دعوة للتضامن مع كفاح المرأة العراقية من أجل تحررها ومساواتها بالرجل



حامد الحمداني
2013 / 11 / 1

دعوة للتضامن مع كفاح المرأة العراقية من أجل تحررها
ومساواتها بالرجل
حامدالحمداني
1/11/2013

عندما نجري تقييماً دقيقاً لأوضاع المرأة العراقية في الخمسينات والستينات من القرن الماضي وأوضاعها اليوم نجد أن أوضاعها قد انتكست وتراجعت إلى الوراء منذ وقوع انقلاب الثامن من شباط 1963، وأخذت بالتدهور يوماً بعد يوم بعد أن اغتصب صدام حسين السلطة من سيده البكر، وزج العراق في حرب دموية مفجعة مع إيران بالنيابة عن الولايات المتحدة، تلك الحرب التي دامت ثمان سنوات عجاف من أسوأ نتائجها تدمير البنية الاجتماعية، حيث لم تترك تلك الحرب عائلة عراقية دون أن تقدم ضحية في تلك الحرب المجرمة، فقد تجاوز عدد ضحاياها نصف مليون شهيد، بالإضافة إلى مليون معوق، ومئات الألوف من الأرامل والأيتام بالإضافة إلى الخراب الاقتصادي، وإغراق العراق بالديون.

ولم يكد الشعب العراقي يجر أنفاسه حتى زج صدام البلاد في حرب جديدة أقسى وأشد قادتها الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين والعديد من الدول العربية عندما أقدم الدكتاتور على غزو الكويت، وزادت أوضاع الشعب سوءاً بعد أن فرضت الولايات المتحدة الحصار الإجرامي على العراق، ذلك الحصار الذي أدى إلى تلك الكارثة الاجتماعية المعروفة، والتي دفعت خلالها المرأة العراقية الثمن الأكبر، وخاصة بعد ما دعي زوراً وبهتاناً بالحملة الإيمانية!! التي عادت بالمرأة العراقية القهقرة وانكفأت في بيتها بعد أن أصبحت أجورها لا تساوي شيئا، وبذلك فقدت تحررها الاقتصادي الذي يعتبر العامل الحاسم في تحررها الاجتماعي.

وجاءت كارثة الغزو الأمريكي للعراق وتولي أحزاب الإسلام السياسي الشيعية والسنية، وسيطرة ميليشياتها المسلحة على الشارع العراقي، وفرضها الحجاب على المرأة وتعرض ألوف النساء للقتل على أيدي تلك العصابات المجرمة حتى عادت أوضاع المرأة إلى ما قبل الثلاثينات من القرن الماضي، وفقدت كل ما اكتسبت من حقوق وحريات أبان نضالها الشاق لعقود عديدة بدعم وإسناد من العناصر المثقفة من الوطنيين الديمقراطيين والشيوعيين الذين كان لهم دور فعّال في تطور أوضاع المرأة وتحررها.

