من سياقة سيارتها، ..و إن حجب حتى "نقاش" الموضوع ..حتى كمقترح "مجالسي"، لهو أمر مأسوف!



و من عجب أننا.. و قد حل القرن الواحد العشرون .. و معه أيضاً بضع سنين، و لا نزال نتداول و نتلاوك "أحقية" المرأة في تصرفها فيما يخص خصوصيتها..مثل قيادة سيارتها،..بل، و كأنها لا بد أن تكون أو أن تبقي "قضية"!



إن حادثة عدم التمكن في "المجلس" من (حتى) "مناقشة" مقترح سياقة المرأة سيارتها، رغم توسيع المجلس مؤخراً -إلى 150، بزيادة صافية 25%!.. و رغم ضخ بعض الدماء الجديدة(90: 30 منهم جُدد و60 لم يجدد لهم.. لتقادمهم) ..لهي حادثة محزنة.



إن عدم تمكين المجلس من حتى "مناقشة" (ناهيك "إقرار") موضوع تمكين المرأة من سياقة سيارتها (بدلاً من الاعتماد على "سائق" أجنبي مستقدم بتأشيرة ..و المضي في السياقة لها،..و تركه في مصاحبتها في صُبحها و مساها، في حلها و ترحالها، في داخل المدن و في منتجعاتها، في أول المساء و في عماية الفجر، غُدواً و رَواحا (...) ، لهو موضوع آن أوان إعادة النظر فيه.. و البحث فيه بجدية و بشيء من الوطنية و الحساسية(السوية) .. غير ما ألفناه من الأنواع التشنجية التزمتية.



أوجه كلامي لعموم الزملاء و الزميلات في الوطن العزيز،..و أرجو ملاحظة استعمالي المزدوج (المقصود) لصيغة التذكير و التأنيث، فمع فهمي أن اللفظ الأول ("الزملاء") يكفي لغوياً، إلا أنه تبينتْ مؤخراً أهميةُ التأكيد مع التوضيح، .. بعدما لاحظنا معاناة أخواتنا الكويتيات خلال حوالي الـ44 سنة ..و حتى تمكنَّّ مؤخراً قبل أيام معدودات من إحقاق الحق في نصابه؛ فرغم أن الدستور في 1962م كان من المفروض أن يُفهم منه(لغوياً و حقوقياً) أن تشتمل مواده كُلاً من المرأة و الرجل في أحقية الانتخاب و الترشح! و لكن ذاك لم يكنِ! [.. حتى قبل أيام من عامنا هذا، 2005م!]



و الحادثة الثانية كانت فقدان المرحومة المواطنة من منطقة "نساح" القريبة من مدينة الرياض، و هي السيدة التي توفيت هذا الأسبوع وهي في سن الخمسين أثناء تأدية واجبات بيتها..و أهلها.. تعويضاً عن عجز و مرض زوجها المُقعد... و وفاتها في حادث مروري أصاب سيارتها الـ"داتسون" أثناء قيادتها هي إياها..في أثناء قضائها تموين بيتها ..و لتوفير مستلزمات ماشيتها.



إن الحادث المروري ذلك،الذي ذهبت ضحيته المرحومة الفقيدة..لهو تذكير بأهمية و لزوم أن تسوق المرأة سيارتها ..و أن تُمكَّن من أن تقضي حاجاتها و حاجة بيتها و أهلها -- كما كانت المحاولة هنا عند المرحومة المتوفاة. مع الرجاء بألا يستغل تلك الحادثة أيُّ مستغِل.. فيذهب بها نحو منحى سلبي.. ثم يأتي باستنتاج تأكيد ضديته لسياقة المرأة سيارتها.



كما وإن صح ما قرأناه عن أن رئيس المجلس كان و هو في سفرة في الخارج- قد أمر/ وَجَّه نائب المجلس ("بالتوجيه عن بُعد"..) بعدم عرض الموضوع لا جملة و لا تفصيلاً، فتلك إذن خطوة مؤلمة، و فيها تخطي للمجلس بعامة و أعضائه الـ150.. و خاصة بـ"نائب رئيس المجلس"(مسمىً و منصباً..و عضواً..و شخصاً)؛ و إلا، فما هو "دور"(نائب الرئيس)؟..و معه: ما هو دور(الأمين العام)؟.. و هلمجرَّا.



لقد كنت قد تصورت أن أصبحَ للمجلس الآن و بعد مضي أكثر من عقد من الزمان.. شيء من التقاليد.. و بعضٌ من النظم و اللوائح الداخلية، بحيث تسير سيرورته..و تمضي هياكله و أعضاؤه في انسيابية و في شيء من السواسية (اللهم ربما مع شيء من الحسبان لـ"الأقدمية" الخ)، و لكن يبقى العضو "عضواً" فاعلاً؛ فكان المفروض أن يبقى الرئيسُ في منزلة أقرب إلى كونه "الأول بين السواسية" (primus inter pares)، لا "الآمر الناهي". (كان في البدء -في البروتوكول القبائلي- أن يقوم أعضاء القبيلة، أو على الأقل أعضاء مجلس الحل و الربط فيها، بمخاطبة شيخهم باسمه: "يا خالد"؛ "يا فيصل"... تأكيداً لمبدأ "الأول بين السواسية".)



و نأمل ..مع زيادة "العدد" في (كَم) عضوية "المجلس" الحالي أن يصاحبها و يتبعها تطورٌ في نوع و جودة أدائه.. حتى يُرسَى و لو بعض الأسس و التقاليد في صيرورة القرارات و سيرورة اتخاذها.. ليكون خيرَ مورِّث لخلفه المنتظر على المستوى الوطني القادم ..البرلمان المنتخب(و لو بعد حين، و لو بعد برهة انتضاج تجربة الانتخابات البلدية و بعد تخـَلُّق "المجالس" التي شُرع في بدء تأسيسها كعمل تأريخي في أنحاء البلاد في 179 من النقاط الانتخابية البلدية على المستوى المحلي) فتعالجُ القضايا الجزئيةُ و الكلية، مما يتصل بكافة أمور الناس من الرجال و النساء على السواء.



و نأمل أن يتم هذا و ذاك.. بروح عصرية..و بأخوية تآزرية.. و بتناصرات وطنية، دونما ترك أي منفذ لعدو أو لطامع من المتربصين بنا لاقتناص الفرص و اغتنام العُلث للتدخل من قريب أو بعيد.. لقحم و فرض الحلول الخارجية.. لتلبية الحاجات الداخلية.


د. إبراهيم عباس نـَـتــُّـو