ومهما قيل ويقال عن أن المرأة العراقية قد حصلت على تقدم في أوضاعها الاجتماعية ودخولها البرلمان فإن الحقيقة التي لا تخفى على أحد، فقد كان وجودها في البرلمان مجرد إشغال مقعد بموجب القانون الذي شرعه الحاكم الأمريكي بريمر مما أتى بعناصر مبرقعة إلى البرلمان بترشيح من أحزب الإسلام السياسي لا دور فاعل لها إلا ما ندر.
فأحزاب الإسلام السياسي لا تؤمن أبدا بحقوق المرأة ومساواتها بالرجل
بل ينظر إليها من منطلق ذكوري متخلف على أنها قاصرة عقل ودين!!، وأنها دون مستوى الرجل، وأنها خلقت للبيت، وإنجاب الأطفال وتربيتهم، والقيام بشؤون العائلة كافة، وتأمين طلبات الرجل، وهم بلا شك المتخلفون بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وهم عدوانيون لا يقيمون وزناً للعلاقات الإنسانية، وهم أنانيون لا يحبون إلا أنفسهم ولذاتهم، وهم لا يفهمون من الثقافة غير قشورها، وهم في واقع الحال أقل وزناً من المرأة في مختلف مجالات الحياة، وهم الأقل تحملاً وصبراً، والأكثر تهوراً ورعونة، في تعاملهم مع زوجاتهم، ومع بناتهم، أنهم يعيشون في القرن الحادي والعشرين، لكنهم يحملون ثقافة القرون الغابرة في نظرتهم وتعاملهم مع المرأة، وكأنها سلعة من سلع البيت دفع ثمنها مهراً بموجب الشريعة الإسلامية!!
المرأة أيها السادة أكبر وأعظم وأقدس مما تتصورن، أنها خالقة الإنسانية، أنها هي التي ربتكم وعلمتكم وثقفتكم وحرصت عليكم أكثر من حرصها على بؤبؤ عينها، وضحت من أجلكم بسعادتها كي تسعدوا، وبصحتها كي تصحو، وبراحتها كي تنعموا بالحياة، ومع كل ذلك فهي تمارس العمل بكل جد في مختلف المجالات التي قد يعجز الكثير من الرجال القيام بها، العالمة الفيزيائية والكيميائية والمهندسة والطبية والقاضية والمحامية والصيدلانية والمعلمة مربية الأجيال، والعاملة في مختلف المعامل الإنتاجية، بل لقد تجاوزت أرقى سلم الثقافة والعلم، وتولت أعلى مناصب الدولة ليس فقط في البلدان المتقدمة، بل حتى في العديد من دول العالم الثالث الإسلامية كالهند وباكستان وأندونسيا وبنكلادش، دعك عن ألمانيا وبريطانيا والأرجنتين وتايلاند والعديد من الدول الأخرى.
إن اغلب الذين يديرون دوائر الدول الأوربية هم من النساء، فأي ادعاء هذا الذي يدعونه أصحاب المجتمع ألذكوري الذين خولوا أنفسهم قوامون على النساء، وقد اتخذوا من الدين الذي جاء قبل 15 عشر قرناً وسيلة وحجة كي يستعبدوا النساء، ويفرضوا عليهن طاعتهم عنوة، ويمارسون العنف معهن بدعوة أن الدين قد أباح ضرب المرأة، وهم يفرضون عليها اليوم سجناً رهيباً من خلال هذا الذي يسمونه الحجاب، وكأنما قطعة القماش هذه هي التي ستصون المرأة من الزلل، في حين يقترف الرجل نفسه الكثير من الزلات التي يمارسها كل يوم بحرية، ودون حساب.

أن الحجاب الذي يحمي الإنسان من الزلل هو في عقله وتفكيره وسلوكه وتصرفه، أنها الأخلاق والقيم الإنسانية النبيلة، أنها العدالة الاجتماعية بين بني البشر مهما اخلتفت أجناسهم وقومياتهم وأديانهم ومذاهبهم.
ومهما فعل الرجل، ومهما قدم وأنجز فهو عاجز أن يقارن نفسه بالمرأة التي تعمل وتعطي أضعاف ما يعطيه الرجل دون منة أو كلل، وبكل رحابة صدر، حيث تحس بمسؤولية كبيرة تجاه أبنائها وبيتها وزوجها من جهة، وتجاه بني شعبها ووطنها والإنسانية جمعاء من جهة أخرى.
أن القوى التقدمية والعلمانية وسائر العناصر المثقفة مدعوة اليوم لخوض النضال يداً بيد مع المرأة العراقية، والأخذ بيدها للوقوف أمام الهجمة الرجعية الشرسة التي تقودها قوى الإسلام السياسي باسم الدين والشريعة تستهدف إبقاء المرأة في القمقم الذي صنعوه لها مجرد خادمة له وتلبي حاجاته مسلوبة الحقوق والحريات التي كفلها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.